ماذا تعني الصفقة السعودية الإيرانية للشرق الأوسط؟

ماذا تعني الصفقة السعودية الإيرانية للشرق الأوسط؟

المصدر: نيويوركر

بقلم: إسحاق شوتينر

ترجمة: عبدالحميد فحام

تعكس الاتفاقية بين الخصمين الإقليمييْنِ، بوساطة الصين، تحالُفات اقتصادية وأيديولوجية متغيرة. ففي الأسبوع الماضي، أعلنت المملكة العربية السعودية وإيران أنهما ستعيدان العلاقات الدبلوماسية بعد سبع سنوات من قطعها. وقد تعهدت الدولتان بإعادة فتح سفارتيهما واتفقتا أيضاً على البَدْء في التعاون في مجالات مثل الأمن والتجارة. وقد كان التنافس بين المملكة العربية السعودية وإيران -والذي غالباً ما يُستخدم كرمز للتوترات الأوسع بين السُنّة والشيعة- سمة رئيسية للسياسة والصراع في الشرق الأوسط. وقد شاركت كِلتاهما في معارك بالوكالة في اليمن ولبنان وأماكن أخرى. ففي اليمن، شرعت المملكة العربية السعودية بتدخُّل عسكري على أمل إعادة حكومة أطاح بها حلفاء إيرانيون؛ وفي لبنان، أجبرت الحكومة السعودية رئيس الوزراء اللبناني على الاستقالة، في عام 2017، في خُطوة يُعتقد أنها تهدف إلى احتواء حزب الله كحليف لإيران. ويكاد يكون توسُّط الصين لإنجاز هذا الاتفاق من الأهمية بمكان بقدر يساوي الاتفاقية نفسها، فلطالما سعت الصين إلى توسيع نفوذها في المنطقة.

ولمناقشة ما يمكن أن تعنيه هذه الصفقة، تحدثت عَبْر الهاتف مع جريجوري غوز، الخبير في شؤون الشرق الأوسط وأستاذ الشؤون الدولية في كلية بوش للإدارة الحكومية والخدمات العامة بجامعة تكساس "إيه آند إم" (A&M). وخلال حديثنا، الذي تم تحريره من أجل التفصيل والوضوح، تحدثنا عن كيف أن وليّ عهد المملكة العربية السعودية، محمد بن سلمان، ربما يعيد التفكير في السياسة الخارجية لبلاده بعد بضع سنوات من التحجُّر مع الغرب، والنظر في ما إذا كان الصراع بين إيران وإسرائيل في الأُفُق، ولماذا يجب أن تكون الولايات المتحدة أقلَّ خوفاً من التدخل الصيني في الشرق الأوسط.

لماذا أُبرمت هذه الصفقة الآن؟

إنه انعكاس لأهمية الصين المتزايدة في الخليج والشرق الأوسط بشكل عامّ. حيث تشعر إيران إلى حدّ ما بالعزلة في المنطقة، وأعتقد أنها تتوقع المزيد من الضغوط القادمة من الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن القضية النووية. لا أعتقد أن هذا هو سبب استعداد المملكة العربية السعودية للموافقة على هذا الأمر الآن، ولكن قد يكون هذا هو السبب وراء تدخُّل الصين- لمحاولة منع بعض التصعيد بشأن القضية النووية. ولكن حتى لو كانت الحكومة السعودية أقلَّ استعداداً لدعم ضربة أمريكية إسرائيلية لإيران فيما يتعلق بالقضية النووية، فقد لا يكون ذلك كافياً لوقفها.

