الواقعية السياسية نهج غائب عن سياسات قُوى الثورة.. مَن سيقتحم بوّابتها؟

الواقعية السياسية نهج غائب عن سياسات قُوى الثورة.. مَن سيقتحم بوّابتها؟

 

نداء بوست - أخبار سورية – متابعة وتحليل- أسامة آغي

قدّم الدكتور بدر جاموس رئيس هيئة التفاوض السورية إحاطة أمام وسائل إعلامية حول نشاط الهيئة، بما يخصّ العملية السياسية التفاوضية من جهة، وحشد الموقف الدولي ضد محاولات تطبيع العلاقات العربية مع نظام الأسد.

برزت من خلال المداخلات بعد الإحاطة مقترحات ورؤى جديدة، حيث جرى التساؤل عن مدى جدية الموقف الأمريكي من رفضه للتطبيع، وكذلك استعداد قوى الثورة والمعارضة لانتهاج الواقعية السياسية، لأنها تبدو أكثر من ضرورة بالنسبة لأطر قوى الثورة والمعارضة بعلاقتها مع ملف الصراع مع نظام الأسد، وذلك باعتبار أن سنوات طويلة مرّت على هذا الصراع دون إحراز أي تقدم على طريق الحل السياسي على أساس القرارات الدولية وفي مقدمتها القرار 2254.

الدكتور بدر جاموس بيّن أن الدول العربية التي تتبنى موضوع تطبيع العلاقات مع نظام الأسد، برّرت موقفها من ذلك على اعتبار أن المجتمع الدولي لم يستطع فرض حلٍ سياسي على قاعدة القرار 2254، وهي تعتقد أن الحوار المباشر مع النظام الأسدي ربما يفتح بوابة الحل السياسي الشامل للصراع السوري، والذي مرّ عليه اثنا عشر عاماً.

وبيّن جاموس أن مواجهة التطبيع تحتاج إلى مزيد من وحدة قوى الثورة السورية والتحامها بقاعدتها الشعبية وهي تعمل على ذلك، مذكّراً بالمؤتمر السوري لمقاومة التطبيع الذي عُقد منذ أيام في مدينة الراعي في الشمال المحرّر.

بعد الإحاطة التي كانت مكثّفة تم فتح باب الأسئلة والمداخلات: فكان هناك مَن طرح تساؤلات عن عجز الائتلاف الوطني عن التأثير في واقع الصراع السوري، وكذلك عن جدية الولايات المتحدة بتطبيق قانونَيْ قيصر والكبتاغون، وإغماض عينيها عن التطبيع مع نظام الأسد، ولكن أبرز ما تمّ طرحه هو ما تقدّم به الإعلامي إبراهيم الجبين مدير تحرير موقع "نداء بوست" حيث تحدث عن توجُّه ملموس في خطاب جاموس وأُطر المعارضة السورية نحو مفهوم الواقعية السياسية. وهل لدى المعارضة خطة (ب) للتعامل مع الواقع الجديد في حال أصبح التطبيع مع الأسد أمراً واقعاً واستمرت واشنطن بتعطيل العمل بالعقوبات ضد الأسد وقانونَيْ قيصر والكبتاغون؟

مفهوم الواقعية السياسية، لا يمكن أن يكون فاعلاً في تحقيق أي تقدم على طريق الحل السياسي في ظل سيادة شعارات فقط.

وأكد جاموس على أن قرار مجلس الأمن أساساً ينص على شراكة بين النظام والمعارضة في هيئة حكم انتقالي مع تأكيده على المحاسبة ومساءلة المجرمين والفاسدين.

وفي الوقت الحالي تبدو الشعارات التي ما زالت ترفعها جماهير الثورة بلا ركائز حقيقية لها على أرض الواقع، ما يخلق حالة من عجز قوى الثورة في وضعها الحالي على التأثير بمجريات الصراع القائمة، باعتبار أن هذا الصراع لم يعد بين فصائل الثورة وميليشيا الأسد، بل هناك خمسة جيوش على الأرض السورية.

السيد جاموس لم يرفض فكرة الواقعية السياسية، وهذا إنْ دلّ على شيء، فإنما يدلّ على فهم الواقع الذي تعيشه الثورة السورية والشعب السوري في ظل توازُنات دولية لا تعمل لمصلحة الشعب السوري وثورته.

والسؤال: هل ستقوم أُطر مؤسسات قُوى الثورة والمعارضة بمراجعة سياساتها طيلة السنوات الماضية والتي لم تثمر نتائج ملموسة في الحل السياسي، وهل ستكون أكثر واقعية في فهم واقع الصراع في سورية وعليها، واختراق هذا الواقع بسياسة تُبنى وَفْق قواعد بعيدة عن شعارات ثورية لا يمكن تحويلها لممارسة سياسية؟

سؤال يبحث عن إجابة.

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد