"أسوشيتد برس": الخلافات الكبيرة بين تركيا والأسد قد تعوق التوصُّل لاتفاق.. والطرفان ينتظران الانتخابات الأمريكية

"أسوشيتد برس": الخلافات الكبيرة بين تركيا والأسد قد تعوق التوصُّل لاتفاق.. والطرفان ينتظران الانتخابات الأمريكية

سلطت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية، الضوء على مسار التطبيع المرتقب بين تركيا والنظام السوري، وإمكانية تحقيق الطرفين خرقاً فيه، وبشكل خاص فيما يتعلق بالانسحاب التركي من شمال غربي سورية، والتوصل لاتفاقيات حقيقية مع النظام.

وفيما يلي نص التقرير كما ورد في موقع الوكالة، وترجمه موقع "نداء بوست":

أشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس النظام السوري بشار الأسد مؤخراً إلى اهتمامهما باستعادة العلاقات الدبلوماسية التي انقطعت منذ أكثر من عقد من الزمان.

وقال أردوغان إنه يأمل في ترتيب اجتماع مع الأسد قريباً للمرة الأولى منذ قطع الجانبان علاقاتهما في عام 2011 بعد أن تحولت الاحتجاجات الجماهيرية المناهضة للنظام والقمع الوحشي من قبل قواته إلى حرب مستمرة حتى الآن.

وذكر أردوغان في كلمة ألقاها خلال قمة حلف شمال الأطلسي في واشنطن يوم الخميس أنه دعا الأسد قبل أسبوعين إما إلى الحضور إلى تركيا لحضور الاجتماع أو عقده في دولة ثالثة، وأنه كلف وزير الخارجية التركي بمتابعة الأمر.

ودعمت تركيا جماعات معارضة سورية تسعى للإطاحة بالأسد ولا تزال تحتفظ بقواتها في الشمال الغربي الذي تسيطر عليه المعارضة، وهي نقطة حساسة بالنسبة للنظام.

وهذه ليست المرة الأولى التي تجري فيها محاولات لتطبيع العلاقات بين الجانبين، لكن المحاولات السابقة فشلت في تحقيق أي تقدم.

ماذا حدث في محادثاتهم الأخيرة؟ 

تعمل روسيا، التي تُعَدّ أحد أقوى الداعمين للنظام السوري ولكنها تتمتع أيضاً بعلاقات وثيقة مع تركيا، على الضغط من أجل عودة العلاقات الدبلوماسية.

في ديسمبر/ كانون الأول 2022، عقد وزراء دفاع تركيا وروسيا والنظام محادثات في موسكو، وهو أول اجتماع على المستوى الوزاري بين الخصمين منذ عام 2011، كما توسطت روسيا في اجتماعات بين مسؤولين من تركيا والنظام العام الماضي.

لكن المحادثات باءت بالفشل، وواصل مسؤولو النظام انتقاد الوجود التركي في شمال غربي سورية علناً، وقال الأسد في مقابلة مع سكاي نيوز عربية في أغسطس/ آب الماضي إن هدف مبادرات أردوغان كان "إضفاء الشرعية على الاحتلال التركي في سورية".

ما المختلف الآن؟ 

يبدو أن روسيا تعمل مرة أخرى على تعزيز المحادثات، ولكن هذه المرة، عرض العراق الذي يشترك في حدود مع كل من تركيا وسورية التوسط أيضاً، كما فعل سابقاً بين الغريمين الإقليميين السعودية وإيران .

وقال آرون لوند، وهو زميل في مركز سينشري إنترناشونال للأبحاث، إن العراق ربما يكون قد اتخذ زمام المبادرة كوسيلة لصرف الضغوط عن تركيا لحملها على اتخاذ إجراءات صارمة ضد حزب العمال الكردستاني.

وقال لوند إن بغداد ربما تحاول من خلال الدفع نحو التقارب مع النظام السوري "خلق شكل من أشكال المشاركة الإيجابية مع الأتراك، وتأجيل المشكلة، وصرف الانتباه عن التهديد بالتدخل".

كما تغير الوضع الجيوسياسي في المنطقة مع الحرب في غزة والمخاوف من اندلاع صراع إقليمي أوسع نطاقاً، ويقول أوزغور أونلوهيسارسيكلي، المحلل في الشؤون التركية ومدير صندوق مارشال الألماني في أنقرة، إن البلدين ربما يشعران بعدم الأمان ويسعيان إلى إقامة تحالفات جديدة في مواجهة التأثيرات الإقليمية المحتملة للحرب.

ماذا تريد تركيا والنظام السوري؟

من جانب أردوغان، قال أونلوهيسارسيكلي إن محاولة المشاركة ربما تكون مدفوعة جزئياً بالمشاعر المناهضة للسوريين المتزايدة في تركيا، ومن المرجح أن يأمل أردوغان في التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يمهد الطريق لعودة العديد من اللاجئين البالغ عددهم 3.6 مليون لاجئ الذين يعيشون في بلاده.

من جانب النظام السوري، فإن العودة إلى العلاقات مع تركيا من شأنها أن تشكل خطوة أخرى نحو إنهاء العزلة السياسية التي يعاني منها الأسد في المنطقة بعد أكثر من عقد من الزمان قضاه منبوذاً بسبب حملة القمع الوحشية التي شنتها قواته ضد المتظاهرين في عام 2011 وجرائم الحرب التي ارتكبتها بعد ذلك.

وعلى الرغم من خلافاتهما بشأن الوجود التركي في شمال غربي سورية، فإن تركيا والنظام لديهما مصلحة في الحد من استقلال الجماعات الكردية في شمال شرقي سورية.

وقال أونلوهيسارسيكلي إن تركيا ربما تشعر بالقلق من تدهور الوضع الأمني في شمال شرقي سورية في حال سحبت الولايات المتحدة قواتها المتمركزة هناك حالياً كجزء من التحالف ضد تنظيم داعش، مضيفاً أن هذا قد يتطلب من تركيا "التعاون أو على الأقل التنسيق مع النظام لإدارة عواقب الانسحاب الأمريكي".

من جانبه، قال جوزيف ضاهر، الباحث السويسري السوري والأستاذ الزائر في معهد الجامعة الأوروبية في فلورنسا، إن الجانبين يأملان على الأرجح في تحقيق "مكاسب اقتصادية" متواضعة من التقارب.

وأضاف أنه في حين لم تتوقف التجارة تماماً، فإنها تمر حالياً عبر وسطاء، في حين أن استعادة العلاقات الدبلوماسية من شأنها أن تسمح باستئناف التجارة الرسمية وجعل التجارة أكثر سلاسة.

آفاق التوصل إلى اتفاق

اتفق المحللون على أن المحادثات من غير المرجح أن تؤدي إلى الانسحاب التركي الكامل من شمال غربي سورية الذي دعا إليه النظام أو أي تحول كبير آخر في الظروف على الأرض في الأمد القريب.

وقال لوند إنه على الرغم من أن مصالح الجانبين "تتداخل إلى حد كبير في الواقع"، فإن "هناك أيضاً خلافات كبيرة" و"الكثير من الدماء السيئة والمرارة" التي قد تعوق حتى "إبرام الصفقات على مستوى أدنى". 

وأضاف أن أردوغان والأسد قد يرغبان أيضاً في انتظار نتائج الانتخابات الأمريكية، والتي قد تحدد البصمة الأمريكية المستقبلية في المنطقة، قبل إبرام صفقة كبيرة.

وفي الأمد البعيد، يقول لوند: "إن منطق الموقف يملي التعاون التركي السوري في شكل ما... إنهما جاران، إنهما عالقان مع بعضهما البعض، والجمود الحالي لا يفيدهما بأي شيء".

واتفق أونلوهيسارسيكلي على أنه من غير المرجح أن يتمخض عن المحادثات الحالية "صفقة كبرى"، لكنه قال إن الحوار المتزايد قد يؤدي إلى "بعض تدابير بناء الثقة".

وقال ضاهر إن النتيجة الأكثر ترجيحاً للمحادثات هي بعض "الاتفاقيات الأمنية" بين الجانبين، ولكن ليس الانسحاب التركي الكامل من سورية على المدى القصير، خاصة أن جيش النظام السوري ضعيف للغاية بحيث لا يستطيع السيطرة على شمال غربي سورية بمفرده.

كيف ينظر الناس في تركيا وسورية إلى الاتفاق المحتمل؟

في تركيا وفي المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري، ينظر كثيرون إلى احتمالات التقارب بشكل إيجابي، ومن ناحية أخرى، اندلعت الاحتجاجات في شمال غربي سورية ضد احتمالات تطبيع العلاقات بين أنقرة التي كانت قد وضعت نفسها في السابق كحامية للمعارضة السورية.

كما نظر الأكراد في سورية إلى التقارب المحتمل بقلق، وقالت "الإدارة الذاتية" التي يقودها الأكراد في شمال شرقي سورية في بيان: إن المصالحة المحتملة ستكون "مؤامرة ضد الشعب السوري" و"شرعنة واضحة للاحتلال التركي".

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد