عيد السوريين في أوروبا: تكافُل مع الأهل وفرحة منقوصة 

عيد السوريين في أوروبا: تكافُل مع الأهل وفرحة منقوصة 

 

نداء بوست- آلاء عوض 

يحاول اللاجئون السوريون في أوروبا إحياء طقوس عيد الفطر ضِمن الحدود المتاحة ويسعى بعضهم لخلقها ضمن محيطه الضيق، وعلى الرغم من عظيم مصابهم وألمهم الكبير بسبب ابتعادهم عن أسرهم وعيشهم هواجس كثيرة، أبرزها الظروف القاسية لأهلهم وأقاربهم في سورية وتركيا وخاصة بعد كارثة الزلزال، إلا أنهم يجاهدون قدر الإمكان لتذكير أنفسهم بفرحة تلامس قلوبهم وتخفّف عنهم من وطأة الاغتراب القسري.

ولا شك أن فرحة العيد وطقوسه تختلف من بلد لجوء أوروبي إلى آخر ويعتمد ذلك على كثافة الجاليات العربية فيه بشكل عام والسوريين بشكل خاص، ففي ألمانيا تبدو مظاهر العيد أكثر وضوحاً من غيرها من البلدان الأوروبية ويؤكد الصحافي مختار الإبراهيم على ذلك وهو يعيش بألمانيا منذ 3 أعوام ويحرص على قضاء عيد الفطر في العاصمة برلين ويقول "لا شك أن أجواء العيد واضحة في برلين كون الجالية العربية والإسلامية كبيرة، إذ تحتضن العاصمة الألمانية حوالي 200 ألف شخص من العرب".

مضيفا لـ "نداء بوست": أن الأجواء الاحتفالية تعمّ المساجد (حوالَيْ 20 مسجداً في برلين) والعديد من المُصلّيات، إضافة إلى المدارس العربية والأحياء التي يتجمّع فيها العرب والمسلمون حيث تنشط الأسواق وتبادل الزيارات، وأغلب الأطفال يأخذون إجازة في أول يوم من عيد الفطر وتيّسر المدارس الألمانية ذلك".

ويبلغ عدد السوريين في ألمانيا نحو مليون وَفْقاً لمكتب الإحصاء الفيدرالي للسكان الأجانب.

https://nedaa-post.com/%d8%ba%d8%b5%d9%91%d8%a9-%d9%88%d8%ad%d9%86%d9%8a%d9%86-%d8%ac%d8%a7%d8%b1%d9%81-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d9%88%d9%86-%d9%81%d9%8a-%d9%87%d9%88%d9%84%d9%86%d8%af%d8%a7-%d8%a3%d9%8a%d9%86-%d8%b1%d9%85%d8%b6%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b0%d9%8a-%d9%86%d8%b9%d8%b1%d9%81%d9%87%d8%9f/

الحرمان من العودة إلى سورية

ويضيف الإبراهيم: "العيد المرتبط بذاكرتنا في الطفولة  بسورية مختلف تماماً عما نعيشه هنا، ففي ألمانيا نمط الحياة مختلف كليّاً، ولا يشبهنا، من الصعب عيش أجواء مماثلة لما كنا نعيشه في بلدنا، جمعة الأهل والأقارب غائبة، لا شك أن وجود الأصدقاء والمعارف يخفّف قليلاً من إحساس الوحدة، لكن الحرمان من العودة إلى سورية لأسباب سياسية يزيد مرارة السوريين فمعظم الهاربين من سورية في أوروبا وغيرها (نحو 7 ملايين سوري) متهمون بتهم جاهزة من قِبل أجهزة النظام ومحرومون من حلم رؤية بلدهم مرة أخرى وعلّق "لا شيء يعوّض عن جمعة الأهل والأجواء التي كنا نعيشها من قبل في وطننا".

تتفق "نيروز" وهي لاجئة سورية مقيمة في هولندا منذ 4 أعوام مع إبراهيم، بأن الحرمان من طقوس العيد في بلاد اللجوء الأوروبية قاسٍ وثقيل مضيفة: "هنا لا نسمع صوت الأذان ولا تكبيرات العيد، لا استيقاظ مبكّر ولا زيارات صباحية للأهل والأقارب، هنا الوضع مختلف تماماً، لم يبقَ من العيد في ممارساتنا سوى رسائل تهنئة ومعايدات نبعثها للأقارب عبر منصات التواصل، لكن في الوجدان نعيش جفافاً وحنيناً كبيرين".

وعلى الرغم من محاولة "نيروز" خلق أجواء عيد خاصة بها في العيد على مستوى عائلتها من تحضير للمعمول وشراء ملابس جديدة لأبنائها الثلاثة إلا أن ذلك يبقى مجتزأ وأحياناً مزيفاً معقبة "العيد في سورية التي حُرمنا منها له نكهة خاصة". مضيفة "أن الدائرة الضيقة من الأقارب والأصدقاء قد تكون ملاذاً لكنه ليس كافياً".

[caption id="attachment_70780" align="alignnone" width="691"] التحضير لعيد الفطر (من أحد أسواق برلين)[/caption]

هل التكافُل ما زال قائماً؟

تعتبر نيروز أن التعاضد الأسري والاجتماعي لإحياء طقوس العيد ما زال موجوداً، فهي تحرص على إرسال زكاة الفطر إلى أقاربها المحتاجين في سورية كذلك تحرص على المحافظة على طقس "العيدية" في محيطها لكن ينغّص ذلك أحياناً الظروف الصعبة التي تعيشها في أوروبا مضيفة "السوريون في أوروبا يعيشون أيضاً ظروفاً اقتصادية صعبة ولا يملكون دوماً (الفائض) للمساعدة، لكنهم يسعون جاهدين لتوفير ولو جزء يسير من المال لدعم أهلهم في سورية ولو كان ذلك على حساب حرمانهم وأبنائهم من حاجيات ضرورية". وأردفت "الحياة هنا صعبة ولا ترحم".

أما مختار الإبراهيم فيعتقد أن "التكافل الاجتماعي هو جزء من هُويّة وتكوين السوريين ولا يمكنهم التخلّي عنه وكلٌّ يُسهم حسب مقدرته، ففي برلين كانت موائد الرحمن تملأ المساجد طيلة شهر رمضان". مشيراً إلى أن دعم الأهالي في سورية ومساعدتهم موجود دوماً ومستمر طيلة أشهر العام ولا يمكن التوقف عنه". وكذلك الأمر بالنسبة لنيروز التي أكدت أنه لولا الحوالات الخارجية لما كان أهلنا في سورية تمكنوا من الاستمرار وتساءلت "برأيك كيف يستطيع السوريون في مناطق النظام البقاء لولا المساعدات من الخارج؟".

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد