أول منطقة صناعية شمال إدلب.. معامل ضخمة بعشرات ملايين الدولارات ووعود بتأمين 50 ألف فرصة عمل

أول منطقة صناعية شمال إدلب.. معامل ضخمة بعشرات ملايين الدولارات ووعود بتأمين 50 ألف فرصة عمل

نداء بوست- المتابعة والتحقيقات- أحمد عكلة

"بدنا نخلص شغل المعمل قبل الصيف" بهذه الكلمات يحثّ ياسر المحمود عماله الذين يعملون ببناء مبنى مؤلف من عدة طوابق ليتم استخدامه كمعمل أدوية في الأسابيع القادمة ضِمن المدينة الصناعية الواقعة بالقرب من معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا.

ياسر هو مسؤول عن ورشة عمال وهو شريك مع أربعة آخرين في افتتاح معمل أدوية سوف يكلف ما يقارب 7 ملايين دولار من بناء وآلات وموادّ أولية وطاقة كهربائية.

وفي حديث لموقع "نداء بوست" يؤكد ياسر أنه بعد افتتاح المدينة الصناعية قبل عدة أشهر قدمنا على رخصة لافتتاح معمل، ودرسنا الجدوى الاقتصادية حيث وجدنا أنه بإمكاننا الحصول على شهادة منشأ والتصدير لدول خارج سورية".

ويضيف في حديثه "المعمل قادر على استيعاب أكثر من 400 عامل، بالإضافة إلى أنه سيشغل عدداً غير محدود من مندوبي الأدوية حيث سيؤمن فرص عمل كثيرة في ظل ارتفاع نسبة البطالة".

وأعلنت حكومة الإنقاذ العاملة في إدلب قبل أشهر عن بدئها العمل على إنشاء مدينة باب الهوى الصناعية، كأولى المدن الصناعية في محافظة إدلب.

وبحسب المسؤولين عن المدينة فإنهم خصصوا مدخلين شرقياً على طريق "كلبيد – البردقلي" وجنوبَ غربيٍّ على طريق "سرمدا - باب الهوى" قرب الحدود مع تركيا، كما أنها قُسمت إلى قطاعات بحسب أنواع الصناعات الكيميائية والهندسية النسيجية والغذائية.

ومن المتوقع أن توفر المدينة الصناعية الجديدة أكثر من 15 ألف فرصة عمل بشكل مباشر وقرابة 50 ألف فرصة عمل بشكل غير مباشر، وذلك بهدف خفض نسبة البطالة التي ارتفعت بشكل كبير بسبب الحرب والتهجير.

وتبلغ مساحة مدينة باب الهوى الصناعية في مرحلتها الأولى 50 هكتاراً مقسمة على 260 قسماً تضم 4 صناعات رئيسية وهي الغذائية والنسيجية والهندسية والكيميائية والخدمية كمرحلة أولى، كما سيتم افتتاح 50 هكتاراً أخرى خلال المرحلة الثانوية".

مضر العمر مدير مدينة باب الهوى الصناعية يؤكد أن "الصناعات تختلف في المدينة الصناعية من معامل الأدوية، والغذائية، والحديد والصلب، أيضاً الصناعات البلاستيكية، والتعبئة والتغليف، ومعامل المشروبات الطبيعية، وأيضاً معامل الأعلاف الحيوانية، ومعامل تشكيل الحديد وبعض الصناعات المخدمة لهذه الصناعات مثل المطابع ومعامل أكياس النايلون".

وفي حديث لموقع "نداء بوست" يؤكد العمر أن "الهدف الأول للمدينة الصناعية هو العمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي لشمال غرب سورية، والسعي للتصدير في حال تطور هذه الصناعات وزيادة إنتاجها".

[caption id="attachment_68798" align="alignnone" width="350"] مضر العمر مدير المدينة الصناعية شمال سوريا(نداء بوست)[/caption]

ولفت إلى أن العديد من الصناعات يتم تصدير منتجاتها كالألبسة والمواد الغذائية، وكذلك عدة مواد فائضة عن حاجة السوق المحلي مثل زيت الزيتون، وتجفيف الفواكه، الكنسروة والحجر، والمعادن.

ويشير إلى أن حكومة الإنقاذ السورية تعمل على تأمين أسواق تصدير للبضائع الزائدة عن حاجة المحرر إما لشمال شرق سورية والعراق أو لأسواق تركيا  لتمضي عبرها "ترانزيت" لجميع دول العالم.

ويوضح بأنهم أكدوا على أن المدينة تستقطب فقط الصناعيين وتستهدف المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية التي تكفي الشمال السوري ويمكنها بذات الوقت التصدير لدول خارج سورية.

وقد تسبب الزلزال بتوقف مصالح ومشاريع الكثير من رجال الأعمال السوريين في جنوب تركيا وشمال سورية ما دفعهم للطلب من إدارة المنطقة الصناعية بافتتاح مشاريع لهم داخلها.

وبحسب مصادر متقاطعة من أصحاب رؤوس الأموال والمشاريع في المنطقة الصناعية فإن حجم الأموال التي سوف تُضَخّ داخل المدينة ستصل لما يقارب مليار دولار أو يزيد بعد الانتهاء من تنفيذ كافة المشاريع.

برجس حسين وهو صاحب معمل لصناعة البلاستيك ضِمن المدينة الصناعية يجلب مواده الأولية من السعودية ودول أخرى حسب الحاجة ويقوم بتوزيع كافة إنتاجه داخل مناطق الشمال السوري ويصدر حتى إلى مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية.

يؤكد حسين في حديث لموقع "نداء بوست" بأنه يوظف حالياً بين 50 إلى 75 عاملاً غالبيتهم نساء، وسوف يقومون بزيادة أعدادهم ليصلوا إلى مائة عامل خلال فصل الصيف القادم حيث تتراوح الأجرة اليومية للعامل ما بين (3-6 دولارات أمريكية).

ويوضح بأن "الأجور في المنطقة الصناعية تعتبر جيدة أكثر من المعامل الأخرى، حيث يتم استغلال العمال وبعضهم يتلقى دولارين مقابل عمل يوم واحد حيث نسعى إلى زيادة الأجور للعمال بعد الانطلاق بفترة جيدة".

وحددت وزارة الاقتصاد والموارد ومديرية الصناعة التابعة لحكومة الإنقاذ شروطاً يتم من خلالها تقييم عروض الاستكتاب على مقاسم المدينة الصناعية بناء على عدة عوامل للمفاضلة بين العروض المقدمة.

وأبرز تلك النقاط رأس مال المشروع: وخصص لكل 50 ألف دولار علامة واحدة من أصل 15 علامة لرأس المال، وكذلك فرص العمل: وخصص لكل خمسة عمال علامة واحدة من أصل 20 علامة.

كما أن تصنيف المشروع من أبرز النقاط حيث يمنح المشروع الإستراتيجي 10 علامات في حين أن العادي لا يمنح أي علامة، كذلك فإن تسجيل المنشأة الصناعية لدى مديرية الصناعة له أثره  حيث تحصل المنشأة المسجلة على 5 علامات في حين لا تحصل غير المسجلة على أية علامة.

محمد أبو فياض وهو أحد العاملين ضِمن المنطقة الصناعية يؤكد سعادته بأنه تمكن من إيجاد فرصة عمل بعد بحث دام أشهُراً وهو عاطل عن العمل ولا يجد ما يُعيل به عائلته.

وفي حديث لموقع "نداء بوست" يوضح محمد أنه سيحصل على راتب شهري قدره 150 دولاراً جراء عمله في معمل لصناعة البوظة، معتبراً أن الراتب لا يكفي المعيشة ولكنه يسدّ الرمق بالإضافة إلى السلة الغذائية الشهرية التي يحصل عليها.

ويوضح أبو فياض بأن هذه المدينة هي فرصة لآلاف الشبان إلى الانضمام ليس فقط العمال بل المهندسون والمقاولون وأصحاب الآليات الثقيلة أي أنها قادرة على تحريك عجلة الاقتصاد في شمال سورية.

وإبان افتتاح المدينة الصناعية خلال العام الماضي، طالب الصناعيون حكومة الإنقاذ بحماية المنتج المحلي عَبْر سنّ تشريعات ملائمة، وتنظيم سياسة تسعير المنتجات، ومواجهة سياسة الإغراق التي يقوم بها بعض التجار المستوردين لسلعة معينة إلى الداخل السوري.

كذلك دعوا إلى توفير البيئة القانونية التي تضمن حقوق الملكية وتضمن الحماية من التزوير، والعمل على تنظيم اتفاقيات لضمان تصدير منتجات الصناعة المحلية.

بدورها، تقدم المدينة الصناعية المقاسِمَ منظَّمةً ومجهَّزةً ومخدَّمةً بالماء والكهرباء والصرف الصحي والطرقات المرصوفة بحجر (الأنترلوك) بالإضافة إلى طالب ضوئي للاتصالات.

ومن ضِمن الدعم المقدَّم من قِبل المديرية القسم الخدمي والذي يضمّ الحدائق والمنتزهات والتي تُعتبَر رئة المدينة الصناعية.

جدير بالذكر أن ولاية "كلس" التركية قامت بافتتاح المدينة الصناعية في مدينة الراعي شمال حلب في 3 ديسمبر/ كانون الأول 2020.

وحسب صحيفة “يني شفق” التركية فإن المدينة يتم بناؤها على مساحة 15 هكتاراً وتضمّ 700 ورشة عمل وتوظِّف سبعة آلاف شخص.

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد