إيران تختبر الولايات المتحدة وإستراتيجيتها المتشرذمة في سورية

إيران تختبر الولايات المتحدة وإستراتيجيتها المتشرذمة في سورية

يسلط هجوم إيران الأخير في سورية، والذي استهدف قواعد الولايات المتحدة، الضوء على لحظة حاسمة في ديناميكيات المنطقة.

فلقد قامت طهران بفحص العزيمة السياسية لخصمها اللدود في سورية، وحتى الآن، يبدو أن نتيجة الاختبار من غير المرجح أن تثني إيران عن شن هجمات إضافية بالوكالة.

لقد قامت طائرة مسيرة إيرانية ليلة 23 آذار/ مارس باستهداف قاعدة أمريكية شمال شرقي سورية.

ورداً على ذلك، نفذت الولايات المتحدة غارات جوية أسفرت عن مقتل 14 مقاتلاً موالياً لإيران، كما أفادت مجموعة مراقبة.

وقال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إنهم استهدفوا "منشآت تستخدمها الجماعات التابعة للحرس الثوري الإيراني"، وهي المرة الأولى التي يسفر فيها هجوم على قواعد أمريكية في سورية عن سقوط ضحايا.

https://twitter.com/NEDAAPOST/status/1639892630602493952?t=Qyi61u56s6sPThsgp6x_eQ&s=19

ويثير عدم قدرة أنظمة الدفاع الجوي للقاعدة على منع هجوم بطائرة كاميكازي الإيرانية من دون طيار تساؤلات مهمة، حيث أن توقيت الهجوم مهم وسبق الضربة زيارات عسكرية أمريكية رفيعة المستوى إلى المنطقة وتقارب دبلوماسي شكلي بين إيران والسعودية بوساطة الصين.

وقد ينظر الاستراتيجيون الإيرانيون إلى هذه الأحداث على أنها مؤشرات على ضعف الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وسورية، حيث أن الهجوم يسلط الضوء على حاجة الولايات المتحدة إلى تكييف استراتيجيتها والاستجابة لتوازنات القوى المتغيرة.

من المحتمل أن تكون الزيارات الرفيعة المستوى التي قام بها مسؤولو الجيش الأمريكي، بما في ذلك الجنرال الأمريكي مارك ميلي، قد أثارت مخاوف القيادة الإيرانية -وتركيا- بشأن تجديد التزام الولايات المتحدة بالمنطقة.

فبعد زيارة غير معلنة لقاعدة في شمال شرق البلاد للقاء القوات الأمريكية، أكّد الجنرال ميلي أن انتشار القوات الأمريكية في سورية منذ ما يقرب من ثماني سنوات لمحاربة تنظيم داعش لا يزال يمثل مخاطرة تستحق العناء.

https://twitter.com/NEDAAPOST/status/1632448033068666885?t=nFAcCcI8bcl1tzNlR5Tb4w&s=19

ولقد أدى التقارب الدبلوماسي الذي توسطت فيه الصين بين إيران والسعودية إلى زيادة التعقيد على المشهد الإقليمي.

فالقوة الدافعة وراء الهجوم بالوكالة الإيرانية هي مزيج من الخوف وضعف الولايات المتحدة المتصور في سورية.

وقد ظهر الهجوم الإيراني في لحظة بدت فيها الولايات المتحدة معرضة للخطر في الشرق الأوسط، وخاصة في سورية.

ويثير الوجود الأمريكي في البلاد انتقادات ليس فقط من روسيا وإيران، ولكن أيضاً من تركيا، الشريك في الناتو.

إن فشل الولايات المتحدة في تأمين تعاون تركيا يسلط الضوء على الضعف الملحوظ للعزيمة السياسية الأمريكية في أعين إيران.

استراتيجية أمريكية متشرذمة

تعاني استراتيجية الولايات المتحدة في سورية من التشرذم، فلم تتمكن واشنطن من الربط بنجاح بين جهودها المناهضة لتنظيم داعش وبين أهدافها المناهضة للأسد ولإيران داخل البلاد.

ويتضح هذا التشرذم عندما تسمح الولايات المتحدة للسلطات التركية باستخدام المجال الجوي لاستهداف قسد المتحالفة مع الولايات المتحدة، وتمتنع عن تمديد أي اعتراف سياسي بالجماعات التي يقودها الأكراد.

https://twitter.com/NEDAAPOST/status/1642120680010383361?t=eliBgR9PeXxR51CT7yiLoA&s=19

ونتيجة لذلك، فإن هذا المزيج من الضعف المتصور والتشرذم الاستراتيجي يترك الولايات المتحدة مكشوفة في المنطقة وعرضة لمزيد من الهجمات الإيرانية بالوكالة.

هجوم الوكيل الإيراني

أدى اغتيال اللواء الإيراني قاسم سليماني في عام 2020 إلى زيادة توتر العلاقات الأمريكية الإيرانية، مما دفع إيران إلى التعهد بالانتقام.

وبينما قامت إيران بخطوات رمزية، إلا أنها لم تكن قادرة على تنفيذ تهديداتها بنفس القوة التي هددت بها.

https://twitter.com/NEDAAPOST/status/1640344773553733632?t=lR3dCaGZkga7JKgGurbMSw&s=19

ومن المحتمل أن تكون إيران قد فسرت تصريحات الرئيس بايدن بعد الهجوم، والتي ذكر فيها أن الولايات المتحدة لا تريد الدخول في صراع مع إيران، على أنها علامة ضعف، فهذا الموقف الدفاعي لا يردع إيران، مما يجعل الولايات المتحدة عرضة لهجمات مستقبلية.

وأكد المتحدث باسم المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، كيفان خسروي، على موقف جريء، عندما قام بالتصريح بعد الرد الأمريكي يوم 25 آذار/مارس.

وذكر أن "أي ذريعة لمهاجمة القواعد التي أقيمت بناء على طلب النظام السوري لمكافحة الإرهاب وداعش داخل حدود ذلك البلد ستقابل برد فوري".

يتواجد حوالي 900 جندي أمريكي في جنوب وشرق سورية، كجزء من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش.

عواقب الموقف الدفاعي للولايات المتحدة

نظراً لأن الولايات المتحدة لا تزال في موقف دفاعي بدون استراتيجية متماسكة، فمن المتوقع حدوث المزيد من الهجمات الإيرانية في سورية.

والحقيقة أنه من الضروري بالنسبة للإدارة الأمريكية أن تقوم بتصحيح التشرذم في المقاربة التي تنتهجها الولايات المتحدة تجاه سورية، حيث تنتهج مختلف الكيانات استراتيجيات مفككة.

https://twitter.com/NEDAAPOST/status/1640714484632399873?t=umSRyu4paOgOtlCdHSOW3w&s=19

إن تطوير استراتيجية واضحة تربط بين الجهود المناهضة لتنظيم داعش، والأسد، والجهود المناهضة لإيران أمر بالغ الأهمية للولايات المتحدة لاستعادة مكانتها في المنطقة والتصدي بفعالية للهجمات الإيرانية المستقبلية.

المصدر: فوربس/ ترجمة: عبد الحميد فحام

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد