جيروزاليم بوست: 5 تحدِّيات ستواجهها إسرائيل في غزة بعد الحرب
ما الذي ينتظر قطاع غزة بعد انتهاء الحرب مباشرة؟ من الواضح أن هناك الكثير من التحدِّيات فلا يمكن أن تبقى الأمور على ما هي عليه.
اتِّساع الفجوة بين إسرائيل وحلفائها
التحدي الأول الذي تواجهه إسرائيل هو الفجوة الآخذة في الاتساع بين تصور إسرائيل لليوم التالي وتصور حلفائها وشركائها المحتملين، الذين يرون أن السيطرة على غزة تنتقل إلى أيدي الفلسطينيين بينما تنسحب إسرائيل من قطاع غزة بأكمله، وتعود إلى حدود السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
في إسرائيل تُعطى الأولوية القصوى للاعتبارات الأمنية، مع التركيز على السيطرة الفعالة على محور صلاح الدين أو محور فيلادلفيا على طول الحدود بين غزة ومصر لمنع حماس من استعادة قوتها. وتسعى إسرائيل أيضاً إلى إنشاء منطقة عازلة ومواصلة جهودها نحو التجريد الكامل من السلاح في قطاع غزة. ومن الناحية العملية، لن يكون هناك انسحاب كامل، لذلك، سيكون من المثالي التوصل إلى اتفاق حول الإطار الأمني داخل قطاع غزة حتى قبل أن تتوقف المعارك العنيفة.
قد تنزلق غزة إلى الفوضى السياسية
بالنسبة للتحدي الثاني فهو يتعلق بالفترة الانتقالية من الصراع الشديد الحدة إلى المرحلة التي يدخل فيها الترتيب الدائم حيز التنفيذ.
إن توقع هذه الفترة الانتقالية ومعالجتها أمر ضروري في الوقت الحاضر؛ لا يمكن انتظار نتائج الحملة العسكرية، والسبب في ذلك هو الخوف من انزلاق غزة إلى الفوضى السياسية، ولكن هنا تكمن المعضلة، فالانسحاب الإسرائيلي من دون وجود خطة تنسيق وتمرير دفة القيادة سيؤدي إلى فراغ في الحكم في غزة.
ما الذي يمكن فعله لمنع حدوث مثل هذا الفراغ خلال الفترة الانتقالية؟ بالتأكيد لا يوجد خيار مرضيّ تماماً للجميع، فالسيطرة الإسرائيلية أمر يجب أن يحدث، وهذا يستلزم وجود أرض محتلة ذات هيكل إداري يحكمه السكان المحليون في غزة.
لا يبدو أن هناك بديلاً آخر، لأنه من غير المرجح أن توافق جهة خارجية على إدارة الحياة المدنية في قطاع غزة طالما حافظت إسرائيل على وجودها وسيطرتها العسكرية. ويتعين على إسرائيل أن تستعد بشكل استباقي للسيطرة الفعالة ـ العسكرية والمدنية على السواء (بالتعاون مع القيادة الفلسطينية المحلية) ـ وأن تعمل في الوقت نفسه على صياغة إستراتيجية خروج منظمة.
هل تستطيع إسرائيل أن تُنهي حماس إلى الأبد؟
التحدي الثالث ينطوي على مواجهة حقيقة أن حماس هي حركة هجينة، ذات أجنحة عسكرية وسياسية واجتماعية، وحتى لو دمرت إسرائيل قدرات حماس العسكرية في غزة، فكيف يمكن منعها من الاندماج في القيادة المدنية المستقبلية؟ وكيف يمكن منعها من الاستمرار في كونها لاعباً مؤثراً في غزة؟ هل يمكن منع جميع أعضاء حماس من تولي مناصب رئيسية؟ هل يجب محاكمتهم جميعاً؟
نظراً لسيطرة حماس المستمرة على قطاع غزة منذ عام 2006، فمن المتوقع أن يكون القضاء على نفوذها عملية طويلة تمتد لعدة سنوات وتمتد إلى ما بعد الفترة الانتقالية، لذلك للبدء في معالجة تأثير التنظيم والأيديولوجية التي تتبناها الحركة، من الضروري اتخاذ إجراءات من خلال عدة قنوات: بديل حكومي له أفق للتنمية الاقتصادية والسياسية؛ والجهود الرامية إلى نزع الشرعية عن حماس وأيديولوجياتها التوجيهية؛ ووضع إستراتيجية لمواجهة عمليات التشدد في القطاعات الأخرى.
كارثة إنسانية في غزة
أما التحدي الرابع فيتمحور حول المسؤولية عن الوضع الإنساني في قطاع غزة، وهذا تحدٍّ موجود مسبقاً، ومن المتوقع أن يرافق إسرائيل طوال الفترة المقبلة. ومع استمرار الوجود الإسرائيلي في المنطقة، فإن مسؤوليتها عن تلبية الاحتياجات الأساسية لسكان غزة مستمرة.
ينبغي على إسرائيل مواصلة جهودها لإنشاء بنية تحتية تشغيلية وآلية للتعاون مع منظمات الإغاثة (حتى لو لم تكن صديقة).
ديناميات الشرق الأوسط الأوسع
ويكمن التحدي الخامس في الاعتراف بأن الصراع جزء من ديناميكية إقليمية أوسع، حيث تشكل حركة حماس تحدياً مشتركاً لإسرائيل وحلفائها في الشرق الأوسط، ولقد حافظت حماس دائماً على وجودها في الضفة الغربية ولبنان، وكذلك في الأردن وسورية ودول إسلامية أبعد.
إن تدمير حماس وقدراتها العسكرية في غزة لن يقضي على الحركة في القطاعات الأخرى، علاوة على أن حلفاءها في المحور الشيعي ينشطون ويشكلون تهديداً مستمراً.
إن المصلحة الأساسية لحزب الله تتلخص في اعتباره شريكاً فاعلاً في النضال الفلسطيني، مع تحويل انتباه إسرائيل لمنع شن حملة عسكرية ضده في المنطقة، ولذلك فإن أي حلّ لقطاع غزة، سواء كان مؤقتاً أم طويل الأمد، يجب أن يأخذ في الاعتبار المشهد الجيوسياسي الأوسع.
بقلم: ميري آيسين
ترجمة: عبدالحميد فحام