أسوشيتد برس: "تحرير الشام" تسعى للخروج من لوائح الإرهاب الأمريكية.. هل تنجح؟

أسوشيتد برس: "تحرير الشام" تسعى للخروج من لوائح الإرهاب الأمريكية.. هل تنجح؟

‏أكدت وكالة "أسوشيتد برس الأمريكية"، أن هيئة تحرير الشام المتمركزة في محافظة إدلب شمال غربي سورية، تبذل جهوداً حثيثةً لإزالة اسمها من لوائح الإرهاب الأمريكية.

وبدأت الوكالة تقريرها الذي نشرته اليوم الأحد بالحديث عن ماضي زعيم هيئة تحرير الشام أبي محمد الجولاني، وكيف اشتهر خلال العقد الماضي بسمعته "السيئة" من خلال إعلان مسؤوليته عن تفجيرات، والتهديد بالانتقام من قوات "الصليب" الغربية، و"قمع النساء اللواتي يرتدين ملابس غير محتشمة في الساحات والأسواق العامة".

أما اليوم، فتقول الوكالة: إن الجولاني يحاول جاهداً إبعاد مجموعته، عن أصولها التي تعود إلى تنظيم القاعدة، ونشر رسالة التعددية والتسامح الديني في مناطق حكمه.

خطوات الجولاني لإزالة "تحرير الشام" من لوائح الإرهاب 

‏اتخذ الجولاني إجراءات صارمة ضد الفصائل المتشددة، وحلّ الشرطة الدينية، ولأول مرة منذ أكثر من عقد، سمح بإجراء قداس في كنيسة مزدحمة في محافظة إدلب، في محاولة لتغيير صورته عالمياً.

كما ‏أبلغ الجولاني تجمعاً للمسؤولين الدينيين والمحليين أنه لا ينبغي فرض الشريعة الإسلامية بالقوة، وقال مشيراً إلى السعودية التي خففت ضوابطها الاجتماعية في السنوات الأخيرة: "لا نريد أن يصبح المجتمع منافقاً حتى يصلوا عندما يروننا ويتركوا الصلاة حينما نغيب".

‏يأتي هذا التحول في وقت تشعر فيه تحرير الشام بالعزلة بشكل متزايد، حيث تعيد البلدان التي دعمت الثورة السورية علاقاتها مع رئيس النظام السوري بشار الأسد.

كما ‏غيَّرت السعودية، -عدو الأسد- مسارها وقادت الاندفاع الأخير الذي أدى إلى عودة الأسد إلى جامعة الدول العربية، وذلك بعد اثني عشر عاماً من العزلة الإقليمية.

‏حتى تركيا، أشارت إلى وجود تحوُّل في موقفها تجاه النظام السوري، حيث التقى وزير الخارجية التركي نظيره لدى النظام السوري في موسكو، في أول اجتماع من نوعه منذ عام 2011، والذي حضره وزيرَا خارجية روسيا وإيران، حلفاء الأسد الرئيسيون.

‏يمثل الاجتماعُ خطوةً مهمةً نحو استعادة الأسد وأنقرة للعلاقات الثنائية، حتى مع بقاء وجود القوات التركية في شمال غرب سورية.

أبو محمد الجولاني وهيئة تحرير الشام 

‏برز اسم الجولاني في الأشهر الأولى من الثورة السورية عام 2011، عندما أصبح زعيم فرع القاعدة في سورية، المعروف في ذلك الوقت باسم جبهة النصرة، وتوافد المسلحون وكبار المسؤولين من تنظيم القاعدة التابع لأسامة بن لادن إلى معسكرات المجموعة شمال سورية، حيث قُتل العديد منهم لاحقاً في الضربات الأمريكية.

‏في تموز/ يوليو 2016، غيرت جبهة النصرة اسمها إلى جبهة فتح الشام، وقالت: إنها قررت قطع علاقاتها مع القاعدة، في خطوة اعتبرها كثيرون محاولة لتحسين صورتها ثم اندمجت فتح الشام لاحقاً مع مجموعات أخرى وأصبحت هيئة تحرير الشام.

‏خلال تلك الفترة، أظهر الجولاني وجهه علناً لأول مرة، وغيَّر أسلوبه في اللباس من العمامات البيضاء والجلباب إلى القمصان والسراويل، ولاحق مقاتلوه مسلحي داعش الذين فروا إلى إدلب، وقمعوا حراس الدين وهي جماعة مسلحة أخرى تضم أعضاء القاعدة المتشددين الذين انفصلوا عن هيئة تحرير الشام.

و‏في عام 2017، أنشأت هيئة تحرير الشام ما يسمى "حكومة الإنقاذ" لإدارة الشؤون اليومية في المنطقة.

‏في البداية، حاولت فرض الشريعة الإسلامية، وتم تكليف الشرطة الدينية بالتأكد من تغطية النساء مع إظهار وجوههن وأيديهن فقط، كما أجبر أعضاؤها المتاجر على الإغلاق يوم الجمعة حتى يتمكن الناس من حضور الصلوات الأسبوعية، كما تم حظر تشغيل الموسيقى، وكذلك تدخين الأراكيل في الأماكن العامة.

‏في آذار/ مارس 2020، توصلت روسيا وتركيا، إلى هدنة في إدلب، ومنذ ذلك الحين، شهد شمال غرب سورية هدوءاً نسبياً، وركزت هيئة تحرير الشام جهودها على اتخاذ إجراءات صارمة ضد بقايا تنظيم داعش والجماعات الجهادية الأخرى.

‏قال مركز أبحاث مجموعة الأزمات الدولية في تقرير في وقت سابق من هذا العام: إن هيئة تحرير الشام قد تطورت و"أبعدت نفسها عن الجهادية العالمية".

‏الجماعة حاولت في بعض الأحيان تصوير نفسها على أنها مدافعة عن الأقليات في الشمال الغربي في المقام الأول، ففي آذار/ مارس الماضي، قتل مسلحون أربعة رجال أكراد في بلدة جنديرس أثناء إشعال النار للاحتفال بعيد النيروز، ليقوم الجولاني بلقاء عائلات الضحايا وغيرهم من السكان الأكراد في المنطقة ووعد بالانتقام من الجناة.

و‏في مقابلة أُجريت عام 2021 مع مجموعة الأزمات الدولية، وصف الجولاني تصنيف مجموعته الإرهابية بأنه "غير عادل" و"سياسي"، وقال: إنه انتقد السياسات الغربية في المنطقة، "لم نَقُلْ إننا نريد القتال" معهم.

‏قال الجولاني: إن مشاركته مع القاعدة قد انتهت، وإنه حتى في الماضي كانت مجموعته "ضد تنفيذ عمليات خارج سورية".

هل تشطب الولايات المتحدة هيئة تحرير الشام من لوائح الإرهاب؟

تعتبر الولايات المتحدة الهيئة جماعة إرهابية وقدمت مكافأة قدرها 10 ملايين دولار للحصول على معلومات عن مكان وجود الجولاني، كما أدرجتها الأمم المتحدة أيضاً على قائمة المنظمات الإرهابية.

و‏في وقت سابق من هذا الشهر، فرضت الولايات المتحدة وتركيا بشكل مشترك عقوبات على شخصين بزعم أنهما جمعَا الأموال لهيئة تحرير الشام.

تُظهر التدوينات على حسابات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بمكافآت الحكومة الأمريكية من أجل العدالة، صورة الجولاني يرتدي قميصاً أزرقَ فاتحاً وسترة زرقاء داكنة مع تعليق باللغة العربية يقول: "مرحبا، أيها الجولاني الوسيم، إنه قميص جميل، يمكنك تغيير زيك الرسمي، لكنك ستكون دائماً إرهابياً، لا تنسَ مكافأة 10 ملايين دولار".

يبدو أن التغيير في صورة الجولاني العامة لم يُثِرْ إعجاب الحكومة الأمريكية، حيث ‏قالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان سابق: إن الجولاني لا يزال إرهابياً.

‏يقول آرون لوند، الزميل في مركز أبحاث "سنتشري" الدولي: إنه يعتقد أنه من غير المرجح أن تزيل الولايات المتحدة هيئة تحرير الشام والجولاني من قائمتها الإرهابية، ويضيف: "على حد علمي، لا تزال الحكومة الأمريكية قَلِقة حقاً بشأن صلات المجموعة بالجهادية العالمية".

‏فيما يقول وائل علوان، الباحث في مركز جسور للدراسات: إنه يعتقد أن الجولاني يحاول إظهار أنه يسيطر على إدلب وضمان مكان لنفسه في سورية بمجرد انتهاء الصراع.

من جانبه، يقول عاصم زيدان، الناشط المتخصص بتعقب انتهاكات هيئة تحرير الشام، إن تصنيف المجموعة بالإرهابية هو ضربة لصورة الجولاني الذاتية، وأضاف: "بعد تشكيل حكومة الإنقاذ وإنشاء الوزارات، يرى الجولاني نفسه الآن كرئيس للدولة".

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد