جسور للدراسات" يطرح 4 سيناريوهات لدخول المساعدات الأممية لمواجهة أضرار الزلزال في سورية
سلط "مركز جسور للدراسات" الضوء على 4 سيناريوهات محتملة لدخول المساعدات الأممية إلى سورية مستقبلاً بهدف مساعدة الضحايا والمشردين جراء الزلزال.
وقالت الدراسة: إن الأمين العامّ للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قرر إيفاد وكيله للشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ "مارتن غريفيث" إلى المنطقة لتقييم الوضع عن كثب.
وجاء هذا القرار بعد مرور 3 أيام على كارثة الزلزال المدمّر الذي ضرب شمال غرب سورية، وأدى إلى إعلان مناطق المعارضة السورية مناطقَ منكوبة، واستمر عمل المنظمات والفِرَق المحلية خلال هذه الأيام العصيبة دون أي تدخُّل أممي أو دولي، بل كانت المساعدات الأممية المجدولة متوقفة خلال أيام الكارثة الأولى.
وبحسب الدراسة فإنه بعد قرار الأمين العامّ إيفاد وكيل الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية عقدت سويسرا والبرازيل بصفتهما حاملتَيْ قلم الملفّ الإنساني في مجلس الأمن مؤتمراً صحفياً مشتركاً يوم الجمعة 10 شباط/ فبراير 2023، طلبتا فيه عَقْد جلسة لمجلس الأمن "في أقرب فرصة سانحة" للاستماع إلى وكيل الأمم المتحدة بعد عودته، والاطلاع على تقريره وتقييمه للحالة الإنسانية، واتخاذ التدابير المناسبة لمساعدة الشعب السوري بناءً على ذلك.
وتوقعت الدراسة أن يتخذ مجلس الأمن في جلسته المتوقَّعة خلال الأسبوع القادم إجراءات تتعلق بآلية دخول المساعدات الأممية عَبْر الحدود، خاصة أن الأزمة الإنسانية الحالية.
ورجح المركز أن تمتدّ آثارها وتداعياتها لعدة أشهر، ويمكن أن تتجه هذه الإجراءات التي سيناقشها مجلس الأمن في عدة سيناريوهات أبرزها:
السيناريو الأول: توقع المركز أن يتم فتح معبر باب السلامة إلى جانب معبر باب الهوى معتبراً أن هذا الإجراء من الناحية النظرية أقرب الإجراءات التي يمكن أن يتفق عليها مجلس الأمن، خصوصاً بعد أن تم فتح معبر باب السلامة بالفعل لدخول بعض الشحنات الإغاثية الدولية المرسَلة إلى مطار غازي عنتاب، ولأن باب السلامة معبر دولي مجهَّز بكافة المرافق والاحتياجات التقنية، وهو قريب نسبياً من المناطق المنكوبة شمال غرب سورية.
وأشار إلى أنه مع اتِّساع الكارثة وتداعياتها يُتوقَّع أن تُوافِق روسيا على هذا الإجراء، مع وضع شروط مثل إلزام المعبر بتطبيق آلية مراقبة المساعدات الإنسانية الواردة في القرار 2165 (2014) أو الفتح المؤقت للمعبر إلى نهاية تاريخ القرار في تموز/ يوليو 2023.
وكان فتح باب السلامة وباب الهوى على الحدود السورية التركية هو نص القرار 2504 (2020) بعد إغلاق معبرَي الرمثا على الحدود الأردنية، واليعربية على الحدود العراقية وَفْق القرار 2165 (2014).
أما السيناريو الثاني فيتضمن فتح أكثر من معبر إلى جانب معبر باب الهوى حيث اعتبرت الدراسة أم مناطق المعارضة التي ضربها الزلزال المدمر كانت في الأصل تشتكي أزمات إنسانية مستمرة، وبعد الزلزال تحوّلت إلى مناطق منكوبة يتطلب إنقاذُ المدنيين وإغاثتهم فيها جسوراً إنسانية برية تدخل فيها المساعدات الأممية والدولية من عدة معابر رئيسية إلى جانب معبر باب الهوى وباب السلامة، حيث قد يذهب مجلس الأمن إلى توسيع الأمر ليشمل معبر الراعي ومعبر جرابلس.
كما رجحت الدراسة أن تنازع روسيا أكثر إذا ما ذهب المجلس لنقاش هذا الاحتمال، حيث يمكن أن تشترط روسيا فتح معبر الرمثا على الحدود السورية الأردنية لدخول المساعدات إلى النظام السوري، باعتبار وجود مناطق متضررة من الزلزال في مناطق سيطرة النظام يوجب زيادة تدفُّق المساعدات إليه، إضافة إلى المطالبة بتوسيع دخول المساعدات عَبْر الخطوط.
ولفت إلى أن روسيا قد تميل إلى هذا الإجراء أكثر من السابق، مع وضع نفس الشروط التي يمكن أن تشترطها هناك.
بالنسبة للسيناريو الثالث فتوقع المركز عدم الوصول إلى إجراءات استثنائية مشيراً إلى أنه قد تبقى آلية دخول المساعدات الأممية على حالها كما نصّ عليها القرار الأممي 2672 (2023)، إذا لم يتم التوصل إلى تفاهُمات تُرضي روسيا وتجعلها تمرِّر الاستثناء. خاصة أن روسيا ستدافع عن مبدأ دخول المساعدات عَبْر الخطوط، وتطلب أن تزداد المساعدات إلى النظام المسؤول عن مدن متضررة من الزلزال في مناطق سيطرته، وستدافع روسيا عما أعلنه الهلال الأحمر في مناطق النظام من استعداده لإيصال المساعدات عَبْر الخطوط.
ورأت الدراسة أنه من المحتمل في السيناريو الرابع أن يتم توسيع دخول المساعدات الأممية عَبْر الحدود دون شروط، حيث شكّل قرار مجلس الأمن 2139 (2014) حول إدخال المساعدات الإنسانية إلى سورية سابقة في تاريخ الأمم المتحدة، وقد قال الأمين العامّ السابق للأمم المتحدة بان كي مون في جلسة التصويت عليه: "لم يكن اتخاذ هذا القرار أمراً ضرورياً، فالمساعدة الإنسانية ليست محلّ تفاوُض، بل هي أمر يتيحه القانون الدولي".
وبحسب "مركز جسور" فقد أكد العديد من الخبراء القانونيين الدوليين عدم شرعية القرار 2139، وطالبوا بإلغائه، وشددوا على أنه لم يكن هناك أيّ عائق قانوني أمام قيام مجلس الأمن بعمليات إنسانية عَبْر الحدود، كما أكدوا أن الحرمان من المساعدة الإنسانية يمكن أن يرتقي إلى جريمة دولية.
واعتبر المركز أن الدافع الأساسي وراء اتخاذ القرار 2139 كان دخول المساعدات الإنسانية بقوة الأمم المتحدة إلى المناطق المحاصرة بعد تعسُّف النظام في منعها، لكن القرار انحرف عن مساره لاحقاً تحت الضغط الروسي، ليصبح محلّ تفاوُض في جلسات مجلس الأمن.
واعتبرت الدراسة أن ذهاب مجلس الأمن إلى هذا الإجراء مُستبعَد، وذلك أن روسيا ستعترض بالفيتو، ولا يُلاحَظ لدى باقي المقررين أيّ مؤشرات للذهاب لهذا التصعيد السياسي مع روسيا؛ إلا أنه الإجراء الذي يجب على كلٍّ مِن المعارضة السورية، والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية المطالبة به، وإنْ تطلَّب النزاعُ حوله نقلَه للجمعية العامة للأمم المتحدة، أو طلب لجنة تحكيم أُممية عاجلة للنظر في قانونيته.
وأقرت الأمم المتحدة بأنها خذلت أكثر من خمسة ملايين مدني يقيمون في منطقة شمال غربي سورية، عقب الزلزال المدمر الذي ضرب شمال سورية وجنوب تركيا قبل سبعة أيام.
وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث: "لقد خذلنا الناس في شمال غربي سورية، إنهم محقون في الشعور بالتخلي عنهم".
وأضاف في تغريدة على تويتر اليوم الأحد: "أبحث عن المساعدة الدولية التي لم تصل، واجبي هو تصحيح الفشل بأسرع وقت ممكن، هذا هو تركيزي الآن".
ولم تستجب الأمم المتحدة لنداءات الاستغاثة التي أطلقها السوريون والمنظمات الإنسانية وفرق الإنقاذ بعد الزلزال الذي ضرب المنطقة يوم الإثنين الماضي.
وبعد أيام من وقوعه أرسلت الأمم المتحدة قافلة مساعدة مؤلفة من 14 سيارة عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، وبررت موقفها ذلك بأن الطرق كانت مقطوعة.
وبرر نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق، تلكؤ المنظمة الدولية في إغاثة المنكوبين والمتضررين من الزلزال بالادعاء أن سبب التأخر في إدخال المساعدات الإنسانية إلى منطقة شمال غربي سورية هو الطرق المتضررة جراء الزلزال.
وعن عدم إرسال الأمم المتحدة معدات وآليات هندسية لرفع الأنقاض وإنقاذ حياة أكبر عدد ممكن من الضحايا، قال حق: إن المنظمة لا تمتلك معدات إنقاذ يمكن إرسالها إلى الشمال السوري.
وأضاف حق: "نبذل أقصى ما يمكن لتوصيل المساعدات إلى الشمال السوري ونتطلع للمزيد".
وفي وقت سابق، انتقدت منظمة الدفاع المدني السوري تجاهل المجتمع الدولي الكارثة الإنسانية التي خلفها الزلزال المدمر شمال غربي سورية، وعدم الاستجابة لنداءات المساعدة.
كما حملت المنظمة جزءاً من مسؤولية عدد الوفيات للأمين العام للأمم المتحدة، لعدم الاستجابة لنداءات الاستغاثة وعدم تقديم أي مساعدة لمنطقة شمال غربي سورية رغم وصول المساعدات الأممية إلى كل مناطق الزلزال.
وخلال مؤتمر صحفي، يوم الجمعة، قال مدير الدفاع المدني السوري رائد الصالح: إن الأمم المتحدة لم تقدم أي شيء للمنطقة، وتساءل عن أسباب “عدم دخول المساعدات إلى شمال غربي سورية بينما جرى إدخال المساعدات إلى مناطق النظام السوري”.
وأضاف الصالح: “رغم جميع النداءات التي أطلقناها لم يكن هناك آذان صاغية من أغلب دول العالم لأوجاع السوريين وأنّات الأطفال الذين قضوا ساعات من الليل والنهار تحت الركام والكثير منهم كان بالقرب من عائلاتهم يشاهدون موتهم ببطء”.
كما أدان الائتلاف الوطني السوري تخاذل الأمم المتحدة ومنظماتها تجاه الكارثة التي حلت بشمال غربي سورية، وأكد أن طرق الوصول إلى الشمال السوري متاحة وغير معطلة ولا تنحصر في طريق واحد.