مآسي دعاوى العودة لحضن الوطن...؟! 

مآسي دعاوى العودة لحضن الوطن...؟! 

هناك مثل في بلادنا يقول، إن لم تستح فافعل وقل وصرح وتفلسف كيفما شئت ومتى شئت، وهذا بالتأكيد ينطبق على الأسد وحكومة الأسد ومجلس مصفقي الأسد، ورؤساء وقادة المؤسسات السيادية والإعلامية لآل ومرتزقة وشبيحة الأسد.

حقيقة، أنه وبعد فكاهة مسلسل مراسيم العفو الرئاسية عن المطلوبين و الإرهابيين والفارين، التي أصدرها فرعون" العصر" لم يفاجئني مطلقاً سابقاً، ولن أتفاجأ لاحقاً بالتصريحات الكثيرة والمستمرة التي ما فتئ الأسد و مسؤوليه، وحتى فنانيه من ممثلين ومطربين ومشعوذين حول دعوة السوريين للعودة الطوعية إلى بلادهم و مناطقهم، بل وبالقلم العريض وكما يسمونه إلى حضن الوطن _هذا الحضن_ ونتيجةً لحكم عصابة آل الأسد" وإجرامهم وطائفيتهم وظلمهم، طيلة أكثر من خمسين عاماً فَقَدْ دفئه وحنانه وخسر فراشه وغطاءه "هذه العصابة الإرهابية المجرمة" التي لاتزال تسيطر على هذا الحضن، وتغتصبه وتجهضه وتتحكم به وتحكمه، و تنهب مقدراته و خيراته، وتسرق حاضره وماضيه وربما قادم مستقبله.

عملياً فلب المسألة برمتها أن ما يوصف برئيس شبيحة وزراء سورية المدعو "حسين عرنوس"، كالعادة دعا السوريين في تصريح له الذين شردهم نظامه رغما عن أنفهم في شتى أصقاع الأرض للعودة إلى سورية "السوريين" هؤلاء الذين جعلهم رأس نظام "العرنوس" بسطوة جيشه وأمنه ومرتزقته مشردين تائهين غريبين في مشارق الأرض ومغاربها، .وَجُلُّ المصيبة هنا طبعاً هذا إن تركنا الأسباب الحقيقية المؤلمة لهجرتهم وترك ديارهم وأرزاقهم وممتلكاتهم ، ولجوئهم ونزوحهم وتشتت حالهم و أحوالهم طيلة 12 عاماً جانباً، أن تأتي دعوة هذا القزم المنافق، في ظل أوضاع تمر فيها وبها سورية لا تخطر على بال بشر، وأقل ما يقال فيها أنها مزرية مؤلمة، لا يستطيع العيش فيها إلا كل مرغم قادرٍ على العودة بالزمن والتكيف مع عهود العصور الحجرية القديمة، حتى من أولئك المسمون المنحبكجية وأشباههم من الملونين والرماديين .

في الواقع فإن من أبسط المبسطات المتعارف عليها في بروتوكولات ومراسم الدعوات، أنه عندما يدعو شخص شخصاً آخر، فهذا يعني أن الداعي مستعد كل الاستعداد لهذه الدعوة، ويملك جميع مقومات نجاح دعوته، ويكون قد برمج لها وامتلك من عوامل وأسباب قبولها الكثير، الأمر الذي سيجعل دعوته تلقى أصداء إيجابية وتظهرها على أحسن وأكمل وجه، بل وتكون ذات أثر أقل ما نقول عنه أنه سيكون مُقَدرَاً في نفوس وعواطف ووجوه المدعوين، باعتبار أن الداعي قد وضع في حسبانه تبعاتها النفسية والاقتصادية ، ودرس وبرمج مقدراته المالية والتنظيمية وسواها على هذا الأساس، أما أن يكون الداعي كركوزاً مملاً وممثلاً مفلساً فاشلاً ، ولا يملك من مقومات نجاح دعوته شيئاً، فهذا يعني أنه سيعرض نفسه بكل تأكيد لكافة أنواع السخرية والاستهزاء والخذلان، ما سيجعله أمام من تشرف ودعاهم لابل وأمام كل من سمع حتى بتلك الدعوى قزماً صغيراً موتوراً وأصغر من كل صغير .

حقيقة فأنا لا أعلم ولم أسمع أو أرى حتى في أيام عهد "فرعون وهتلر" أن مسؤولاً في الدنيا مارس ولايزال يمارس فيه رأس نظامه وجيشه وأمنه وشبيحته ومنذ 12 عاماً، القتل والتهجير والتغييب والإرهاب والترهيب، وفي البلاد ما فيها من أنواع الفقر والجوع والمآسي والكوارث، يدعو أهل ومواطني البلاد ممن هم خارجها أن يعودوا إليها، في ظل وجود ما يوجد من الكوارث والمصائب المستمرة، التي يعيشها مواطنو هذا البلد، و يعجز عن العيش فيه إلا من كتب عليهم من بين سكان المعمورة، وسموا بلا حول منهم ولا قوة بالسوريين، الوحيد الذي علمته يفعل مثل هذا هو المجرم "بشار الأسد"، ورئيس عصابة وزراءه ذلك المدعو "حسين عرنوس" وبقية جوقة الشبيحة والمرتزقة، "العرنوس" الذي يظن نفسه ربما أنه حقاً رئيساً محترماً للوزراء، فلسنا ندري من خلال هذه الدعوة المميزة أتُرَىْ رئيس الوزراء هذا يضحك ويستهزأ بنا وعلينا أم تُراهُ يضحك و يستهزئ بنفسه الآثمة وعليها، "أظنها الثانية"، ذلك لأنه أيضاً وأقل ما يقال في وصفه أنه تابع مصفق رخيص صغير، ارتضى أن يصمت على القتل وكل أنواع التغييب والجرائم المرتكبة ولايزال يعمل عند من هم أصغر منه وأرخص، ولكنهم وبلا أدنى شك أكثر إرهاباً وإجراماً منه ، فـ "العرنوس" هذا عندما يدعو السوريين للعودة في مثل هذه الأوقات والظروف، والعودة للعيش تحت وفي ظل هذه العصابة والطغمة الفاسدة، حتى ولو كانت دعوته إلى جنة الله على الأرض فلا شيء يدعوه إلى ذلك إلا لأنه ليس عنده شيء يخشى أن يجازف به أو يخسره، وفي النهاية لا عتب على من ارتضى لنفسه أن يكون بوقاً رخيصاً مأجورا، وخادما وفيا عند عصابة هو أرخص منها بكثير .

عملياً فإن القاصي والداني بات يعرف الواقع السيئ المزري الذي وصل إليه رأس النظام وأركان حكمه ، وعلى كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية والمعيشية، وحتى الأخلاقية منها، فعلى ماذا ومن تدعو أيها "العرنوس" الداعي ؟!.

فهل تدعو السوريين الطيبين الصابرين المحتسبين الذين أصابهم ما أصابهم من النائب والمصائب، أن يعودوا إلى سوريتهم ليقفوا في طوابير الغاز والبنزين والمازوت، ليأخذوا ما يأخذوا من نصيب وذل الوقوف عليها؟!. أم تدعوهم لينتظروا في كل ليلة ويوم وساعة رسائل بطاقاتكم الذكية بأن رغيف خبزهم وذلهم قد وصل إليهم بعد طول عناء وانتظار! ؟. أم تدعو السوريين ممن لم يشحطه عنصر أمن ويستبيح آدميته أن يعود لينال شرف الشحط وهدر الكرامة على يد أصغر عنصر أمن أو على يد أي شبيح قزم رخيص!؟.

أم تراك تدعوا السوريين الذين لم يعرفوا خط الاستواء أو جهنم بعد،_ تدعوهم_ لكي يتعرفوا عليها قبل أوانها بكثير، في ظل صيف لاهب قائظ لا ماء ولا كهرباء فيه، أم تراك تدعوهم مع عائلاتهم وأطفالهم لشتاء قطب شمالي سيبيري لا تدفئة فيه ليتعرفوا من خلاله على أقطاب الدنيا كلها مجتمعة! ؟.

أم والأصح ربما تدعوا السوريين الشباب ممن لم يؤدوا خدمتهم الإلزامية في جيش كان يفترض فيه أن يكون "حامياً للديار"، للعودة ليؤدوا خدمة علمهم ليكون مصيرهم فيه عاجلاً أم آجلاً إما قاتل لشعبه وإخوته أو مقتول بِأَيدِيهمْ، أو بأيدي جيشكم وأمنكم وميليشياتكم ومن الظهر! ؟. ولكن هلا سألت نفسك هنا _أيها العرنوس_ إن عادوا فأي علم أيضاً ستدعوهم للخدمة تحت رايته ولواءه ؟ العلم الروسي أم العلم الإيراني، أم يا ترى تحت وربما الأجمل منها الرايات الطائفية الملونة والمزركشة، التي باتت تملئ مناطق وربوع جمهورية عاركم ؟.

ختاماً... أقول لك أيها الداعي لا تتعب وترهق نفسك الأمارة بالسوء في كل حين، فسيعود السوريون آجلاً أم عاجلاً وبلا أي دعوة من أمثالكم، إلى بلادهم ومدنهم وقراهم التي هجروا قسراً منها، عندما يشعرون فقط أن الأمر الذي خرجوا من أجله وضحوا في سبيله وبذلوا لأجله الغالي والنفيس قد تحقق و تخلصوا، وإلى غير رجعة غير مأسوف عليهم من حكم الطغاة وعصابة طائفية مجرمة.

 

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد