”رويترز”: سياسة واشنطن تدفع السعودية للتقارُب مع خصوم أمريكا
أثارت الخطوات التي أقدمت السعودية عليها مؤخراً، والتي تمثلت بالتقارب مع خصوم الولايات المتحدة كالصين وإيران، وإعلان نيتها الدخول في محادثات مع النظام السوري، التساؤلات حول أسباب هذه الانعطافة، وموقف واشنطن منها.
تقول وكالة "رويترز" إن ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان، -الذي لا يمكن التنبؤ به- يضغط بشكل كبير لإعادة تنظيم ديناميكيات الشرق الأوسط، والانخراط مع الأعداء القدامى وتنظيم تخفيضات نفط أوبك مثل تخفيضات أوبك يوم الأحد التي فاجأت السوق العالمية.
أشار ولي العهد محمد بن سلمان، إلى أنه مستعد للذهاب بمفرده دون مساعدة الولايات المتحدة لمتابعة المصالح السعودية، سواء كان ذلك يعني إعادة العلاقات مع خصوم واشنطن مثل إيران، أو إزالة إمدادات النفط من السوق وإغضاب المستهلكين.
https://twitter.com/NEDAAPOST/status/1634927518863052800?t=E5V_qoLeed6kp98T2fruzg&s=19
تم تصميم الإستراتيجية لتهيئة الظروف التي تمكّن السعودية من التركيز على خطة التحول الاقتصادي الواسعة لمحمد بن سلمان، رؤية 2030، التي ضخ فيها مئات المليارات من الدولارات، على أمل أن تنفتح المملكة المحافظة أمام الأعمال والسياحة وسط المنافسة الإقليمية المتزايدة.
بدأ التحول الإستراتيجي في عام 2019 بعد الهجمات المدمرة على منشآت النفط التابعة لشركة أرامكو السعودية، وبعد ذلك شككت الرياض في الالتزامات الأمنية الأمريكية للمنطقة، واكتسب زخماً بعد الهجمات الإسرائيلية على أهداف إيرانية، بحسب محللين.
تأمل المملكة تجنب الوقوع في مرمى النيران
قال المحلل السعودي عبد العزيز صقر: "تنتقل المملكة العربية السعودية من فك الارتباط إلى المشاركة للسماح لها بالتركيز على المضي قدماً في رؤية 2030".
لقد بذلت المملكة جهوداً دبلوماسية مفرطة، حيث أعادت العلاقات مع إيران ووافقت على التقارب مع النظام السوري في سعيها لإعادة بناء التحالفات الإقليمية، بدلاً من الاعتماد كلياً على الولايات المتحدة، حليفها الكبير منذ فترة طويلة.
https://twitter.com/NEDAAPOST/status/1642507615530889216?t=BJbUkb2DLt5RvMo1BafFvA&s=19
قالت ثلاثة مصادر مطلعة: إن السعودية تعتزم دعوة رئيس النظام السوري بشار الأسد لحضور قمة جامعة الدول العربية التي تستضيفها الرياض في أيار/ مايو، في خطوة من شأنها أن تنهي عزلة الأسد الإقليمية رسمياً.
تحرك غير حكيم
كما أعلنت المملكة عن قرارها بالانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون التي تقودها الصين، في إشارة إلى أنها تبني علاقة طويلة الأمد مع بكين على حساب الولايات المتحدة.
قال مسؤول سعودي إن الولايات المتحدة والصين شريكان مهمان للغاية للرياض.
وقال المسؤول الذي طلب عدم كشف اسمه: "نأمل بالتأكيد ألا نشارك في أي منافسة أو نزاع بين القوتين العظميين، لسنا قوة عظمى لكننا لاعب مهم في المنطقة والاقتصاد العالمي".
وقال المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، يوم أمس الاثنين، إن الرياض تظل شريكاً إستراتيجياً لواشنطن حتى لو لم يتفق الطرفان على جميع القضايا، وأضاف أن واشنطن والرياض تعملان على معالجة التحديات الأمنية المشتركة.
السياسات النفطية
أعلنت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) التي تقودها السعودية وحلفاؤها بما في ذلك روسيا (أوبك +) تخفيضات أخرى للإنتاج بنحو 1.16 مليون برميل يومياً، مما أثار استياء الولايات المتحدة.
وقال مركز الخليج للأبحاث، وهو مؤسسة فكرية مقرها السعودية: إن تخفيضات أوبك تظهر أن كبار منتجي النفط يمكنهم تحرير أنفسهم من الضغوط الأمريكية الغربية واتباع سياسة مستقلة تضع مصالحهم الوطنية في المقام الأول.
وقال جيم كرين الباحث في معهد بيكر بجامعة رايس: "نحن في سوق نفط سعودي أول الآن، لا يكسب المنتجون المزيد فحسب، بل يتمتعون بقدر أكبر من النفوذ الجيوسياسي عندما تكون الأسواق ضيقة".
إصلاح الأسوار مع إيران
في صفقة مهمة توسطت فيها الصين، توصلت الرياض إلى اتفاق مع طهران لإحياء العلاقات الدبلوماسية، بعد سنوات من التنافس المرير الذي غذى الصراع في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
قالت إليزابيث كيندال، خبيرة الشرق الأوسط في كلية جيرتون في كامبريدج، إن التحول المفاجئ ربما يكون مدفوعاً بالمواجهة المتصاعدة بين إسرائيل وإيران.
وقالت كيندال: "من المحتمل أن تأمل السعودية أنه من خلال ذوبان الجليد في العلاقات مع إيران، ستتجنب الوقوع في صراع إقليمي آخر، وبالتالي إزالة خطر هجوم إيراني مباشر آخر على بنيتها التحتية، مثل هجمات 2019 المعطلة على أرامكو".
https://twitter.com/NEDAAPOST/status/1636675778636021760?t=C3AfgVdEEDD7Vfy2-3igXQ&s=19
أعلنت وزارة الدفاع التابعة للنظام السوري أن القوات الإسرائيلية شنت يوم الأحد ضربات جوية على مواقع إيرانية في سورية.
وقالت مصادر مخابرات غربية إن سلسلة من القواعد الجوية في وسط سورية حيث يتمركز أفراد إيرانيون تعرضت للقصف.
وأثار الهجوم، وهو الأحدث في سلسلة على منشآت عسكرية إيرانية في سورية، حليفة طهران الوثيقة، شبح مواجهة إقليمية أوسع من شأنها أن تضع حلفاء الولايات المتحدة الخليجيين في مرمى النيران إذا تصاعدت العمليات العسكرية.
كشفت الضربات الجوية السابقة على مواقع النفط السعودية، وعلى مستودع وقود في الإمارات العربية المتحدة من قبل ميليشيات الحوثي اليمنية المدعومة من إيران، عن حالة عدم اليقين التي تحيط بالحصص الأمنية للولايات المتحدة في حلفائها العرب، مما دفع الرياض إلى الضغط من أجل وقف التصعيد مع طهران وتنويع شركائها الأمنيين.
قال بلال صعب، مدير برنامج الدفاع والأمن في في وزارة الخارجية الأمريكية، إنه لم يكن هناك أي حوار جاد، سواء داخل الحكومة الأمريكية أو مع السعوديين، حول الشروط التي ستدافع بموجبها واشنطن عن السعودية في حالة تعرضها للهجوم.
وقال صعب: "السعوديون لا يريدون أن يكونوا في حرب ضارية بين إيران والولايات المتحدة، إنهم لا يثقون في أن واشنطن ستحميهم".
https://twitter.com/NEDAAPOST/status/1634253632148217874?t=tfBiifOLeYyucJ4lHty4YA&s=19
وأثارت العلاقات المتنامية بين الرياض وبكين التوترات الأمنية في واشنطن، التي تقول إن المحاولات الصينية لممارسة نفوذها حول العالم لن تغير سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط.
قال شادي حامد من معهد بروكينغز بواشنطن إن وجهة نظر السعودية بأن الولايات المتحدة تنفصل بشكل متزايد عن المنطقة ليست خاطئة تماماً.
وقال حميد: "قرر ولي العهد التحوط من رهاناته، سواء كتنازل عن الواقع أو كوسيلة لاستفزاز الولايات المتحدة لإيلاء المزيد من الاهتمام لمخاوفها الأمنية".
لقد انزعجت الولايات المتحدة لكنها لم ترد بأي شكل من الأشكال، الأمر الذي شجع بدوره السعودية على مواصلة تعميق علاقتها مع خصوم أمريكا الرئيسيين.