لوموند: يجب محاسبة النظام السوري

لوموند: يجب محاسبة النظام السوري

لوموند: يجب محاسبة النظام السوري

 

المصدر: الـ "لوموند"

ترجمة: عبد الحميد فحام

يتناول التحليل حادثة إحالة الضباط الثلاثة التابعين للنظام السوري إلى المحاكمة أمام القضاء الفرنسي بتهمة مقتل اثنين من الفرنسيين السوريين، والد وابنه، في جحيم السجون السورية، في تأكيد من الصحيفة على أن مثل هذا الإجراء لا يكفي لتحقيق العدالة، ثم تنتقل الصحيفة للحديث عن الدول العربية التي تعيد فتح قنوات للتواصل مع النظام من أجل تطبيع علاقاتهم، وتخلص إلى أنه يجب مقاومة هذا التطبيع ويجب أن لا يعتقد البعض أن النسيان هو حل جيد للمسألة السورية.

إن قرار إحالة ثلاثة مسؤولين سوريين متورطين في قمع انتفاضة "الربيع العربي" في سورية عام 2011 إلى محكمة جنائية فرنسية يتعارض مع إغراء نسيان ضرورة تحقيق العدالة.

لقد لقي إعلان يوم الثلاثاء 4 نيسان /أبريل، بإحالة قضية ثلاثة من مسؤولي النظام السوري المتورطين في قمع الانتفاضة المدنية خلال "الربيع العربي" 2011 إلى المحاكمة أمام محكمة جنائية فرنسية ترحيباً كبيراً. حيث سيحاكم الثلاثة مسؤولين بتهمة مقتل اثنين من الفرنسيين السوريين، والد وابنه، في جحيم السجون السورية. ولا يزال سبب اعتقالهم مجهولاً وكذلك أسباب وفاتهم. إلا أن قرار محاسبة هؤلاء المسؤولين السوريين يحافظ على المواظبة للسعي لتحقيق العدالة.

المحاكمة، وهي الأولى من نوعها في فرنسا، تتعلق بشخصيات رئيسية في الجهاز القمعي السوري، متهمين بالتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب, وهم علي مملوك، كبير مسؤولي أجهزة المخابرات والمستشار المقرب لبشار الأسد، وجميل حسن، المدير السابق لفرع المخابرات الجوية، وعبد السلام محمود أحد مرؤوسيه.

بالرغم من أن محاكمتهم ستنعقد غيابياً، إلا أن ذلك يبعث برسالة واضحة إلى نظام اعتبر دائماً الإفلات من العقاب أمراً معتاداً، فهو النظام القمعي الأبرز في منطقة الشرق الأوسط حيث يوجد انتهاك صارخ لحقوق الإنسان في بعض الدول الأخرى، فلقد ميّزت سلالة الأسد نفسها باختيارها استخدام وحشية غير محدودة ضد المعارضة الداخلية التي واجهتها.

في هذا الصدد، ترافقت الحرب التي تمر بها البلاد، والتي أشعلها النظام من أجل جذب معارضة سلمية في البداية إلى ساحته المفضلة، مع اندلاع أعمال عنف غير مسبوقة. ومن المؤكد أن النظام لم يكن يحتكر العنف في البلاد، ولكنه المسؤول الوحيد عنه, بينما لا يزال أكثر من 100 ألف شخص في عداد المفقودين حتى يومنا هذا.

 

https://nedaa-post.com/%d8%a8%d9%8a%d9%86%d9%87%d9%85-%d8%b9%d9%84%d9%8a-%d9%85%d9%85%d9%84%d9%88%d9%83-%d9%85%d8%ad%d9%83%d9%85%d8%a9-%d9%81%d8%b1%d9%86%d8%b3%d9%8a%d8%a9-%d8%aa%d8%af%d9%8a%d9%86-%d8%b6%d8%a8%d8%a7%d8%b7-%d9%83%d8%a8%d8%a7%d8%b1-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b8%d8%a7%d9%85-%d8%a8%d8%ac%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d9%85-%d8%ad%d8%b1%d8%a8/

الأمر الواقع والحسابات الاستراتيجية

بفضل شجاعة المنشقين، جرى تسريب الممارسات القمعية رغم شدة التستر الذي يمارسه النظام، حيث قام مصور الطب الشرعي السابق للشرطة العسكرية، والمعروف باسم مستعار "سيزار" بتسريب الآلاف من الصور، وكذلك تم تسريب شهادات ناجين من مجازر ارتُكبت في السجون السورية. لقد أدت تلك التسريبات بالفعل، في عام 2022، إلى الحكم بالسجن المؤبد في ألمانيا على مسؤول مخابرات سابق متهم أيضاً بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك التعذيب والاغتصاب والقتل للمعتقلين. ويمكن لتلك التجربة أن تتبعها تجارب أخرى، مثل تلك التي تم التخطيط لها في فرنسا.

إن مرور أكثر من عقد من الزمن على بدء ارتكاب تلك الفظائع، دفع القَدَر والحسابات الاستراتيجية الدول العربية التي قطعت علاقاتها مع دمشق إلى تجديدها، بدءاً من الإمارات العربية المتحدة. كما أن العودة إلى جامعة الدول العربية يمكن أن تنظمها المملكة العربية السعودية قريباً، وهو ما جاء على أعقاب الزلزال الرهيب الذي ضرب تركيا وشمال سورية، وهو المنطقة من البلاد الذي لا يزال جزء منها خارج سيطرة النظام، مع دعوات للتطبيع ورفع العقوبات.

يجب مقاومة هذا التطبيع. ففي حين أن عملية "أستانا" السياسية، التي انطلقت في عام 2017 في كازاخستان، لم تولّد أي سبل واعدة، فإن فقدان الذاكرة لا يمكن أن يكون هو الحلّ. فبعد أن أصبح عميلاً لداعميه الإيرانيين والروس الذين أقاموا شراكة عسكرية على الأراضي السورية، وهي الشراكة التي أصبحت الآن قوّة مدمِّرة في أوكرانيا، يجب محاسبة الأسد على حطام البلد الذي ورثه.

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد