طُعمة العنايا" عادة أصيلة يتمسك بها أهل درعا في رمضان

طُعمة العنايا" عادة أصيلة يتمسك بها أهل درعا في رمضان

نداء بوست- ولاء الحوراني- درعا

يتميز شهر رمضان في محافظة درعا وعموم منطقة حوران بالعديد من الطقوس الخاصة التي تعكس صلة الرحم ويغلب عليها الرحمة والمودة بما يتناسب مع قِيَم الشهر المبارك.

ورغم جحيم الأيام التي مرت على درعا وتغيُّر الأحوال لا يزال أهلها يحافظون على تقاليد وعادات الشهر الأصيلة المتوارثة، وفي مقدمتها "طعمة العنايا" أو "طعمة رمضان" وهي هدية من الطعام والمال يقدمها الرجل للعنية.

و"العنية" بلهجة أهل درعا المحكية هي القريبة من الدرجة الأولى والثانية كالابنة والأخت وبنت الأخ وبنت الأخت والعمة والخالة.

أبو علاء المعاني حدّث نداء بوست عن تقليد العنايا بالقول: "هي عادة قديمة للغاية ومتوارثة منذ أجيال يتذكر فيها الرجل قريباته من النساء في شهر رمضان بهدية من الطعام متمثلة بالدجاج المذبوح أو اللحم ومبلغ مالي مرتين خلال شهر الصيام وبعض العائلات ميسورة الحال تُضيف إلى ذلك إقامة وليمة إفطار جماعية لجميع البنات والقريبات وأسرهن.

أما رشا زين العابدين ترى أن قيمة هذا التقليد لا تكمن بالقيمة المادية للهدية المقدمة بقدر قيمتها المعنوية التي تُدخل الفرحة إلى قلب العنية لا سيما في هذه الأوقات الصعبة التي تخلى فيها الكثير عن الطقوس والعادات الرمضانية بسبب سوء الأوضاع المعيشية وضيق الحال.

بدوره أوضح زيدان الأحمد أن العائلات تتشبث بطعمة العنايا رغم جنون الأسعار إذ يضطر الغالبية إلى طلب حوالة خارجية أو الاستدانة كي يقوم بذلك الواجب، حيث وصل سعر الكيلو الواحد من الفروج الحي في أسواق درعا إلى 24 ألف ليرة سورية، وتجاوز كيلو اللحم الـ 65 ألف ليرة بحلول شهر رمضان.

https://twitter.com/NEDAAPOST/status/1639616595264667649?t=dlANKihbJGrm2XFQHI0guA&s=19

يُصر أهالي درعا على استمرار تلك العادة الحسنة وغيرها من العادات التي تعكس صور الخير والرحمة والتكافل الاجتماعي خلال الشهر الفضيل في عموم مناطق المحافظة رغم ارتفاع الأسعار والحالة المعيشية القاسية التي تعصف بهم.

رمضان شهر الإحسان

مع دخول شهر رمضان المبارك، بدأت المبادرات الشعبية الخيرية في عدد من مدن وبلدات درعا لمساعدة الأسر الأكثر احتياجاً والأيتام في ظل الظروف الاقتصادية القاسية التي تشهدها المحافظة.

جاء ذلك استجابة للحملات التي دعا إليها أئمة وخطباء المساجد والنشطاء من أبناء المجتمع المحلي لجمع الأموال من المقتدرين والمغتربين قبيل حلول الشهر الكريم لمساعدة العائلات الفقيرة وذات الدخل المحدود العاجزة عن تأمين احتياجاتها الأساسية خلال شهر رمضان.

وفي كل عام تمتد هذه الحملات طوال الشهر الفضيل حيث شهدت أشهر الصيام في السنوات السابقة مبادرات خيرية تنوعت أشكالها منها توزيع مبالغ مالية أو سلال غذائية على الأسر المحتاجة أو توزيع مادة الخبز على الأهالي بالمجان على نفقة أصحاب الخير طيلة الشهر أو قيام بعض المقتدرين بتسديد الديون المترتبة على العائلات في المحال التجارية كما شهدت بعض المناطق قيام بعض أصحاب المطاعم بتوزيع أطعمة جاهزة بمبادرة تحت عنوان “إفطار صائم”.

جدير بالذكر أن محافظة درعا تشهد منذ سيطرة النظام السوري عليها عام 2018 تدهوراً في الواقع المعيشي والاقتصادي، حيث توقفت جميع المنظمات الإنسانية التي كانت تقدم خدماتها الإغاثية للأهالي، وزاد التضييق الأمني على الشبان الأمر الذي أثر على تنقلهم وعملهم، يُضاف إلى ذلك عجز مؤسسات النظام عن تقديم أي خدمات أو إيجاد حلول لتلك الأزمات.

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد