التقرير السنوي لمجلس الأمن.. الحالة في سورية أحد أعقد ملفين واجَهَا المجلس عام 2022
وصف "دي ألميدا فيليو" المندوب الدائم للبرازيل الحالة في سورية بأنها واحدة من أخطر أزمتين من أزمات العصر.
وأشار إلى أن مجلس الأمن واجه فيها إلى جانب الحالة في ميانمار خلافات عميقة، وانقسامات سياسية بين أعضائه.
ولفت إلى أن هذه الخلافات والانقسامات تجلّت في التصويت على القرار 2642 (تموز/ يوليو 2022) الذي مدد الإذن بدخول المساعدات الإنسانية عَبْر الحدود إلى سورية لمدة ستة أشهر.
خلافات وانقسامات
جاء تصريح مندوب البرازيل الدولة المكلفة بصياغة مقدمة التقرير السنوي لمجلس الأمن في الجلسة التي اعتمد فيها المجلس مشروع تقرير أعماله عن عام 2022.
والذي سيقدم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويُعتبر التقرير السنوي هو الالتزام الوحيد المطلوب من المجلس تجاه الجمعية العامة وَفْق المادة 24 من الميثاق.
وبقي هذا هو الإجراء المعمول به إلى أن ألزمت الجمعية العامة في قرارها 76/262 بتاريخ 26 تيسان/ إبريل 2022 مجلس الأمن بتقديم تقرير خاص لها في كل مرة يستخدم فيها أحد الأعضاء الخمسة الدائمين حق النقض الفيتو.
أول مشروع معدل
وكان ذلك بعد أول فيتو استخدمته روسيا ضد قرار إدانة عدوانها على أوكرانيا في 24 شباط/ فبراير 2022.
التقرير السنوي كان قد واجه بدوره خلافات عديدة قبل اعتماده حيث عمّمت البرازيل أول مسودة له في شهر شباط/ فبراير الماضي.
ثم أقر مشروع معدّل لمقدمة التقرير في 5 أيار/ مايو بعد تلقّي أربع جولات من التعليقات عليه، وتقرر التصويت عليه في 24 أيار/ مايو.
إلا أن خلافات جديدة حالت دون ذلك بعد سعي بعض الأعضاء إلى تضمين مزيد من المعلومات حول نشاط المجلس في الحالة الأوكرانية، إلى أن تم اعتماده في 30 أيار/ مايو.
مشاركات منخفضة
وحول الإجراء المتوقع من الجمعية العامة حيال التقرير، قال رياض الحسن الباحث في مركز جسور للدراسات لموقع نداء بوست: "إنه بسبب فشل الأمم المتحدة وعجزها عن إصلاح أساليب عملها وإعادة النظر في العلاقة بين مجلس الأمن، وبين الجمعية العامة التي تشعر بتهميشها على حساب الصلاحيات الواسعة للمجلس، فإنه غالبًا ما تكون مشاركة أعضاء الجمعية العامة في مناقشات التقرير السنوي منخفضة، ففي عام 2020 تحدث 37 عضواً فقط".
وأضاف الحسن أنه "في عام 2021 أخذ الكلمة 28 عضواً، فيما تحدث 25 عضواً في اجتماع العام الماضي، لذا فمن غير المتوقع وجود أي إجراء من الجمعية العامة".
الإمارات تتولى رئاسة مجلس الأمن الدولي
وأفادت الوكالة الإماراتية الرسمية "وام" بأن المندوبة الدائمة للإمارات لدى الأمم المتحدة، السفيرة لانا زكي نسيبة، ستترأس في وقت لاحق يوم الجمعة، أولى جلسات مجلس الأمن في يونيو، والتي ستستعرض خطة عمل المجلس للشهر الجاري.
وبحسب الوكالة ستبادر الإمارات خلال رئاستها للمجلس بالدعوة لمناقشة موضوعات رئيسية في إطار الأمن والسلم الدوليين، ضمن جلسات مناقشات عامة رسمية مفتوحة، تعقد أولاها في 8 يونيو الجاري.
الملف الكيميائي في سورية
وأسقطت الإمارات وَفْق برنامج مجلس الأمن الشهري المنشور الجلسة المخصصة لمناقشة ملف الأسلحة الكيماوية في سورية واكتفت بإدراج الجلسة المخصصة لمناقشة القضايا السياسية والإنسانية.
إضافة إلى المناقشة المفتوحة غير الرسمية أو قرار المساعدات الإنسانية 2672 ، وهو آخِر ملف مساعدات إنسانية، مع العلم أن إسقاط الجلسة يتفق مع مواقف إماراتية سابقة.
الموقف الإماراتي
وسبق أن عبّرت الإمارات عن موقفها من تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بأنه لم يُحرِز تقدُّماً في الملف، معتبرةً أنه أمر مؤسف.
وأن هناك قضايا معلقة ولم تُحَلّ، وعلى الرغم من أن القرار 2118 يعرب عن الحاجة إلى تقديم المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيميائية إلى العدالة فإن إحراز تقدُّم في هذه المسألة لا يزال قاصراً عن الكثير مما هو مرغوب فيه.
كما اعترضت الإمارات على عقد الجلسة الشهرية بذريعة عدم وجود جديد في التقارير وأن هذا يبدد موارد المجلس المالية في اجتماعات لا طائل منها.
الموقف الروسي من الملف الكيميائي
ويتفق الموقف الروسي مع الموقف الإماراتي من الملف الكيماوي ويخشى أن يكون الموقف الإماراتي من ثمرات التطبيع العربي مع النظام السوري وتخفيف الضغط الدولي عليه في ملفات أخرى مثل انتهاك حقوق الإنسان والمعتقلين.
وذكر مركز "جسور" في دراسة سابقة له أن روسيا التي تتولى رئاسة مجلس الأمن لشهر نيسان/ إبريل الماضي، أسقطت الجلسة المخصصة لاستعراض التقرير الشهري رقم 114 حول تنفيذ القرار 2118 (2013) المتعلق بالقضاء على برنامج الأسلحة الكيماوية للنظام السوري.
وأشار المركز في ورقته إلى أن روسيا كانت قد اعترضت مرات عديدة على عقد الجلسة الشهرية بذريعة عدم وجود جديد في التقارير، ما يبدد موارد مجلس الأمن المالية في اجتماعات لا طائل منها.
ويبدو أن روسيا كانت تتحضر لهذا الموقف منذ آخِر جلسة عُقدت في آذار/ مارس الماضي حيث امتنعت هي والصين عن الإدلاء بأي إحاطة فيه.
مسار الأسلحة الكيمائية
وبحسب تقرير المركز قالت روسيا في البرنامج الشهري الذي نشرته: إنّ لدى أعضاء المجلس وجهات نظر مختلفة بشكل كبير حول مسار الأسلحة الكيميائية في سورية، وأنه لطالما اشتكت هي والصين، وبعض الدول الأخرى من تواتر الاجتماعات على مسار الأسلحة الكيماوية في سورية، داعية إلى إنهاء ممارسة الاجتماعات الشهرية.
كما رجَّح المركز أنه من المتوقع أن يرفض العديد من أعضاء المجلس هذا البرنامج، ويطعنوا في قرار روسيا، خصوصاً أن جلسة نيسان/ إبريل كانت ستتضمن نتائج زيارة الفريق المصغر الذي نُشر في سورية في الفترة ما بين 17 إلى 22 كانون الثاني/ يناير 2023.
وتوقع التقرير إعادة ملف استخدام النظام للأسلحة الكيماوية لمداولات مجلس الأمن الشهرية؛ بسبب الموقف الغربي الرافض لمثل هذه الخُطوة؛ خصوصاً مع موجة الانتقادات الواسعة ضدّ تولي روسيا رئاسة مجلس الأمن؛ حيث ستستخدم مقعدها الرئاسي لنشر معلومات والترويج لأجندتها الخاصة فيما يتعلق بأوكرانيا.