حسرة على ذكرياتهم ودموع لا تتوقف.. تحذيرات من تعرُّض ذوي ضحايا الزلزال لأزمات نفسية
نداء بوست-المتابعة والتحقيقات-أحمد عكلة
يجلس أحمد العبدالله (35 عاماً) على ركام منزله الواقع ضمن منطقة حارم بريف إدلب الشمالي، متحسراً على ما تبقى من ألعاب أطفاله وغطاء والدته.
يذرف العبدالله الدموع بحرقة وهو يمسك بما تبقى خلف عائلته من ثياب أو ألعاب، وفي ذات الوقت يستمر بمناداتهم حتى اليوم آمِلاً أنهم على قيد الحياة.
يقول العبدالله من أمام ركام المنازل بحرقة "قلبي محروق على أمي، قتلتك الحجار يا أمي، الله لا يوفق الحجار، لو أني أنا محلك ميت وأنتي ما تموتي، كيف بدي العيش الحياة ما بعرف".
ويضيف في حديث لموقع "نداء بوست" أنه فقد ما يقارب 11 فرداً من أسرته، وأُخرج من تحت الأنقاض بعد مضيّ 5 ساعات بينما فقد والدته ووالده وإخوته وزوجته وأولاده بعد الزلزال.
يؤكد أحمد أنه لا يصدق أن عائلته قضت هنا مؤكداً، بأن ما يجري أمامه حلم سيئ سوف ينتهي بين الحين والآخر، وسوف يعودون ليكملوا حياتهم.
https://nedaa-post.com/?p=64048
قصة أحمد ليست الأولى بل هناك عشرات القصص لسوريين يعيشون شمال البلاد، دخلوا في نوبات اكتئاب أو حتى هلوسات سمعية بسبب رحيل جميع أفراد أسرهم تحت الركام.
رياض السليم (56 عاماً) فقد عائلة ابنه وابنته تحت الركام في منطقة بسنيا بالقرب من الحدود "السورية-التركية" يعاني من حالة نفسية سيئة حيث حتى الآن لم يتقبل أنهم رحلوا آمِلاً عودتهم قريباً كما قال.
وفي حديث لموقع "نداء بوست" يشير السليم بالقول "لم أرَهم ومن لا أدفنه لا يمكن أن أصدق أنه رحل، سيعودون من سفرهم قريباً، هم لم يخبروني ولكني متأكد من عودتهم".
يعيش السليم حالة من الشك أو عدم الاقتناع بفكرة موتهم كلهم دفعة واحدة رغم إيمانه بالله وقضائه وقدره، ولكنه مصرّ على عدم تصديق فكرة عدم عودتهم إلا في حال دفنهم بيديه.
وتسبب الزلزال الذي ضرب مناطق شمال غرب سوريا بأضرار كبيرة ما أدى لسقوط مئات المباني فوق رؤوس ساكنيها ووفاة مئات المدنيين وإصابة الآلاف.
وأكثر المناطق التي تعرضت لدمار واسع حارم وعزمارين وسلقين وسرمدا وترمانين ومنطقة الأتارب وبعض القرى الواقعة بالقرب من نهر العاصي.
ودخل الكثير من ذوي الضحايا الذين قضوا تحت الركام بحالة نفسية صعبة للغاية، حيث التزموا الصمت طيلة الأيام الماضية ورفضوا الحديث مع الناس، مع دخول بعضهم في حالة من البكاء الهستيري.
مسعف السلامة وهو مدير مركز وباحث في الذكاء العاطفي يؤكد في حديث لموقع "نداء بوست" أن "الكثير من ذوي الضحايا لا يصلون مرحلة القبول ويختل التوازن النفسي للشخص والذي من الممكن أن يدخله في مرحلة اليأس والإحباط".
وأضاف في حديثه "هؤلاء الأشخاص الذين فقدوا عائلتهم بالكامل أو فرداً من الأسرة سيمرون بصدمة نفسية حادة، مؤكداً أن تجاوُزها يعتمد على المرونة الاجتماعية والنفسية".
وتوقع الباحث السوري أن يُصاب الكثير منهم بهلوسات سمعية بصرية ويصبح هذا الاكتئاب مزمناً في حال لم يتعافَ الشخص من الصدمة.