الحوالات المالية تُسعف السوريين خلال شهر رمضان
تُشكل الحوالات المالية الخارجية طوق النجاة بالنسبة لشريحة واسعة من السوريين المقيمين في مناطق سيطرة النظام، كونها تعينهم على قضاء حاجاتهم، وتحديداً في شهر رمضان حيث ترتفع الأسعار وتكثر المصاريف.
وعلى الرغم من الملاحقات الأمنية والعقوبات التي يفرضها النظام السوري على مكاتب الحوالات "غير الرسمية" وعلى المتعاملين بغير الليرة السورية، إلا أن شهر رمضان يمثل فرصة وموسماً لنشاط تجارة الحوالات النقدية من خارج سورية إلى مناطق سيطرة النظام.
حوالات السوق السوداء الخيار المفضَّل لأهالي حمص
مراسل "نداء بوست" في حمص قال: إن أجرة الحوالات المالية ارتفعت بشكل كبير مع دخول شهر رمضان، موضحاً أن تحديد الأجور يختلف من مكتب لآخر، يُضاف إليها رسوم النقل والتسليم.
وتتم معظم عمليات التسليم عَبْر اتصال هاتفي بين المستلم وصاحب المكتب، يتم خلاله تحديد مكان وتوقيت يتواجد به الطرفان بعيداً عن أعين الأفرع الأمنية.
https://twitter.com/NEDAAPOST/status/1578363202731397120?t=FLlNNNcePuHzAfySMC4MKg&s=19
الفارق الكبير بين أسعار الصرف في السوق السوداء وسعر الصرف في المصرف المركزي التابع للنظام، يدفع بالراغبين في إرسال الحوالات نحو السوق السوداء بدلاً من الشركات المرخصة.
ويبلغ سعر صرف الـ 100 دولار أمريكي ضِمن المصرف المركزي 720 ألف ليرة سورية بينما يتجاوز سعر صرف ذات المبلغ في السوق السوداء حاجز الـ750 ألف ليرة، الأمر الذي يجعل التوجه نحو السوق السوداء أمراً منطقياً وشِبه حتمي.
الحوالات المالية تُواجِه ارتفاع الأسعار في رمضان
تتزايد الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام السوري، سوءاً يوماً بعد يوم، وذلك لانعدام فرص العمل وقلة أجور اليد العاملة وتضييق الأفرع الأمنية على أصحاب المصالح ورؤوس الأموال.
ومع دخول شهر رمضان، وارتفاع الأسعار بنسبة كبيرة، تجد غالبية العائلات نفسها تعتمد بشكل رئيسي على الحوالات المالية الواردة من الخارج.
https://twitter.com/NEDAAPOST/status/1579509881429950466?s=19
تشكل هذه الحوالات القادمة من المغتربين مصدر دخل أساسي لذويهم في الداخل، الذين يعتمدون عليها اعتماداً كلياً مع تدهور قيمة العملة السورية ووصول كلفة معيشة العائلة إلى أكثر من 3 ملايين ليرة سورية شهرياً، مع ثبات الراتب الشهري للموظف على 120 ألف ليرة.
يتسلَّم إبراهيم العمارين 300 دولار شهرياً من ابنه المغترب في ألمانيا، ويقول لموقعنا: إن الحوالة تساعده على تدبر أموره في حال اقتصر على شراء الضروريات الأساسية فقط في ظل موجة الغلاء التي رافقت الشهر الكريم.
في حين، توضح أميمة النابلسي أن الحوالة الخارجية التي تصلها من ابنها المقيم في الأردن شهرياً لن تغطي نفقات الشهر الفضيل رغم الاقتصاد والتوفير إذ إن الأسعار ارتفعت بشكل كبير، لذا اضطرت للاستعانة بأخيها المغترب كي تستطيع تدبر تكاليف الشهر الكبيرة.
بدوره، أكد أيمن الرياضي المعيل لأسرة مؤلفة من 4 أفراد أن الحوالة التي تصله من الخارج وسيلة مساعدة إلى جانب عمله اليومي تعينه على العيش وتغطية نفقات عائلته في ظل الظروف الاقتصادية السيئة وارتفاع الأسعار الذي تشهده الأسواق.
مساعدات وإنْ كانت محدودة لكنها ضرورية لإبعاد شبح الجوع عن قاطني الداخل في ظل ارتفاع فاحش للأسعار، وظروف اقتصادية سيئة وصعوبة في تأمين الاحتياجات الأساسية ومتطلبات الأُسَر بالحدّ الأدنى.
ازدياد الحوالات المالية الخارجية لم يُسهم في استقرار الأسعار
أكدت جريدة "تشرين" التابعة النظام السوري، أن ازدياد الحوالات الخارجية خلال شهر رمضان لم يسهم في استقرار الأسعار، وذلك على عكس السنوات الماضية، رغم وصول التحويلات هذا العام إلى الضعف تقريباً.
ونقلت الجريدة عن الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق شفيق عربش قوله: إن تحقيق الاستقرار السعري يحصل عندما توفر الحكومة مناخات صحيحة وملائمة للمنافسة الاقتصادية في السوق و"هذا يتحقق من خلال فتح باب الاستيراد لمستوردين حقيقيين وليسوا مستوردين خلبيين يقومون بالاستيراد لمصلحة المستوردين الكبار الذين يتحكمون بالسوق".
وأشار عربش إلى أن المستورد يجمد مبالغ مالية لمدة ثلاثة أشهر من أجل الاستيراد لذلك يحمل أعباء ذلك على سعر البضائع المستوردة ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها والإحصاءات والتقديرات تشير إلى أن معدل التضخم خلال عام 2022 تجاوز 150%.