القضاء الفرنسي يحكم غياباً بالسجن المؤبد على علي مملوك وجميل الحسن

القضاء الفرنسي يحكم غياباً بالسجن المؤبد على علي مملوك وجميل الحسن

أدانت محكمة فرنسية ثلاثةَ مسؤولين كباراً في النظام السوري، يوم أمس الجمعة، بارتكاب جرائم حرب لتورطهم في اختفاء مواطن سوري - فرنسي وابنه وقتلهما.

وحُكم على اللواء علي مملوك المستشار الأمني لرئيس النظام، وجميل الحسن الرئيس السابق لشعبة المخابرات الجوية، وعبد السلام محمود مسؤول التحقيق السابق في المخابرات الجوية، بالسجن مدى الحياة.

وتمحورت القضية، حول اختفاء ووفاة الأب مازن الدباغ وابنه عبد القادر (باتريك)، اللذين اعتقلهما عناصر المخابرات الجوية في دمشق في تشرين الثاني/ نوفمبر 2013 وقُتلا لاحقاً في المعتقل.

وقال عبيدة الدباغ، وهو شقيق مازن: "أشعر بعاطفة شديدة، لقد جاء الحكم الذي كنت أنتظره، إنها محاكمة تاريخية، وستشكل سابقة قانونية للقضايا المستقبلية".

ولم يحضر أي من المتهمين الثلاثة المحاكمة التي استمرت أربعة أيام، في محكمة الأسيز في العاصمة الفرنسية باريس.

وهذه هي المرة الأولى التي تتم فيها محاكمة مسؤول في النظام في الخدمة (علي مملوك) بتهمة ارتكاب جرائم حرب. 

بداية القصة

منتصف ليلة 3 تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، اعتُقل عبد القادر الذي يحمل الجنسيتين السورية والفرنسية والبالغ من العمر 20 عاماً، من منزله في حي المزة بدمشق، وكان حينها طالباً في السنة الثانية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة دمشق.

وقامت مجموعة من المخابرات الجوية مؤلفة من اثنين من الضباط، وعنصرين وخبير في مجال الكمبيوتر، بأخذه للاستجواب دون الإفصاح عن مبرّرات اعتقاله.

وفي الوقت ذاته من اليوم التالي، عاد الأشخاص أنفسهم إلى منزل عائلة الدباغ، هذه المرة برفقة ما يقرب من اثني عشر عنصراً مسلحاً، واتهموا والد عبد القادر، مازن الدباغ بالفشل في تربية ابنه بشكل صحيح واعتقلوه، زاعمين أن هذا سيعلمه كيفية تربية ابنه بشكل صحيح.

وتؤكد شهادة الشهود أن كلاً من مازن وعبد القادر قد اقتيدا إلى مركز احتجاز في مطار المزة العسكري الذي تديره المخابرات الجوية، والمعروف باستخدام التعذيب الوحشي فيه.

وتعتقد لجنة تقصي الحقائق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة بشأن سورية أن سجن المزة يحظى بأحد أعلى معدلات الوفيات بين مراكز الاحتجاز في سورية.

ولم يشارك مازن الدباغ وابنه عبد القادر في أي تحركات احتجاجية ضد النظام السوري، سواء قبل آذار/ مارس 2011 أو بعده، ويشاركهم مصيرهم ذلك عشرات الآلاف من السوريين الذين اعتقلهم النظام واقتادهم إلى مراكز الاحتجاز ولا يزالون مختفين قسرياً.

في وقت سابق من عام 2018، شرعت مكاتب التسجيل التابعة للنظام بإصدار شهادات وفاة لعدد كبير من الأشخاص المختفين. 

وفي تموز/ يوليو 2018، تلقت عائلة الدباغ إخباراً رسمياً بمقتل عبد القادر ومازن الدباغ، ووفقاً للوثائق التي تلقتها العائلة، فقد توفي عبد القادر في 21 كانون الثاني/ يناير 2014، بعد فترة وجيزة من اعتقاله، فيما توفي والده مازن بعد نحو أربع سنوات، في 25 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017.

إصدار مذكرات اعتقال دولية بحق ضباط النظام 

في 24 تشرين الأول/ أكتوبر 2016، قامت منظمة الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان (FIDH)، والرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان (LDH)، مع عبيدة الدباغ (شقيق مازن الدباغ) وبدعم من المركز السوري للإعلام وحرية التعبير  (SCM)، بإحالة قضية مازن وعبد القادر إلى وحدة جرائم الحرب الفرنسية.

وطلب المدعون في الشكوى المقدمة للمدعي العام، إجراء تحقيق قضائي فوري، من خلال تعيين قاضي تحقيق في جرائم الاختفاء القسري والتعذيب التي تصل إلى حد الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت ضد مازن وعبد القادر الدباغ من قِبل النظام السوري.

وفي 7 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، فتح المدعي العام تحقيقاً قضائياً وتم تعيين ثلاثة قضاة للتحقيق في القضية.

وبين كانون الأول/ ديسمبر 2016 وأيلول/سبتمبر 2021، أدلى عبيدة الدباغ بشهادته، ممثلاً من قِبل محامي الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، أربع مرات أمام قضاة التحقيق كطرف مدني في القضية.

وفي 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2018، أصدر قضاة التحقيق المسؤولون عن القضية ثلاثة أوامر توقيف دولية ضد علي مملوك وجميل حسن وعبد السلام محمود بتهمة المشاركة في جرائم ضد الإنسانية والتعذيب والاختفاء القسري وجرائم حرب.

وأدلى 23 شاهداً سورياً بشهاداتهم في هذه القضية، إما لأنهم كانوا ناجين من مركز احتجاز المزة، أو لأنهم واجهوا شخصياً أحد المسؤولين المتهمين.

وفي 27 كانون الثاني/ يناير 2023، طلب المدعي العام توجيه لائحة اتهام ضد علي مملوك وجميل حسن وعبد السلام محمود أمام محكمة باريس الجنائية بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية (اعتداءات متعمدة على الحياة أو التعذيب أو الاختفاء القسري أو السجن أو غير ذلك من أشكال الحرمان الجسيم من الحرية) وجرائم حرب (ابتزاز وإخفاء ابتزاز للممتلكات)، كما أمر قاضي التحقيق في 29 آذار/ مارس 2023، بإدانتهم أمام محكمة باريس الجنائية بنفس التهم.

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد