"دايلي صباح": انتخابات “الإدارة الذاتية” مبرِّر لإطلاق عملية عسكرية تركية في سورية

"دايلي صباح": انتخابات “الإدارة الذاتية” مبرِّر لإطلاق عملية عسكرية تركية في سورية

حذر شريك الرئيس رجب طيب أردوغان في الائتلاف الحاكم دولت بهتشلي زعيم حزب الحركة القومية MHP يوم الثلاثاء من أن خُطط وحدات حماية الشعب، الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني الإرهابي، لإجراء ما يسمى بالانتخابات هي أساس لهجوم تركي ضد التنظيم في شمال سورية.

وقال بهتشلي في اجتماع برلماني لحزب الحركة القومية في أنقرة إن "أي محاولة للتدخل في البِنْية الإدارية لسورية أو ما يسمى بالمناورات الديمقراطية لإرساء أرضية شرعية للجماعة الإرهابية هي دافع مبرِّر لتركيا للقيام بعملية عسكرية".

وتأتي تصريحات بهتشلي في الوقت الذي تصاعدت فيه ردود الفعل العنيفة في شمال سورية ضدّ وحدات حماية الشعب YPG الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني PKK بسبب خُططهم لإجراء ما يسمى بالانتخابات في المنطقة. واحتجت الجماعات الكردية المحلية، مثل المجلس الوطني الكردي (ENKS)، على قرار التنظيم الإرهابي ووصفته بأنه "غير شرعي".

كما حذرت الولايات المتحدة، المعروفة بدعمها القوي للتنظيم، من إجراء الانتخابات، قائلة: إن الظروف "غير مواتية".

ومنذ ذلك الحين، قام التنظيم بتأجيل الانتخابات من 11 حزيران/ يونيو إلى آب/ أغسطس 2024. وقالت المصادر إن الانتخابات، المقررة في عدة مناطق وبلدات، من دير الزور والرقة إلى منبج وعفرين، تم تأجيلها بسبب "ضغوط خارجية مكثفة".

بالنسبة لتركيا، فإن هذه الخُطوة هي الأولى نحو إنشاء "دولة يديرها حزب العمال الكردستاني" في شمال سورية، على حدود البلاد المشتركة مع تركيا. وسلطت تركيا الضوء على أن الانتخابات كانت أيضاً تهديداً لسلامة أراضي سورية، الغارقة في حرب دموية منذ عام 2011.

وقامت أنقرة بإجراء محادثات دبلوماسية مكثفة لمنع عقد الانتخابات، وشددت على أن هذه الخُطوة من شأنها أن تعرّض أمن الحدود والسلام الإقليمي للخطر.

وقال أردوغان مؤخراً إن الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني يكثف الجهود لإقامة "دولة إرهابية" من خلال قمع السكان المحليين واستخدام أساليب قسرية مختلفة، بما في ذلك طرد الأفراد غير الممتثلين واستخدام الجنود من الأطفال.

واتهم بهتشلي الولايات المتحدة بـ "ممارسة لعبة خطيرة" في سورية، وقال: "تركيا تحترم السلامة السياسية والإقليمية لسورية وتتوقع من الدول الأخرى أن تحذُوَ حَذْوها".

وقال زعيم حزب الحركة القومية: "إن ردّ الفعل القوي والمُحِقّ لتركيا لم يجعل الولايات المتحدة تتراجع فحَسْبُ، بل أدى أيضاً إلى تأخير ما يسمى بالانتخابات". لكن لا يمكن لأحد أن يتوقع منا أن نكتفي بتأخير العملية. يجب أن يتم وضع هذه الانتخابات المزعومة التي خطط لها ذراع حزب العمال الكردستاني بدعم من واشنطن على الرفّ بالكامل حتى لا تصبح موضوع خلاف مرة أخرى”.

وحذر بهتشلي من أن "عدم التصرف بحزم ضد هذه الخيانة قد يؤدي إلى كوارث في الأراضي التركية".

وتشتبك القوات التركية بشكل روتيني مع عناصر تنظيم وحدات حماية الشعب في شمال سورية، حيث يسعى التنظيم إلى إنشاء ممر إرهابي على طول حدود البلاد، لكن العمليات تشكل مصدر توتُّر مع دمشق.

وبعد أن حذرت تركيا من أنها ستتحرك ضدّ وحدات حماية الشعب إذا ما أقدمت الأخيرة على القيام بما يسمى بالانتخابات، قال وزير الخارجية السوري فيصل مقداد الأسبوع الماضي إن حكومة النظام السوري ترفض أي حوار مع تركيا ما لم تسحب قواتها من المناطق الشمالية للبلاد.

وأطلقت تركيا ثلاث عمليات كبرى في المناطق الحدودية السورية منذ عام 2016 لتحرير المناطق التي احتلتها الجماعات الإرهابية، وتسيطر الآن على بعض المناطق في الشمال السوري.

وتُعتبر أنقرةُ الداعمَ الرئيسي للمعارضة السورية التي تقاتل ضد نظام الأسد وحلفائه، وكذلك وحدات حماية الشعب وغيرها من الجماعات الإرهابية المتنوعة، كما أنها تستضيف أكثر من 3.5 مليون لاجئ من جيرانها.

وفشلت محاولات المصالحة بين سورية وتركيا في تحقيق تقدُّم منذ أوائل عام 2023 على الرغم من الاجتماعات التي عُقدت في موسكو بين وزراء خارجية ودفاع البلدين.

لقد احتلت وحدات الحماية منذ عام 2015 العديد من المحافظات السورية مستفيدين من فراغ السلطة الناجم عن الحرب السورية التي نشبت في عام 2011، وأهم تلك المحافظات دير الزور ذات الأغلبية العربية، وهي منطقة غنية بالموارد على الحدود مع العراق، ويقسمها نهر الفرات، وهي موطن لعشرات التجمعات القَبَلِيّة.

وقد أجبر التنظيم الإرهابي العديد من السكان المحليين على الهجرة، وجلب مقاتليه لتغيير التركيبة الديموغرافية الإقليمية، وقام بإجراء اعتقالات تعسفية، واختطاف أطفال القبائل المحلية للتجنيد القسري، واغتيال زعماء القبائل لاستعباد الجماعات المحلية.

كما استولى التنظيم على آبار النفط في المنطقة -وهي الأكبر في سورية- ويقوم بتهريب النفط إلى النظام السوري، على الرغم من العقوبات الأمريكية، لتوليد إيرادات لأنشطته.

ومنذ ذلك الحين، قامت القوات الأمريكية في سورية بتدريب الآلاف من إرهابيي وحدات حماية الشعب في قواعدها العسكرية في المنطقة بحُجّة مكافحة إرهاب تنظيم الدولة. كما زودت إرهابيِّي التنظيم بكميات هائلة من الأسلحة والمعدات القتالية.

ويلقي وجود التنظيم بثِقَله على العلاقات التركية الأمريكية، حيث تدعو أنقرة في كثير من الأحيان حليفتها في الناتو إلى قطع الدعم عن الجماعة، وتُحذِّر من أيّ “تدخُّل” في عملياتها التي تستهدف الجماعة في سورية.

المصدر: "دايلي صباح"

ترجمة: عبدالحميد فحام

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد