عبدو مدخنة لـ"نداء بوست": العالم خذل مناطق الشمال السوري في مأساة الزلزال
نداء بوست-الحوارات الصحفية-أحمد عكلة
عبدو مدخنة مخرج سوري من مواليد 1980 من مدينة النبك بريف دمشق، تخرج من كلية الصحافة والإعلام عام 2003.
والتقى موقع "نداء بوست" المخرج السوري الذي حاز على جائزة الدلفين الفضي قبل أشهر وذلك عن فيلم يتناول ملف المعتقلين السوريين.
ويتحدث المدخنة عن بداية مسيرته بالقول: "بدأ مشواري في السينما بشكل مستقلّ مع مجموعة من الأصدقاء بعدما أسَّسنا مهرجاناً سينمائياً مستقلاً في كلية الإعلام والصحافة بين عامَيْ ٢٠٠٣ و ٢٠٠٤، وبعدها أنتجت أول فيلم سينمائي راقص مع فرقة رماد والراحل لاوند هاجو، الفيلم تم تصويره في ثلاث محافظات سورية، من إنتاج التلفزيون السوري وعُرض في دار الأوبرا السورية ضِمن عمل مسرحي".
وأضاف في حديثه لموقع نداء بوست: "بعد ذلك بدأت في مشروع فني خاص (أرت هاوس ) حتى نستطيع صنع سينما مستقلة وبالفعل استطعنا إنتاج مجموعة أفلام
، منها فيلم (يا سلام) الذي حصل على جوائز في أكثر من مهرجان".
ولفت في حديثه: "عملي بين المسرح والسينما مَنَحَنِي محفزاً ودافعاً كبيراً حتى انسجمت أكثر ضِمن هذا النوع من المزيج، فأنتجت عملاً اسمه (سبعة أحجار ثمانية ألوان) لكنه تم إيقافه في أيامه الأخيرة لأسباب إيديولوجية وسياسية، المشروع كان يجمع بين الأنميشن والسينما والمسرح ، وكان سيُعرض في دار الأوبرا لكن تم توقيف عرضه في اللحظات الأخيرة قبل العرض.
وأوضح المخرج السوري أنه "بعد هذا الوقت وهذه المدة دخلنا في عام ٢٠٠٨ فبدأت العمل التلفزيوني من خلال تأسيس أول تلفزيون خاص استطاع البث في سورية والذي كان اسمه (أورينت) وكنت أنا المشرف على الهُوِيّة البصرية، وكنت قد أنتجت وأخرجت العديد من البرامج، واستمر العمل إلى أن أوقفت المخابرات السورية زملاءنا في مكتب دمشق وتم إغلاق المكتب بشكل نهائي".
وأشار بعد ذلك إلى أنه بين عامَيْ ٢٠١٠ و٢٠١١ كانت قد انطلقت أول شرارة للثورة السورية ، فانشغلنا بالشأن العامّ ، كلٌّ بحَسَب منطقته وبلده كنا منفعلين باتجاه الثورة، و الاحتياجات الإنسانية والاجتماعية الموجودة وبهذه الأثناء ومع نهاية العام الأول من الثورة السورية ، كنت قد أنتجت فيلماً أسميته (الجمعة اثنان وأربعون) أيضاً هذا كان عملاً مستقلاً.
وأكمل مدخنة: "ثم ألحقته بعمل يتكلم عن المجتمع المدني في منطقة القلمون في ريف دمشق أسميته ( رسالة إلى وطن ) لكن هذا العمل لم يتم عرضه؛ لأن بعض الأشخاص المشاركين في هذا العمل، أصبحوا تحت رقابة جهاز الأمن والمخابرات للنظام السوري،
واضطر مدخنة للسفر خارج سورية فكانت الوجهة هي تركيا، حيث سافرت إلى هناك وساهم في تأسيس بعض القنوات التلفزيونية من الناحية البصرية وعمل على العديد من البرامج والأفلام الوثائقية، ويضيف :حصلت على جائزة مهرجان الإعلام العربي في الأردن عن فيلم اسمه (ليلة العرس) عن جلال الدين الرومي، كان هذا العمل في عام ٢٠١٥.
وتابع: "بدأت العمل على ملف المعتقلين في فيلم اسمه (سخرة الموت) كان هذا الفيلم في عام ٢٠١٨ ، ويتكلم عن تلك القصص المتعلقة بالأشخاص الذين كانوا ينقلون الموتى من الزنزانة التي يفقد السجين فيها حياته إلى الباب الخارجي حتى يتم وضعه في سيارة وبعدها تختفي الجثة بالكامل، هنا بدأنا في عمل استقصائي لنعلم أين يتم نقل هذه الجثث، وبعد انتهاء هذا العمل، بدأنا التفكير في عمل آخر لا ينطلق من التعذيب التقليدي، بل يتناول الوسائل التي يمكن أن يتبعها المعتقلون للبقاء على قيد الحياة فكان اسم الفيلم (صراع البقاء) ، فيلم صراع البقاء تم ترشيحه لمهرجان (كاند كوربرد ) وحصد جائزة أفضل فيلم ديكودراما في منافسة مع كثير من الأفلام في هذا (الغاتيكوري)
وفي حديثه عما يجري في سورية أضاف مدخنة: "ما يجري في سورية هو عبارة عن مجزرة وتغريبة هائلة ووجع لا يمكن وصفه في كلمات، خذلان لا نستطيع وصفه، هذا باختصار رأيي الشخصي عما يجري في سورية، أما إذا أردنا التطرق للتفاصيل، فنحن بحاجة إلى كتب كبيرة وكثيرة ولا تستطيع أن تُلمّ بكل التفاصيل التي جرت وتجري في سورية".
وأكد في حديثه: "ليس لدي أي رسالة إلى ضحايا الزلزال، فهذا الألم الذي نعيشه لا يمكن لأيّ شيء استيعابه ، فوق الألم زادنا ألماً ، وفوق القهر زادنا قهراً".
رحم الله العوائل التي فارقتنا ، يُلهم الصبر للناجين الذي فقدوا أحدا من عائلتهم، فإن أردنا التكلم بواقعية، فنحن فعلاً أمام مأساة العصر الحقيقية ، نرى أياماً مرعبة تمر على السوريين، ومشاهد مرعبة شاهدناها وسمعناها من أصدقائنا عن الناس الذين يصارعون الموت تحت الأنقاض، الخذلان الذي تعرض له الشمال السوري، خذلان العالم بأكمله في أيام كان بإمكانهم إنقاذ الكثير من الأرواح".
ويستطرد المدخنة بلهجة الثوري المتحمس الذي يتحدى الواقع ليغيره: "إننا سنعود ونبني هذه المدن، وإن هذه الكارثة قد تكون سبباً في تكاتُفنا من جديد وتلاحمنا لتجاوُز هذه الأزمات، و أن يكون هناك أدوار أكثر فاعلية للمجتمع المدني بإدارة الشمال السوري".
أخيراً في حديثه عن مساهمته في أعمال إنسانية ختم بالقول: "عملت في مجموعة من الأعمال الإنسانية ، برومشنات حلقات ، أفلاماً ، أساساً كان فيلم "رسالة إلى وطن" بحد ذاته مساهمة في عمل إنساني يتفاعل مع بداية الثورة السورية وبداية تهجير الناس من مدنها وتفريغ المدن من سكانها، فأنتجنا هذا الفيلم الذي كانت فكرته في هذا الاتجاه".