عام على زلزال سورية وتركيا.. الكارثة تعري الأمم المتحدة
أظهرت الكارثة التي خلفها زلزال السادس من شباط/ فبراير 2023 شمالي سورية، ازدواجية معايير الأمم المتحدة وتقاعُسها عن أداء المهام الموكلة إليها، وتقديمها الخدمات المجانية للأنظمة الدكتاتورية.
وجدت فِرَق الإنقاذ في شمال غربي سورية نفسها عاجزة أمام حجم الكارثة التي خلفها الزلزال، حيث تسببت بدمار كبير في مساحات واسعة ومتباعدة، فكان الضرر الأكبر في مدينة جنديرس شمال حلب، وفي بلدة حارم غرب إدلب.
وأكدت جميع المؤسسات المدنية والعسكرية عدم قدرتها على تغطية كافة المناطق والاستجابة لها، كما أن العديد من الشركات الخاصة وضعت آلياتها الثقيلة تحت تصرُّف العاملين في رفع الأنقاض، وعلى الرغم من أهمية هذه الخطوة إلا أنها لم تكفِ لإنقاذ حياة جميع العالقين.
وأطلقت المنظمات الإنسانية في المنطقة عشرات نداءات الاستغاثة، مطالبة بتزويدها بالآليات واللوجستيات اللازمة للتعامل مع هذه الكارثة، إلا أن تلك المناشدات لم تلقَ آذاناً صاغية.
منظمة الدفاع المدني التي قادت جهود الإنقاذ أكدت أن الأمم المتحدة لم تقدم أي شيء للمنطقة، بينما جرى إدخال المساعدات إلى مناطق النظام السوري بشكل فوري.
ومضت أربعة أيام على الكارثة، حتى استجابت الأمم المتحدة وأرسلت قافلة مساعدات مؤلفة من 14 سيارة عَبْر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، وبررت موقفها ذلك بأن الطرق كانت مقطوعة.
في حين زعمت أنها غير قادرة على إرسال معدات وآليات هندسية لرفع الأنقاض وإنقاذ حياة أكبر عدد ممكن من الضحايا، بذريعة أنها لا تمتلك معدات كهذه.
https://nedaa-post.com/?p=87533
مناشدات السوريين في إدلب وحلب أزعجت الأمم المتحدة، حيث أكد مدير منظمة الدفاع المدني السوري رائد الصالح تعرض المنظمات الإنسانية السورية للتهديد من قِبل وكالات الأمم المتحدة بعد انزعاجها من الاتهامات بتقصيرها في الاستجابة للكارثة الإنسانية بعد الزلزال.
الأمم المتحدة تعترف بالخذلان وترفض تحمُّل المسؤولية
بعد أيام من الكارثة، أقرت الأمم المتحدة على لسان وكيل أمينها العامّ للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث بخذلان السوريين، حيث غرد في 12 شباط/ فبراير قائلاً: “لقد خذلنا الناس في شمال غربي سورية، إنهم مُحِقّون في الشعور بالتخلي عنهم”.
وأضاف: “أبحث عن المساعدة الدولية التي لم تصل، واجبي هو تصحيح الفشل بأسرع وقت ممكن، هذا هو تركيزي الآن”.
في حين رفض الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلقاء اللوم على الأمم المتحدة في تأخُّر وصول المساعدات إلى شمال غربي سورية، واعتبر أن ذلك ”لا يعكس الواقع”، زاعماً أن الوضع الأمني في سورية أعاق وصول فِرَق الإغاثة.
ولم تكتفِ الأمم المتحدة بتجاهُل آلاف السوريين العالقين تحت الأنقاض، بل ذهبت أيضاً إلى مَن قتلهم وهجَّرهم لطلب إذنه بإدخال المساعدات من معبرَي "الراعي" و"باب السلامة" بريف حلب رغم أنهما خارج سيطرته.
كارثة الزلزال شكَّلت مجموعة من الصدمات للمقيمين في شمال غربي سورية، لم يكن ما عاشوه فجر ذلك اليوم أكبرها ولا آخِرها، ولا قضاء ساعات من الليل والنهار تحت الركام، وجلوس الكثير منهم قرب عائلاتهم يشاهدون موتهم ببطء، إنما كانت الصدمة الكبرى شعورهم بالخذلان وتركهم وحدهم، في وقت هُرعت به الدول لتقديم المساعدة لضحايا آخرين ربما لا يبعدون بضعة كيلومترات في تركيا وفي مناطق سيطرة النظام.
https://nedaa-post.com/?p=87559