في اليوم العالمي للمرأة: الزلزال شرّد عشرات الآلاف من السوريات وعمّق جراحهن
في اليوم العالمي للمرأة: الزلزال شرّد عشرات الآلاف من السوريات وعمّق جراحهن
قالت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان": إن الزلزال المدمر الذي ضرب سورية في السادس من شباط الماضي زاد من مأساوية أوضاع المرأة السورية.
وفي تقريرها السنوي بمناسبة اليوم العالمي للمرأة تحت عنوان "في اليوم الدولي للمرأة الزلزال الذي ضرب شمال غرب سورية كرس الأوضاع المأساوية للنساء فيها وشرد ما لا يقل عن 35 ألف سيدة"، أشارت الشبكة إلى أن أطراف النزاع ما زالت تمارس المزيد من الانتهاكات ضد النساء العاملات في الشأن العامّ.
وتحدّث التقرير أيضاً عن الاعتداءات التي تتعرض لها النساء والناشطات على خلفية عملهن وأنشطتهن في المناطق الواقعة تحت سيطرة كل من "هيئة تحرير الشام" وقوات الجيش الوطني وقوات سورية الديمقراطية "قسد".
الزلزال أثخن ما تبقى من عزيمة المرأة
وتطرّق التقرير إلى تدهور أوضاع المرأة عقب الزلزال الذي ضرب مناطق عدة من سورية وجنوب تركيا فجر الاثنين 6 شباط/ فبراير 2023، مشيراً إلى أنه شرّد ما لا يقل عن 35 ألف سيدة داخل سورية ممن تضررت/ هدمت مساكنهن وأصبحت غير قابلة للسكن، معظمهن كن قد تعرضن سابقاً للتشريد لأزيد من مرة، تركزت معظم حالات التشريد بمنطقة شمال غرب سورية الخارجة عن سيطرة قوات النظام السوري والمناطق المجاورة لها.
كما تُوفيت 1524 سيدة بسبب الزلزال وتأخُّر المساعدات الأممية والدولية منذ 6 شباط حتى 27 شباط 2023، من بينهن 13 سيدة من العاملات في المنظمات الإنسانية، و22 سيدة من الكوادر الطبية وسيدة واحدة من كوادر الدفاع المدني. وقد أدت تداعيات الزلزال إلى مضاعفة معاناة النساء واضطرارهن إلى مواجهة تحدِّيات مضافة.
يتقاطع تقرير الشبكة مع بيان للمنظمة الدولية لحقوق الإنسان "أكشن إيد" قالت فيه: إن "النساء والفتيات السوريات بالتحديد يواجهن مأساة مزدوجة جراء الزلازل"، مشيرة إلى أن الزلزال فاقم معاناة النساء السوريات اللاتي عانين لسنوات من الحرب في سورية، وفقدن منازلهن المؤقتة وجيرانهن وأحباءهن وكذلك سُبل عيشهن.
وذكرت منظمة "أكشن إيد"، أن اثنتَيْ عشرة سنة من الحرب تركت النساء والأطفال دون آباء أو إخوة أو أزواج، وازداد عدد الأرامل أو الأسر التي تعولها نساء وكذلك الأيتام. وأصبح مستقبلهن مجهولاً بشكل كبير.
ووفقاً لـ"أكشن إيد"، فإن الزلزال أثّر على الحوامل اللاتي أصبحن بسبب محدودية الوصول إلى خدمات الاستشفاء والرعاية الطبية اللازمة، معرّضات لخطر حدوث مضاعفات.
وعرض الزلزال في سورية وتركيا نحو 350 ألف سيدة حامل للخطر مع إمكانية محدودة للوصول إلى المستشفيات. كما أن الأمهات المرضعات معرضات لخطر جفاف الحليب بالإضافة إلى عدم توفر الألبان الصناعية، كما أن هناك خطراً متزايداً من فقر الدورة الشهرية.
لذلك بعد أيام من وقوع كارثة الزلزال، أطلقت ناشطات على وسائل التواصل الاجتماعي حملات لتلبية وتوفير هذه الاحتياجات، لكن قُوبلت هذه الطلبات بالاستخفاف". وفقاً للمنظمة.
16 حادثة عنف ضد المرأة خلال عام
سجل تقرير الشبكة أيضاً حوادث العنف ضد المرأة القائمة على النوع الاجتماعي والعنف الأسري مؤكداً أنها من أشكال الانتهاكات التي لم تتوقف طوال مدة النزاع المسلح، وقد اتسعت ممارستها بحق النساء النازحات والمتأثرات بالنزاع والأزمات الإنسانية ووصلت في بعض الأحيان حدَّ قتلها، وذلك على خلفية جنسانية مرتبطة بشكل أساسي بما يطلق عليه مجتمعياً اسم "جرائم الشرف".
واعتبر التقرير أن هذه الاعتداءات والجرائم انعكاس واضح لمدى هشاشة البنية القانونية والقضائية الناظمة لحقوق المرأة، وقد وثق التقرير منذ آذار/ مارس 2022 حتى آذار/ مارس 2023 ما لا يقل عن 16 حادثة عنف ضد المرأة من بينها حالتَا قتل طالت النساء بدافع جنساني على يد أسرهن أو شركائهن، معظمها بذريعة "الشرف" أو رفض النساء لتزويجهن قسرياً، أو حالات ناجمة عن عنفٍ من الرجل.
النسبة العظمى من ضحايا النساء على يد الأسد
سجل تقرير الشبكة السورية منذ آذار/ مارس 2011 حتى آذار/ مارس 2023، مقتل ما لا يقل عن 16298 سيدة (أنثى بالغة) على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سورية، 11957 قُتلنَ على يد قوات النظام السوري، هو المسؤول عن قُرابة 74% من حالات القتل خارج نطاق القانون مقارنةً ببقية أطراف النزاع.
وهذا يدل على تعمُّد النظام السوري استهداف السيدات بعمليات القتل. وقُتلت 977 سيدة على يد القوات الروسية، فيما قتل تنظيم "داعش" 587، وقتلت هيئة تحرير الشام 79. ووفقاً للتقرير فقد قتلت جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني 885 سيدة، وقتلت قوات سورية الديمقراطية "قسد" 169. وسجل التقرير مقتل 658 سيدة على يد قوات التحالف الدولي، و986 سيدة على يد جهات أخرى.
وطبقاً للتقرير فإنَّ ما لا يقل عن 10169 سيدة لا يزلنَ قَيْد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سورية منذ آذار/ 2011، بينهن 8473 لدى النظام السوري، و255 لدى تنظيم "داعش"، و44 لدى "هيئة تحرير الشام"، و873 لدى جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني، و524 لدى قوات سورية الديمقراطية "قسد". وقد أظهر تحليل البيانات أن النظام السوري مسؤول عن قُرابة 83% من حالات الاعتقال والاختفاء القسري مقارنة ببقية أطراف النزاع. وبحسب التقرير هذا يدل على تعمُّد النظام السوري ملاحقة واعتقال/ احتجاز وإخفاء الإناث بدوافع متعددة، على نحوٍ مخطط ومدروس.
وعلى صعيد متصل وثَّق التقرير مقتل ما لا يقل عن 113 سيدة بسبب التَّعذيب على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سورية، قتلت 94 منهن على يد قوات النظام السوري، و14 على يد تنظيم "داعش"، و2 على يد كل من قوات سورية الديمقراطية "قسد"، وجميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني، و1 على يد جهات أخرى. وتشير سجلات الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى أن من بين الضحايا السيدات اللواتي قُتلن بسبب التعذيب على يد قوات النظام السوري، سيدة واحدة وردت صورتها ضِمن مجموعة صور قيصر، و21 سيدة قام النظام السوري بتسجيلهن في السجل المدني على أنهن تُوفين.
كما وثق التقرير في المدة ذاتها ما لا يقل عن 11532 حادثة عنف جنسي ضد الإناث، كانت 8016 على يد قوات النظام السوري، و3487 على يد تنظيم "داعش"، وأضاف أن 13 منها كانت على يد قوات سورية الديمقراطية "قسد"، و16 على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني. وفي هذا الجانب أوضح التقرير أنَّ كلاً من النظام السوري وتنظيم "داعش" قد مارسوا العنف الجنسي كسلاح حرب إستراتيجي وأداة تعذيب وانتقام ضد المجتمع السوري.
وطالب المجتمع الدولي ومجلس الأمن بتأمين حماية ومساعدة النساء المشردات قسرياً من نازحات ولاجئات، ومراعاة احتياجاتهن الخاصة في مجال الحماية تحديداً. واتخاذ كافة الإجراءات الممكنة قانونياً وسياسياً ومالياً بحق النظام السوري وحلفائه المسؤولين في المقدمة عن قتل النساء واعتقالهن وهدر حقوقهن، وبحق جميع مرتكبي الانتهاكات في النزاع السوري للضغط عليهم من أجل الالتزام باحترام حقوق المرأة.