الائتلاف الوطني السوري.. هُوِيّة ضائعة ومسؤوليات مفقودة  

الائتلاف الوطني السوري.. هُوِيّة ضائعة ومسؤوليات مفقودة  

نشر مركز جسور للدراسات دراسة بعنوان "واقع الهوية والمسؤولية في الائتلاف الوطني السوري: مشاكل وحلول" تناول فيه مشكلة قصور أداء الائتلاف الوطني، وعرض أسبابها، ومدى تأثير العوامل الداخلية والخارجية عليها.

رأت الدراسة أن الائتلاف لم يستطع أن يكرس نفسه كسلطة وطنية، رغم أن طبيعة الاعتراف الدولي به تمنحه ذلك، وتعرض التقرير إلى بعض المشكلات التنظيمية وخصوصاً في قضية امتهان منصب رئيس الائتلاف والفوضى الحاصلة فيه، والتي أضعفته في السنوات الأخيرة، وأضرت بشدة بسمعة الائتلاف ومكانته العربية والدولية.
وضعت الدراسة عدداً من الحلول لمعالجة مشاكل الائتلاف الوطني السوري منها.

ضبط تعريف الائتلاف لنفسه وفق وثائقه التأسيسية، والاعترافات الدولية التي حصل عليها، والتصرف كسلطة وطنية عليا بديلة عن سلطة النظام، أو نظيرة له على أقل تقدير، وأن يبسط سلطته الفعلية على المؤسسات التابعة له، وعلى المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وأن يعاود تقديم نفسه للمجتمع الدولي وفق هذه الصفة، وهذا الدور، وأن يتصدر المشهد لمتابعة شؤون السوريين وقضاياهم أينما وُجدوا لإثبات أنه الجهة المرجعية التي تمثل السوريين وتلبي تطلعاتهم.

معالجة سريعة

المعالجة السريعة لبنية الائتلاف "المختلّة" بين مكونات مجتمعية متضخّمة داخله، وأخرى مغيّبة تماماً خارجه، وبين قوى وشخصيات كادت أن تصبح وهمية وما تزال تحتفظ بتمثيلها فيه، مقابل تجمعات ومنصات وتحالفات ومجالس وهيئات سياسية ما تزال مستبعدة عنه.

الإعلان عن الرؤية السياسية للائتلاف، وتجاوز الخلافات التي منعت الاتفاق عليها، فالرؤية السياسية المعمول بها حالياً تعود إلى بداية عام 2015 وهي تخلو من القرار 2254 (2015) الذي يعتبر أساس الحل السياسي.

محاولة تفادي عامل التأثير الخارجي الذي يساهم بشكل سلبي في الأداء، أو تقليله على أقل تقدير، وتوسيع هوامش العمل، بالانتقال بشكل كامل إلى الداخل، فقيادة الائتلاف هي الوحيدة من بين سلطات الأمر الواقع الأربع في سورية التي توجد خارج البلاد، وهذا ينسحب أيضاً على قيادة هيئة التفاوض.

ضرورة الحوكمة لضبط العلاقة بين الائتلاف وبين المؤسسات التابعة له، وبين مؤسسات المعارضة الأخرى من خلال وضع اللوائح الداخلية التي تنظم العلاقة معها موضع التنفيذ، وتطويرها بحيث تحدد المهام والمسؤوليات بشكل دقيق، وتزيل أي تعارض أو تداخل بينها.

تقوية الائتلاف في الداخل من خلال حكومة تكنوقراط تقتضي تأمين عدد أكبر من الوظائف المدنية، بحيث تكون قادرة على إدارة المنطقة، وتقديم وتحسين جودة الخدمات الأساسية للسكان فيها، وهذا أيضاً يعزز من شرعية الائتلاف، والمعارضة عموماً.

إعادة هيكلة

إعادة ملف الدفاع إلى الائتلاف، وإعادة هيكلة القيادة العسكرية العليا، وتسمية قائد للجيش الوطني يكون مسؤولاً بشكل مباشر أمام الائتلاف، وهذا أمر يعزز من شرعية الائتلاف، والمعارضة عموماً.

تعيين دبلوماسيين من أصحاب الخبرة لإدارة وعضوية دائرة العلاقات الخارجية، والسعي نحو تحويل الاعترافات الدولية بالائتلاف إلى أمر واقع، ومنازعة النظام في شرعيته، والتدرج مع الأمم المتحدة نحو الحصول على اعتراف ينزع، أو ينازع النظام في شرعيته في الأمم المتحدة.

وخلصت الدراسة إلى أن الطريق إلى الأمام يكمن في ضرورة نقل مركز ثقل عمل الائتلاف الوطني إلى داخل سورية، والعمل في ظل التحديات المعيشية والأمنية التي يعيشها السوريون، والتقرّب من الحاضنة الشعبية. وهذا يقتضي إعادة تعريف الائتلاف لنفسه لاستعادة هويته الضائعة، ومسؤولياته المفقودة، وقصر الوجود الخارجي على مكاتب تمثيلية في عواصم الدول المعنية بالشأن السوري، وبالتعاون مع الجاليات السورية الموجودة فيها.

وإن من شأن هذه الخطوات أن تُقلّل من حجم التأثير الخارجي، وتوسّع هوامش العمل، وتمنح الائتلاف قدرة أكبر على القيام بالأدوار المطلوبة منه، خصوصاً الأدوار الداخلية التي هي من صلاحياته ومهامه، مثل ملف الدفاع والعلاقة مع الجيش الوطني، وملف إدارة المناطق المحررة، والعلاقة مع الحكومة المؤقتة، فالائتلاف هو السلطة الوطنية العليا، وهو الغطاء السياسي الذي يمنح الشرعية لجميع المؤسسات، والمسؤول عن مراقبتها ومحاسبتها، والمسؤول عن كل وظائف الدولة في مرحلة ما قبل الانتقال السياسي.

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد