على حساب مَن هذا السخاء اللامعقول !!؟؟
خطوتين متاليتين أقدمت عليهما "الإدارة الذاتية" مؤخراً بخصوص استعدادها لاستقبال اللاجئين في مناطق نفوذها تدفع مَن يتابع مجريات المشهد الاقتصادي المتردي في محافظتي الحسكة والرقة إلى طرح تساؤلات عديدة.
وحيث أن الخطة الأولى كانت عندما أبدت تلك الإدارة استعدادها لاستقبال اللاجئين السوريين المقيمين في لبنان، والثانية استعدادها لاستقبال اللاجئين السوريين المقيمين في السودان، وطلبت بشكل رسمي من المنظمات الدولية فتح ممر إنساني لوصولهم آمنين من لبنان والسودان إلى مناطق "الإدارة الذاتية".
بدايةً نقول إن أي عمل إنساني تقوم به أيّة جهة بغض النظر عن توجهاتها السياسية وموقفنا منها فهو عمل نبيل بلا شك، وإذا كان العمل يخص إيواء سوريين من أبناء بلدنا ممن يتعرضون لظروف إنسانية قاسية فإن الموقف يزداد نبلاً.
ولكن ثمة أسئلة تطرح نفسها عن مدى قدرة "الإدارة الذاتية" على استيعاب أعدادٍ كبيرة من لاجئي السودان ولبنان وهي غير قادرة بل وفشلت في تأمين الحد الأدنى المطلوب من معيشة سكان المنطقة، سواء في المناطق الكردية أو في المناطق العربية التي تحتلها عبر أجنحتها العسكرية.
إذ أن الواقع يفصح عن نفسه كما أن الوقائع تؤكد على الفشل الذريع لهذه الإدارة في تأمين احتاجات سكانها في الحدود الدنيا، وتؤكد على ذلك الهجرة الواسعة لأبناء المنطقة التي تحت سيطرتها إلى الخارج والتي تعد بمئات الآلاف سنوياً ولأسباب متعددة، منها التدهور الحاد في مستوى المعيشة وفقدان الكثير من المواد الضرورية رغم غنى المنطقة بها، حتى أصبح معظم الأسر في منطقتها مشروع هجرة، ففي عام 2022 وبين شهري 4-8 تم ضبط حوالي مائتي ألف شخص من شرق الفرات حالوا العبور إلى تركيا بقصد التوجه إلى أوروبا وذلك في منطقتي سرى كانية (رأس العين) وكري سبي (تل بيض) هذا عدا عمن قصدوا المعابر الأخرى.
فإذا كانت "الإدارة الذاتية" تمتلك بحق هذا الحس الإنساني وهذا النبل وهذا السخاء!!؟؟ فالأولى بها صرف واردات البترول والغاز والضرائب الباهظة والتجارة التي تقوم بها عن طريق السماسرة على أبناء المنطقة، فسكان شرق الفرات يعانون الفقر الشديد وتدهور كبير في الخدمات العامة والصحية، وهناك تراجع حاد في المرافق العامة وتدمير البيئة وتخريب الطرقات العامة، وحيث يعيش معظم سكانها تحت مستوى خط الفقر، إضافة إلى إنتشار الكثير من الأمراض التي لها علاقة مباشرة بالدمار البيئي التي تسببت به هذه الإدارة، وعليها كإدارة أمر واقع أن تقوم بخدمة سكان المنطقة، وأن تعلن للناس أين هي واردات النفط والغاز وغيرها من موارد المنطقة، لا أن تقوم بخطوات استعراضية طائشة تزيد من المعاناة الاقتصادية الجماعية لسكان شرق الفرات، وتنفذ في الوقت ذاته أجندة محمد طلب هلال وعترته في التغيير الديمغرافي للمناطق الكردية فيها.