لقاء حصري مع محافظ بعلبك الهرمل: ماذا كشف عن رؤيته الاستراتيجية في إدارة المنطقة
جوزيان الحاج موسى-بالتعاون مع موقع „ليبنيز دايلي“
أثار مقطع فيديو يُظهر احتراق كلب صغير على يد أحد الشبان اللبنانيين غضباً واستياءً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة بين ناشطي البيئة وجمعيات حماية الحيوانات الذين طالبوا بالقبض على الشاب ومحاسبته. وفي تفاصيل الحادث، قام أحد الشبان اللبنانيين في بلدة “الرام” التابعة لمدينة “بعلبك” في البقاع اللبناني، بنشر مقطع فيديو على حسابه في “فيسبوك” يُظهر قيامه بسكب البنزين على كلب ثم حرقه. يظهر الكلب الصغير في الفيديو وهو يتلوى ويعاني.
وتعليقاً على هذه الواقعة، كان لموقع Lebanese Daily، حديث خاص مع بشير خضر محافظ منطقة بعلبك، الهرمل حيث علّق خضر على هذه الحادثة، قائلًا، أن قوى الأمن الداخلي قد ألقت القبض على الفتى “ه. ر.” البالغ من العمر ١٥ عاماً، بعد إن كان الفتى متوارياً عن الأنظار. وبعد التحقيق معه، تبين أن الفتى هو الفاعل في الحادثة، وتم توقيفه بتوجيه من المدعي العام البيئي في البقاع، القاضي إياد البردان، الذي أحال الملف إلى النيابة العامة في البقاع لمتابعة التحقيق معه. وفي هذا الإطار، أشار خضر إلى وجود إشكاليتين رئيسيتين فيما حدث.
أولاً، أن هذا الشاب في العشرينات من عمره يعاني من نقص في التربية الصحيحة، حيث يقوم بارتكاب جريمة بشكل بارد ويستمتع بها، ثم يقوم بتصويرها ومشاركتها علناً دون أي خوف أو رادع من جانب الآخرين. وأشار إلى أن مثل هذه الأفعال، إذا لم يتم التصدي لها بحزم، قد تؤدي إلى تحول الشاب ليصبح مشروعاً إرهابياً أو جانياً في المستقبل.
وقد تفاعل رواد وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير مع هذا الحادث، حيث أعربوا عن غضبهم واستيائهم الشديدين تجاه هذا الفعل الوحشي، وطالبوا بتوفير العدالة ومحاسبة الفاعل على فعلته. كما دعوا إلى تشديد القوانين المتعلقة بحماية الحيوانات وتعزيز التوعية حول حقوق الحيوانات وضرورة التعاطف معها.
وفي هذا الإطار، علّق خضر، يجب أن يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان أن مثل هذه الأعمال الوحشية لا تمر دون عقاب، وأن يكون هناك رادعاً قوياً لمن يرتكبون أعمالًا عنيفة ضد الحيوانات. كما أن تعزيز التوعية وتثقيف الناس حول حقوق الحيوانات والحاجة إلى معاملتها بلطف واحترام يعد أيضاً أمراً ضرورياً للحد من مثل هذه السلوكيات القاسية، فتعتبر التوعية بأهمية معاملة الحيوانات بلطف واحترام، أمراً ضرورياً للحد من هذه السلوكيات القاسية.
وأضاف، يجب تعزيز فهم الناس لحقوق الحيوانات وتعزيز القيم الأخلاقية التي تشجع على الرفق والرعاية. ويتعين على المجتمعات والمدارس والمؤسسات التعليمية تضمين برامج توعوية حول رعاية الحيوانات وحقوقها في المناهج الدراسية.
بالإضافة إلى ذلك، قال خضر، يجب تشديد القوانين وتطبيقها بصرامة لمعاقبة المرتكبين لمثل هذه الأعمال الوحشية. ينبغي أن تتضمن العقوبات القانونية عقوبات رادعة لمن يرتكبون أعمال عنف ضد الحيوانات، بما في ذلك الغرامات المالية الكبيرة والسجن، لافتاً إلى أنه يمكن تعزيز حماية الحيوانات عن طريق تعزيز ودعم الجمعيات والمنظمات غير الحكومية التي تعمل في مجال حماية الحيوانات والدفاع عن حقوقها، بالإضافة الى تعزيز التعاون بين الحكومات والمنظمات غير الحكومية والجمهور لضمان الحماية الكاملة للحيوانات وتعزيز الرفق بها.
أما الإشكالية الثانية، فتتمثل في غياب القوانين التي تكون رادعة لهذه الأفعال. وفقاً لخضر، فإننا بحاجة إلى تعديل بعض القوانين لكي تكون العقوبات متناسبة مع خطورة الجرائم. وأضاف أنه لا توجد حتى الآن عقوبات واضحة ورادعة للجرائم المتعلقة بالحيوانات والبيئة. فعلى سبيل المثال، فإن أقصى عقوبة لمن يقوم بقطع أشجار تمتد عمرها لمئات السنين هي التوقيع على تعهد ودفع مبلغ رمزي من المال. وبالتالي، فإنه لا توجد عقوبات تتناسب مع جرائم تلك الطبيعة، مما يتسبب في خلل وكارثة بيئية.
وأشار خضر إلى أن بلدية بعلبك تعمل حاليًا على مبادرة خاصة لإيواء الكلاب الشاردة. ويتم تنفيذ المشروع حالياً، حيث سيتم إجراء نشاط يوم السبت المقبل بمشاركة أخصائيين لتدريب المتطوعين على كيفية التعامل مع هذه الكلاب ونقلها إلى موقع خاص بها.
وأضاف خضر أن المشروع سيكون جاهزاً لاستقبال جميع الكلاب الشاردة مع بداية فصل الصيف، مما يهدف إلى تخفيف الإزعاج التي تسببه الكلاب الشاردة للمواطنين من جهة، وتجنب إيذاء هذه الكلاب من جهة أخرى.
ويُذكر أن المادة (742) من قانون العقوبات اللبناني تنص على أنه “من يقوم قصداً وبدون مبرر بقتل حيوان جر أو حمل أو ركوب أو ماشية من مختلف الأنواع المملوكة لغيره، يُعاقَب بالسجن التأديبي إذا وقع الجرم في ما هو جار على ملك الجاني أو بإجارته أو حيازته بأي صفة كانت من الأراضي أو الإسطبلات أو الحظائر أو الأبنية وما يتبعها”. وتتراوح العقوبة من الحبس حتى ستة أشهر إذا وقع الجرم في مكان جار على ملك صاحب الحيوان أو بإجارته أو حيازته بأي صفة، ومن الحبس من خمسة عشر يومًا إلى شهرين إذا ارتكب المجرم الجريمة في أي مكان آخر.
من جهة أخرى، كان خضر قد أثار في الفترة الأخيرة جدلاً واسعاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي في البلاد بعد تصريح له قال فيه ان راتبه أقل من راتب النازح السوري في لبنان.
وفي هذا السياق، أوضح أن النازح السوري في لبنان لا يتقاضى راتباً من الأساس خاصة اذا كان عاطلاً عن العمل، موضحاً انه وضعه العائلي ميسور لكن من حقه العيش بكرامة من خلال راتبه بلا أي مساعدة من أي احد.
وقال: “مشكلتي اليوم ليست مع النازح السوري ومع التقديمات التي يحصل عليها إنما مع الأعباء الوظيفية الإضافية التي يحملني إياها أنا وسائر القطاع العام ومطالبتنا بعمل إضافي وتقديمات إضافية، في الوقت الذي أصبح مدخوله هو والتقديمات التي يحصل عليها تفوق راتبي. أنا لا أحمله المسؤولية إنما المشكلة في مكان آخر ولو أن النزوح السوري هو جزء من المشكلة المالية الاقتصادية التي نعيشها في لبنان”. وأشار أن خطابه حول هذا الموضوع لم يتغير منذ العام 2017، إنما الذي تغير هو تفاعل الناس مع هذه الأخبار في الوقت الذي لم تهمهم آنذاك.
وأضاف قائلاً، “لم اقل شيئاً جديداً وهذا الكلام الجميع يقوله إنما يبدو أن التوقيت هو من لعب الدور في هذا الانتشار لأن الناس بدأت تتفاعل مع هذه القضية اليوم على عكس تفاعلهم معها قبل الانهيار الاقتصادي الذي حصل منذ العام ،2019 خاصة أن اللبناني اليوم بحاجة الى توضيحات، هل هذا النزوح هو إلى الأبد؟ أم أن الكلام الخطير عن دمج السوريين صحيح؟”
وأكمل خضر، أن ليس هناك من خلفية مسيئة تجاه النازحين السوريين، فهم أهلنا وأخوتنا واستضفناهم منذ بدء الأزمة في بلادهم وما من مشكلة فردية مع أي شخص ولكن هذه الأزمة التي يبلغ عمرها أكثر من 12 سنة لا بد من التعاطي بها جدياً ومعرفة أفقها وإلى أين نتجه.
وعند سؤاله عن التفلت الأمني على الحدود اللبنانية السورية في المنطقة، لفت خضر أن الحدود اللبنانية السورية في محافظة بعلبك الهرمل مثلها مثل عكار والبقاع، هي حدود كبير جداً وتضاريسها صعبة جداً، إنما الجيش اللبناني يقوم ما بوسعه وما يلزم لضبط هذه الحدود بالإمكانيات التي يمتلكها، لكن الإمكانيات المتوفرة غير كافية لضبط الحدود بشكل كامل
وأضاف: “نحن بمحيط عرسال وراس بعلبك والقاع نتبلغ يومياً بتوقيف ما بين 20 و 30 عائلة سورية يحاولون الدخول خلسة من منطقة واحدة. الهاربون من سورية اليوم ليسوا بهاربين لأسباب أمنية هم ينزحون باتجاه الأراضي اللبناني لأسباب اقتصادية ولكونهم قادرون على الحصول على تقديمات لا يستطيعون الحصول عليها في سورية”.
وشدد خضر أن المعالجة الأساسية لهذه القضية اليوم تكمن في المعالجة السياسية فهذه المسؤولية تقع على الحكومة ونحن كمحافظ وجيش نقوم بواجبنا ضمن الصلاحيات التي لدينا ولكن السؤال يوجه الى مجلس الوزراء، وما تتخذه الحكومة من قرارات في هذا الشأن سنقوم بتنفيذها وتطبيقها، مشيراً إلى أن الحكومة تنظر الى هذا الموضوع بجدية تامة وتجتمع لأجل هذه الملفات ولا معارضة من أحد لمعالجتها.
على صعيد آخر، وإنطلاقاً من منصبه كمحافظ بعلبك الهرمل في لبنان، يسعى بشير خضر دوماً إلى إبراز صورة مدينة الشمس الحقيقية كمدينة ثقافية، فنية، زراعية مضيافة بعيداً عما يتم الترويج له على أنها مربع الناس الخارجة عن القانون وتجارة المخدرات وعمليات الخطف فقط.
ولا ينكر خضر وجود بعض المخالفات في المدينة غير أنه شدد على ضرورة مكافحتها وسعيه الدائم بالتعاون مع الأجهزة الأمنية على القيام بالمداهمات وإلقاء القبض على كل من يخالف القانون ويسعى لتشويه صورة المدينة وإظهارها كمدينة التفلت الأمني.
ومع الإعلان عن إطلاق مهرجانات بعلبك الدولية في تموز المقبل، والخوف الذي قد يعتري المواطن اللبناني والسائح من القدوم الى المدينة لحضور المهرجانات، يشدد خضر أن الوضع الأمني تحت السيطرة الكاملة، ولا خشية من حدوث أي تفلت أمني في ظل مواكبة الأجهزة الأمنية لأيام المهرجانات والتنسيق معهم على تأمين الطرقات والحماية لجميع القادمين من مختلف المناطق اللبنانية، مضيفاً أنه ما من سبب امني يعيق وصول أي سائح أو أي زائر للمدينة سواء في فترة الصيف أو خلال أيام المهرجانات، حتى في ساعات الليل المتأخرة، فلا داعي للخوف لان الجيش والقوى الأمنية سينتشرون على كافة الطرق.