ما فائدة عقد هذا الاتفاق بالنسبة للسعودية؟

علاقة البلاد بالصين: عندما أتحدث إلى السعوديين، فإن أحد الأشياء التي يؤكدونها لي هي، أنه "يجب ألا تخيرونا بينكم وبين الصين. فالصين تشتري من نفطنا أكثر من أي دولة أخرى - ولا يمكننا المشاركة في جهود الولايات المتحدة لإنشاء كتلة مناهضة للصين. نريد العمل معكم، لكن لا يمكننا عزل الصين". ولذا أعتقد أن أهمية العلاقة مع الصين والرغبة في عدم عزل الصين دبلوماسياً فلربما كان هناك ما نفعله معها. بالطبع المملكة العربية السعودية تتحدث مع إيران عَبْر العراق منذ عام أو أكثر، لذا فليس الأمر كما لو أن ذلك يأتي فجأة من فراغ، وإنما الشيء الذي يأتي فجأة هو دور الصين المركزي في هذا الموقف.

لقد أشارت التقارير الأخيرة إلى أن المملكة العربية السعودية تريد من الولايات المتحدة مساعدتها في بناء برنامج نووي مدني، مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل. أتصور أن إسرائيل لن تكون مبتهجة بهذه الصفقة الجديدة مع إيران، حيث كان الإسرائيليون يتواصلون مع الدول السُّنية الأخرى لغرض ظاهري هو احتواء إيران. فهل هذه الأهداف السعودية -تطبيع العلاقات مع إيران وتطبيع العلاقات مع إسرائيل- تعبر عن اضطراب؟

نعم، هي مضطربة بلا شك، وأعتقد أن توسيع اتفاقية إبراهام لتشمل السعودية، إذا جاز التعبير، ربما كان مطروحاً على الطاولة في هذه المحادثات. كما أفترض أن إيران ترى أنه إذا وقَّعت السعودية على صفقة مع إسرائيل، فإن ذلك سيزيد من عزلة إيران في المنطقة. لذلك أعتقد أن هذين الأمرين مرتبطان ببعضهما. لكني لا أريد المبالغة فيما اتفقت عليه السعودية وإيران، إذ إنني لا أعتقد أن هذا أنهى أياً من القضايا الخلافية في العلاقة السعودية الإيرانية. وبالنسبة لي، فإن العلامة الحقيقية للتقارب السعودي الإيراني ستكون تسوية قضية اليمن، وليس إعادة فتح السفارات في البلدين. فإيران هي القوة الخارجية الوحيدة التي لها تأثير حقيقي على حركة الحوثيين. وهذه المسألة مهمة للغاية بالنسبة للمملكة العربية السعودية، وهي تبحث عن طريقة للخروج.

لا أعتقد أن ذلك ينهي التوترات بين السعودية وإيران في اليمن أو العراق أو سورية أو لبنان أو الملف النووي؛ لأن هذه الملفات لا تزال خلافية. ولكنها مبادرة مثيرة للاهتمام ومختلفة حقاً عما تفعله الصين فيما يتعلق بتدخلها الدبلوماسي في الخليج، ولكن، إذا كان بإمكانهم بالفعل الحصول على بعض التقدم بشأن القضية النووية، فستحصل الصين على جائزة "نوبل" في كل مكان.

محمد بن سلمان كان في الأساس في السلطة في المملكة العربية السعودية على مدى السنوات العديدة الماضية، ورأينا على الأقل في البداية سياسة خارجية سعودية شديدة العدوانية، حيث كان يترأس حرباً كارثية في اليمن، وأيضاً قام بتحرُّك عدواني في قطر من خلال حصارها.

هل نشهد تغييراً في السياسة الخارجية السعودية؟ فلقد ذكرت أنهم يتحدثون إلى إيران عَبْر العراق منذ حوالَيْ عام، وأن هناك بعض الرغبة في محاولة إنهاء الصراع في اليمن. مرة أخرى، لا أريد التقليل من شأن ما يجري هناك فيما يتعلق بالأزمة الإنسانية، التي تتحمل المملكة العربية السعودية المسؤولية عنها إلى حد كبير. لكن لديّ فضول فيما إذا كنت تعتقد أن المملكة العربية السعودية تحاول الانتقال إلى مرحلة مختلفة.

كانت هناك بعض التغييرات. أنا لا أعرف محمد بن سلمان شخصياً، لكنني أعتقد أنه وصل إلى السلطة معتقداً أن المملكة العربية السعودية كانت قوة عظمى - يمكنها أن تتصرف مثل روسيا، مثل الصين، أو مثل إيران التي يمكن أن تقتل معارضيها في الخارج ويمكن لها أن تستخدم القوة العسكرية مع الإفلات من العقاب والنجاح بتحقيق أهدافها. كان أسلاف محمد بن سلمان، جيل والده، حذرين للغاية. فلقد كانوا يعرفون حدود القوة السعودية، ولست متأكداً من أنه أدرك هذه الحدود، لكنني أعتقد أنه ربما يتعلم هذه الحدود الآن. ولذا فإننا نرى كما أعتقد سياسة خارجية سعودية أكثر حذراً. لكنها أيضاً سياسة خارجية مبنية على فكرة أن السلام الأمريكي قد انتهى وأننا في عالم أكثر تعدُّداً للأقطاب. ومن أجل المصلحة الذاتية السعودية، تعتبر العلاقات مع الصين والعلاقات مع روسيا مهمة؛ لأنه لا توجد قوة عظمى واحدة حصرية للتعامل معها بعد الآن.

لا يقدّر الناس في الولايات المتحدة مدى أهمية هجوم أيلول/ سبتمبر من عام 2019 على منشآت النفط السعودية بالنسبة للمملكة العربية السعودية. كانت هذه هي المرة الأولى التي تهاجم فيها إيران الأراضي السعودية، مع إنكار غير معقول. فلم يكن واضحاً من الفاعل، هل الحوثيون أم من طرف العراق؟ كان عدم قيام الولايات المتحدة بأي شيء رداً على ذلك أمراً صادماً للسعوديين، وأعتقد أن بعض التواصل مع إيران بدأ في تلك المرحلة، وهو ما فعله محمد بن سلمان. أدرك أنه قد لا يحصل على دعم من الولايات المتحدة لسياسة عدوانية تجاه إيران. أعلن المتمردون الحوثيون مسؤوليتهم عن الهجمات التي نفذتها طائرات مسيرة على منشآت معالجة النفط السعودية في بقيق وخريص. واتهمت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون إيران بمساعدة المتمردين.

هل هناك أسباب أخرى قد تدفع السعودية إلى التواصل مع روسيا والصين؟ ربما لأن لديهم أنظمة حكم يحكمها أشخاص يشبهون محمد بن سلمان، لذلك هو أكثر تعاطفاً تجاههم؟ ليس من الجيد أن تتعرض لانتقادات من قِبل إدارة بايدن بشأن جمال خاشقجي، أو حول الزجّ بناشطات حقوق المرأة في السجن، أو أي شيء آخر. باختصار هل هذا التواصل أيديولوجي كما هو عملي في نفس الوقت؟

أنا أستبعد ذلك لأن الولايات المتحدة تظل الداعم الأمني الرئيسي لابن سلمان فيما يتعلق بمبيعات الأسلحة، من حيث التدريب العسكري، من حيث تبادُل المعلومات الاستخباراتية، وكل هذه الأشياء. ولا أعتقد أن تواصُله مع الصين وروسيا يعود إلى عهد بايدن أو حتى أوباما. فقد تم الاتفاق مع روسيا من خلال أوبك +. وكان هذا جهداً من المملكة العربية السعودية لإدراج روسيا وبعض الأعضاء الآخرين من خارج أوبك، وعلى رأسهم روسيا، في الجهود المبذولة للحفاظ على الأسعار في سوق النفط العالمية. حدث هذا أولاً في منتصف العشرينيات من القرن الماضي عندما حدث انهيار في أسعار النفط حوالَيْ عام 2015، وانهارت مرة أخرى في عام 2020 بسبب تفشي فيروس كورونا. اعتبرت المملكة العربية السعودية أن التعاون مع روسيا ضروري لأسعار النفط. حتى مع وجود الحرب في أوكرانيا، حافظت الحكومة السعودية على الاعتقاد بأنها بحاجة إلى علاقة مع روسيا للقيام بذلك.

في كثير من الأحيان لا تتعاون روسيا، وتزيد المملكة العربية السعودية من ضخّ النفط بشكل كبير وتدفع الأسعار إلى الانخفاض لتظهر لروسيا أن عليها أن تتعاون. لكن الموقف السعودي في هذا الأمر هو أنهم بحاجة إلى روسيا لإدارة سوق النفط العالمية. هذا قبل تولي ترامب لمنصب رئيس الولايات المتحدة، وهو بالتأكيد يسبق ولاية بايدن. يعود التواصل مع الصين إلى سنين عديدة منذ عهد الملك عبد الله: فبعد أن أصبح ملكاً، كانت إحدى أولى رحلاته الخارجية إلى الصين.

ويسبق التواصل مع الصين باعتبارها سوق النمو الرئيسي لصادرات الطاقة السعودية التوترات التي سادت سنوات أوباما الأخيرة، وخيبة الأمل من ترامب بسبب الهجوم في عام 2019، ثم بالطبع يسبق ذلك التواصُل الجمود مع إدارة بايدن.

ماذا يمكنك أن تخبرنا عن علاقة الصين وإيران في العقد الماضي؟

لا أريد أن أقول إن إيران لديها تقارباً أيديولوجياً مع الصين، ولكن على الأقل هناك فكرة أن الولايات المتحدة هي عدوهم المشترك وعليهم إيجاد قوى عظمى بديلة لأسباب إستراتيجية واقتصادية. أعتقد أن هذا محرك حقيقي لسياسة إيران تجاه كل من الصين وروسيا الآن. إنه اقتصادي جزئياً، حيث إن الصين عميل كبير لإيران أيضاً. لكني أعتقد أن إيران أُصيبت بخيبة أمل إلى حدّ ما لأن الصين لا تريد الانحياز لأي جانب في الشرق الأوسط. حيث تقوم إيران ببيع الكثير من النفط إلى الصين، لكن المملكة العربية السعودية تبيع المزيد، ولذا كانت الصين دائماً تنظر إلى منطقة الخليج مثل أي خبير اقتصادي وليس كما ينظر السياسيون. إنهم يريدون أن يكونوا عملاء للجميع ويريدون منطقة سلمية غير عنيفة حيث يمكن أن تتدفق الطاقة من جميع الأطراف إليهم.

أعتقد أن هذا قد يُبعدنا عن هذا السؤال، لكن دعني أطرح السؤال: ردّ الفعل الفوري في كثير من الدوائر في الولايات المتحدة هو أن هذه هزيمة للولايات المتحدة وانتصار للصين - وهذا هو الفوز بالنسبة لهم هو خسارة لنا.

لا أعرف. أعتقد أنه عندما يتعلق الأمر بمنطقة الخليج العربي، فإن المصالح الأمريكية والمصالح الصينية متشابهة إلى حد كبير. كِلانا يريد أن تتدفق الطاقة من تلك المنطقة، والمنطقة المسالمة والمستقرة تساعد أسواق الطاقة.

وليس الأمر كما لو أن الولايات المتحدة هي القوة الحاكمة في الشرق الأوسط خلال العقود الماضية التي جلبت السلام والوئام وحُسن النية في كل مكان.

إلى أيّ حدّ غيرت الاحتجاجات داخل إيران التفكير الإستراتيجي تجاه إيران والمنطقة؟

لا أعتقد أن الاحتجاجات غيرت الطريقة التي يشعر بها جيران إيران في المنطقة، مثل المملكة العربية السعودية وإسرائيل. إذا كانوا يرون إيران على أنها تهديد، فهم ما زالوا يرونها كذلك. لا أعتقد أن هناك أيّ شخص في المنطقة يعتقد أن هذه الاحتجاجات ستُسقط النظام، وبالتالي لم يكن هناك إحساس، "فلننتظر حتى تتراكم نتائج التطوُّرات ونرى ما إذا كان بإمكاننا تغيير النظام." كانت هذه وجهة نظر خاصة للبعض في الولايات المتحدة، لكنني لا أعتقد أنه تم إثباتها.

يصبح السؤال بعد ذلك حول تصوُّر النظام الإيراني لاستقراره، وموقعه في المنطقة، وموقفه داخلياً. نحن نعلم أن هناك انقسامات في النخبة الإيرانية – فقد انتقد أعضاء النخبة الحكومة القائمة لشراسة قمع المتظاهرين ودعوا إلى بعض التخفيف من القيود الاجتماعية الخاصة بالنساء. أستطيع أن أرى كيف يمكن للنظام أن ينظر إلى بعض التخفيف من عزلته الإقليمية، أو بعض التطبيع مع المملكة العربية السعودية، كميزة إضافية.

كما أنني لا أريد المبالغة في عزلة إيران. فهي من نواحٍ كثيرة، تعمل بشكل جيد للغاية في المنطقة، لكنها تعمل بشكل جيد إلى حدّ كبير مع الجهات الفاعلة غير الحكومية أو الجهات الحكومية الفاشلة، سواء كانوا الحوثيين أو الميليشيات في العراق أو بشار الأسد - الذي أحرز تقدُّماً في حربه، ولكنه في الأساس عبارة عن ميليشيا في سورية – بالإضافة طبعاً لحزب الله. على الرغم من أن العلاقات بين الدول ليست في أحسن حالاتها، إلا أنها جيدة حقاً في التعامل مع الجهات الفاعلة غير الحكومية.

يبدو أن الأشخاص في إسرائيل والولايات المتحدة الذين يدعمون، على سبيل المثال، سياسة خارجية إسرائيلية عدوانية، غاضبون على الأقل في البداية من هذه الصفقة. والسبب طبعاً هو أن أكبر تخوُّف لدى إسرائيل هو من إيران، وهذه الصفقة لن تؤدي إلى احتواء إيران. ولكن، على المدى الطويل، ألا تريد إسرائيل السلام بين السُنّة والشيعة ووئاماً واسعاً في المنطقة؟

يمكن للمرء أن يفهم المخاوف الأمنية الإسرائيلية. حيث إن النظام الإيراني يروج باستمرار لهتافات "الموت لإسرائيل" في التجمعات التي يرعاها النظام وأشياء من هذا القبيل. يمكنك أن تفهم القلق الذي قد يشعر به الإسرائيليون عندما تقترب إيران من إمكانية أن تكون قادرة على تسليح برنامجها النووي. بعد قولي هذا، خاصة بالنسبة للحكومة الإسرائيلية الحالية، إنها أيضاً طريقة لصرف الانتباه عن القضية الفلسطينية، وهي القضية المزعجة في الجسم السياسي الإسرائيلي. كيف ستحكم شعباً لا يريد أن يحكمك إذا كنت لا تريد التفاوض معهم على انفصال سياسي؟

فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الإسرائيلية في المنطقة، السعودية هي الجائزة الكبرى. فكل من الإمارات والسودان والمغرب أصبح لديهم علاقات، أما مصر والأردن، فهما بالطبع لديهما مسبقاً معاهدات سلام وسفارات مع إسرائيل. ولكن المملكة العربية السعودية هي آخِر دولة عربية كبيرة مستقرة لم توقع اتفاق سلام مع إسرائيل، إذا صحّ التعبير.

وتودّ الحكومة الإسرائيلية أن تكون قادرة على التوقيع على اتفاق سلام مع السعودية. جزئياً، يشير ذلك إلى قبول طويل الأمد في المنطقة من العالم العربي. وأيضاً بشكل جزئي، هي محاولة لتشكيل تحالف مناهض لإيران. وأريد أن أؤكد أنني لست متأكداً من أن إعادة العلاقات الدبلوماسية بوساطة صينية بين إيران والمملكة العربية السعودية تمنع الحكومة السعودية من التعاون مع إسرائيل ضد إيران. كما قلت، لا تزال القضية النووية قائمة، والمملكة العربية السعودية قلقة من ذلك، ربما ليس بقدر إسرائيل، لكنها تقلق بشأن ذلك.

لقد ذكرت في وقت سابق أنك تعتقد أن الشاغل الرئيسي للصين في المنطقة هو التدفق المستمر والثابت والخالي من التعطيل للنفط. هل ترى أن لديهم اهتماماً يتجاوز ذلك من أجل إحراز تقدُّم في التواجد في المنطقة؟

يجب أن أستهل هذا بالقول إنني لست خبيراً في السياسة الخارجية الصينية. لكنني اعتقدت دائماً، كما قلت، أن الكثير يعتمد على ما إذا كان الصينيون يفكرون مثل الاقتصاديين أو يفكرون مثل السياسيين. إذا كانوا يفكرون مثل الاقتصاديين، فسيكونون قادرين على الاستفادة من أي أمن يمكن أن توفره الولايات المتحدة، ولن يختاروا أيَّ جانب. إذا كانوا يفكرون مثل السياسيين، فعليهم أن يحصلوا على تواجُد عسكري ويجب أن يكونوا قادرين على حماية ممراتهم البحرية للحصول على الطاقة من الخليج إلى الصين. أعتقد أن الحكومة الصينية لم تتخذ هذا القرار؛ لأنها لا تملك القدرة على اتخاذ القرار الأخير حتى الآن. هذه الحملة الدبلوماسية في وضع مثالي للتأكيد على أن الصين لا تلعب دورها المفضّل، وأنها تريد منطقة مستقرة، وأنها قادرة على ممارسة الدبلوماسية للتحدث مع جميع الأطراف في الخليج، وهو أمر لا تستطيع الولايات المتحدة القيام به.

كيف تعتقد أن تكون ردة فعل إدارة بايدن على هذا الخبر؟

كانت وزارة الخارجية واضحة للغاية: فقد قالت إنها سعيدة بأي شيء يهدئ التوترات في المنطقة. سيكون موقف الإدارة في هذا الصدد، نحن سعداء بأي شيء يخفف التوترات في المنطقة. ثم سيتحدثون إلى المملكة العربية السعودية ويقولون: ماذا يعني هذا الاتفاق بالضبط لمواجهة إيران؟ وما هو موقفكم ونحن نقترب من نقطة يجب أن يتم فيها اتخاذ قرارات بشأن البرنامج النووي الإيراني؟ أخبرونا أين أنتم الآن من هذا، لأنكم من قبل كنتم تشجعوننا دائماً على اتخاذ موقف متشدد، وكنتم ضد عقد صفقات بشأن القضايا النووية مع إيران.

ولكنني أعتقد أنه سيكون هناك الكثير من أعضاء الكونغرس -وسيكون هذا من الحزبين- الذين سيرون في هذا الاتفاق على أنه فشل للسياسة الخارجية الأمريكية؛ لأنهم تبنوا فكرة صفرية لعلاقاتنا مع الصين. إنها ليست طريقة معقَّدة لفهم كيف سيتعين علينا التعامل مع منافس من القوى العظمى، الذي على عكس الاتحاد السوفياتي، لدينا علاقات اقتصادية واسعة معه. هذه هي المنطقة المجهولة التي نعيش فيها. ولذا فإن نموذج الحرب الباردة الذي أعتقد أن الكثير من الناس في واشنطن بدؤوا في تطبيقه على العلاقات مع الصين ليس الطريقة الأكثر إنتاجية في التفكير في هذا الأمر. إذا تمكنت من العثور على مجالات توجد بها بالفعل اهتمامات مشتركة، فاعترف بها، وقد يكون هذا الاتفاق واحداً من تلك الاهتمامات.

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد