إسرائيل ما زالت تعيق جهود إيران للسيطرة على سورية بعد عقد من حرب الظل 

إسرائيل ما زالت تعيق جهود إيران للسيطرة على سورية بعد عقد من حرب الظل 

على الرغم من النجاح الكبير الذي حققته إسرائيل في حرب الظل التي شنتها ضد جهود طهران لبناء آلة حرب في سورية، إلا أن المحور الراديكالي الذي تقوده إيران لا يزال نشطاً للغاية هناك.

لقد بدأت جهود حرب الظلّ، التي أطلق عليها اسم "الحملة بين الحروب" من قبل الجيش الإسرائيلي، قبل عقد من الزمان والتي شهدت صدور تقارير عن مئات الغارات الجوية ضد عمليات توريد الأسلحة وجهود لبناء قواعد هجومية من قبل إيران وحزب الله وغيرهم من المليشيات الشيعية الموالية لإيران في سورية.

في الثالث من شهر تموز/ يوليو، استهدفت غارة جوية نسبتها وسائل إعلام دولية لإسرائيل مطار حلب الدولي في شمال سورية، مما ألحق أضراراً بالمنشأة وأدّى إلى إغلاقها.

وفي 30 حزيران/ يونيو، أصدر معهد دراسة الحرب ومقره واشنطن تقريراً أفاد بأن فيلق القدس الإيراني، وهو جزء من الحرس الثوري الإيراني، وحزب الله، أنشأوا مقراً عسكرياً جديداً في الميادين شرقي سورية. وذكر التقرير أيضاً أن حزب الله بدأ ببناء قاعدة عسكرية في دير الزور على مقربة من الميادين.

وتضم القاعدة مستودعات أسلحة ومعسكراً تدريبياً ومباني سكنية لمقاتلي الميليشيات الموالية لإيران وعائلاتهم. وفي غضون ذلك، أفادت التقارير أن فيلق القدس وحزب الله شيدوا مؤخراً مقراً عسكرياً وثكنات جديدة جنوب دمشق.

ووصف مراقبون الجهود بأنها من أجل وضع خطة تأمين طرق تهريب الأسلحة في سورية، وربط الطرق المؤدية إلى الجزء الذي تسيطر عليه سورية من هضبة الجولان على الحدود الإسرائيلية، وحزب الله في لبنان.

وقد قال الجنرال (من قوات الاحتياط) يوسي كوبرفاسر، رئيس قسم أبحاث المخابرات العسكرية السابق في جيش الدفاع الإسرائيلي والمدير العام السابق لوزارة الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلية، لشبكة JNS: إن الحملة بين الحروب كانت ناجحة إلى حد كبير. وأشار إلى أنها منعت كمية كبيرة من الأسلحة الإيرانية من الوصول إلى حزب الله والقوات التي تسيطر عليها إيران في سورية ولبنان.

وقال: إن "إنجازات الحملة تشمل إضعاف قبضة إيران وحزب الله في منطقة هضبة الجولان السورية وإضعاف قدرتهما على مهاجمة إسرائيل من الأراضي السورية".

كما قال كوبرفاسر، الذي يشغل اليوم منصب مدير مشروع التطورات الإقليمية في الشرق الأوسط في مركز القدس للشؤون العامة: "نجحت الحملة أيضاً في تشكيل قواعد اللعبة وبالتالي تمكين إسرائيل من حرية العمل على نطاق واسع في سورية".

وحذر من أن هذا لا يعني، مع ذلك، أن إيران تتخلى عن جهودها لبناء آلة حرب في سورية.

وهذا مشابه للفصائل الفلسطينية في قطاع غزة التي تطلق الصواريخ على إسرائيل على الرغم من اعتراض القبة الحديدية 95% من القذائف. وقال كوبرفاسر: إنهم (الفصائل لفلسطينية) يرون أن نسبة الـ 5% من الصواريخ التي يتم اختراقها تمثل إنجازاً، وهذه هي الطريقة التي تنظر بها إيران إلى تدفق إمدادات الأسلحة الذي لا يتم استهدافها"، وأضاف أن: "إيران لديها الدافع لمتابعة هذا البرنامج، لأنها استراتيجية بالنسبة لهم ".

واستشرافاً للمستقبل، قال كوبرفاسر: إن الحملة بين الحروب هي جزء من برنامج إستراتيجي إسرائيلي أوسع لعرقلة التهديدات من المحور الشيعي المتطرف بقيادة إيران. وهذا يشمل قدرات حزب الله الهجومية في جميع المجالات، بما في ذلك تسليحه بأسلحة دقيقة. وأضاف كوبرفاسر: "كلما زادت هذه التهديدات، زاد التعامل معها على حساب الحملة بين الحروب في سورية".

المحور الشيعي الإيراني

وصف إيلي كارمون، الباحث البارز في المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب (ICT) في هرتسليا، الحملة بين الحروب بأنها نجاح جزئي، مشيراً إلى أنه على الرغم من قدرتها على اعتراض إمدادات الأسلحة، إلا أن المحور الإيراني الشيعي تمكن من إحراز تقدم في اختراق البنية التحتية العسكرية السورية والمطارات.

وقال كرمون: "تسعى إيران أيضاً إلى تحقيق هدف ديموغرافي مدني طويل الأجل يتمثل في نقل الشيعة، وخاصة أعضاء الميليشيات وعائلاتهم، من العراق وأفغانستان إلى المناطق التي كانت ذات يوم مناطق سنية في سورية".

"كما ترغب إيران في تحويل العلويين في سورية إلى الإسلام الشيعي حتى يطوروا ولائهم الكامل للمرشد الأعلى الإيراني آية الله خامنئي وخليفته في نهاية المطاف."

خلال سنوات حرب الظل، قامت إسرائيل بتدمير حوالي نصف أنظمة نظام الأسد أرض-جو بسبب هجماتها على سلاح الجو الإسرائيلي، حسب تقييم كارمون. ونتيجة لذلك، بدأت إيران جهوداً لتزويد سورية بنظام دفاع جوي محلي خاص بها، يُطلق عليه اسم بافار 373.

وفي غضون ذلك، أشار كارمون إلى أنه على الرغم من التعاون المتزايد مع موسكو، ترى إيران فرصة جديدة لتعميق قبضتها على سورية بسبب إعادة توزيع القوات العسكرية الروسية في أوكرانيا. وقال: إن هذا التطور إلى جانب عدم الثقة لدى المؤسسة الإيرانية في الكرملين ساهم في تهدئة التوترات بين موسكو وطهران.

إن التأكيدات الروسية السابقة بأن قوات المحور الإيراني لن تتحرك في غضون 80 كيلومتراً (50 ميلاً) من الحدود السورية الإسرائيلية أثبتت عدم موثوقيتها إلى حد كبير، حيث إن إيران تمكنت إلى حد ما من مراوغة مجتمع الاستخبارات الإسرائيلي وما زالت تفعل ذلك، فتهريب كميات كبيرة من الصواريخ والطائرات بدون طيار وغيرها من القدرات إلى وكلائها في سورية أكبر دليل على ذلك. وبالإضافة إلى ذلك، فإن لحزب الله دور مهم في سورية حيث يقوم بتعليم القوات العسكرية في جيش النظام وإعطائهم دروساً عسكرية".

وفي النهاية فمن الضروري معرفة أنه عدم الرد الإسرائيلي على استفزازات حزب الله المتزايدة من لبنان منذ تموز/ يوليو 2020 يغذي ثقة حزب الله بنفسه.

المصدر: جيويش نيوز سانديكات

بقلم: ياكوف لابين

ترجمة: عبد الحميد فحام

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد