فقدان الملكية العقارية هاجس يؤرق السكان في شمال غرب سورية
نداء بوست -تقارير- أحمد عكلة
"ضاع شقا عمري بلحظة" بهذه الكلمات يعبر محمد العبد الله عن حزنه بعد دمار شقته السكنية الواقعة في منطقة "سرمدا" بريف إدلب الشمالي بسبب الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق شمال غرب سورية.
تدمرت بناية العبد الله بشكل كامل جراء الزلزال، وهو كان يقطن في شقة سكنية في الطابق الرابع حيث يخشى من ضياع ملكيته العقارية بسبب عدم وجود توثيق من قبل الجهات الحكومية.
وفي حديث لموقع "نداء بوست" يقول العبد الله: إنه "ليس هناك وعود لإعادة إعمار الأبنية، وحتى لو كان هناك إعمار جديد فليس هناك وثيقة عقارية للأبنية السكنية تساعدنا على تسلُّم شقة جديدة بعد إعمار الأبنية".
ويطالب بأن يكون هناك عملية توثيق لكل بناء سكني قبل ترحيل الأنقاض لكي يتم الحفاظ على ملكية العوائل التي تملك شققاً سكنية على أن يتم تعويضها مستقبلاً.
وتعرضت آلاف المباني في سورية، لدمار كلي أو جزئي، بفعل الزلزال المدمر، الذي ضرب المنطقة، في السادس من شباط/ فبراير الحالي، وأودى بحياة أكثر من 48 ألف شخص في تركيا وسورية.
وتضرر 2500 مبنى، كلياً وجزئياً، بفعل الزلزال في مناطق سيطرة الحكومة المؤقتة فيما تضرر 6709 مبانٍ.
أمام حجم الدمار الواسع، لا سيما في شمال غرب سورية، الذي شهد زيادة عمليات البناء العشوائي خلال السنوات الماضية، تبرز إلى الواجهة تساؤلات حول ما يتوجب على متضرري الزلزال القيام به، هندسياً وقانونياً، لصون ملكياتهم العقارية والحفاظ عليها.
من جهتها، حددت حكومة الإنقاذ، في إدلب، إجراءات خاصة بترميم أو إعادة إعمار المباني المدمرة بفعل الزلزال، حيث يتعين على مالك العقار، الراغب في الترميم أو البناء “الحصول على ترخيص من مديرية الخدمات الفنية في حكومة الإنقاذ”، وهذه العملية تتطلب “مخططاً مساحياً وبيان قيد عقاري وسندات تمليك”.
وفي حال فقدانها نتيجة الزلزال “تقوم المديرية العامة للمصالح العقارية بتأمين الوثائق العقارية المطلوبة بناء على طلب صاحب العلاقة، بالإضافة إلى إعادة وبيان حدود وتخوم العقارات التي تضررت نتيجة الزلزال”.
https://nedaa-post.com/?p=65605
المحامي السوري غزوان قرنفل قال في حديث لموقع "نداء بوست": "بالنسبة لمالكي الشقق السكنية أو العقارات المسجلة أصلا بالسجلات العقارية والتي هلكت بفعل الزلزال فإن تجديدها أو ترميمها أو إعادة إعمارها يقع على عاتق المالك أو مجموع المالكين، ولا تتحمل الحكومات هنا أي مسؤولية في هذا السياق وفقاً لما ورد في المادة 823 من القانون المدني.
وأضاف "ربما يقتصر دور الدولة أو أي حكومة على مجرد تقديم إعانات مالية على شكل قروض مصرفية للملاك لفعل ذلك، أما العقارات خارج المخططات التنظيمية والعشوائيات فإن كانت مبنية على أملاك دولة فلا ملكية أو مركز قانوني لمالكي العقارات المتهدمة يخولهم المطالبة بشيء، وهم لا يملكون سوى أنقاض منازلهم، وأما تلك المبنية على عقارات داخل المناطق التنظيمية كمخالفات فحق المالك ليس سوى أسهم يملكها مع بقية الشاغلين في العقار المخالف".
ولفت في حديثه "ليس في المنظومة القانونية المتعلقة بالتأمين وشركات التأمين ما يلزم مالكي العقارات بدفع تأمين إلزامي ضد الزلازل، وهذه ليست ثقافة راسخة في عمليات البناء والتأمين على الأبنية، كما أن الدولة لا تلتزم تجاه المتضررين كما أسلفنا بأية تعويضات ولذلك فالعبء كله يقع على عاتق المالك الذي يتعين عليه إتمام عمليات الترميم أو التدعيم أو إعادة البناء بحسب واقع الحال وهكذا فقط يستطيع استعادة عقاره".
وأوضح قرنفل "حيث المبدأ يجب على البلديات، وهي الجهات التي تقوم بأعمال ترخيص البناء إلى جانب نقابات المهندسين أن تتولى عمليات الكشف على العقارات المتضررة وتحديد العقارات الواجب هدمها وإزالتها لتعذر ترميمها والأبنية التي يمكن تدعيمها وترميمها هذا على مستوى الفعل بعد الكارثة لكن على مستوى ما كان يجب عمله قبلها فيتعين قبل الترخيص إرفاق تقارير هندسية بصلاحية التربية في منطقة الإشادة للبناء وتحديد قدرة التربة على تحمل البناء الطابقي وعدد الطوابق".
وتابع في حديثه "كما عليها أن تفرض معايير عالية للسلامة ضد الزلازل في عمليات البناء ومتابعة ذلك بعد إصدار التراخيص، لكن مع الأسف كل ذلك لم يحصل بالنظر لتجذر ثقافة الفساد التي تغض النظر عن كل تلك المعايير".
جدير بالذكر أن فريق الدفاع المدني السوري أصدر بياناً قال فيه إنه ضمن إطار خطة الاستجابة الشاملة للزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة في 6 شباط، والتعافي من آثار طويلة الأمد. تعلن مؤسسة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) البدء بمرحلة إزالة الأنقاض على نطاق جغرافي يشمل جميع المدن والبلدات المنكوبة في شمال غربي سورية.
وأضاف البيان "ووضعت المؤسسة خطة متكاملة لتنفيذ عمليات إزالة الأنقاض. وتم التنسيق مع المجالس المحلية لوضع محددات تأخذ بعين الاعتبار أولوية البدء بالأبنية الواقعة داخل النطاق العمراني أو التي أثرت بشكل كبير على حياة المجتمعات. ثم الانتقال للأبنية الأبعد عن النطاق العمرانى وذات التأثير المحدود. وخلال تنفيذ عملية إزالة الأنقاض".
وختم البيان"تلتزم المؤسسة بالمحددات القانونية لحفظ حقوق مالكي العقارات المهدمة وممتلكاتهم» وعن طريق تشكيل لجنة مختصة للحصول على تفويض من الأهالي ومتابعة تسليمهم الأمانات» ومفرزات عملية إعادة التدوير".