أبعاد للدراسات يكشف عن أهداف منتدى أنطاليا وعلاقته بالتحوُّلات السياسية في تركيا
أصدر مركز أبعاد للدراسات تقريراً تحليلياً كشف فيه عن أهداف منتدى أنطاليا الدبلوماسي الأخير الذي أُقيم في تركيا وعلاقته بالتحوُّلات الخارجية للسياسة التركية.
وأشار المركز إلى أن منتدى أنطاليا الدبلوماسي، الذي عُقِد في مركز نيست للمؤتمرات يُعَدّ منصّة تُجسّد محاولات تعزيز النفوذ الدبلوماسي لتركيا.
وبحسب مركز أبعاد فقد ظهرت أهمية هذا المنتدى من خلال الدور الذي لعبه في تعزيز القُدُرات الدبلوماسية التركية، وتطوَّر ليصبح ركيزة أساسية في دبلوماسية تنظيم المؤتمرات على المستوى الوطني، فأصبح له أثر على الداخل التركي نفسه.
واعتبر التقرير أن المنتدى يعد منصّة حيوية لتسهيل التواصُل والتعاوُن بين الدول الحاضرة، ومن خلال جمع قادة من مختلف أنحاء العالم، يحاول المنتدى أن يوفر أرضية خصبة لمعالجة التحدِّيات العالمية وتعزيز التفاهُم المشترك.
كما يحاول تجسيد دور تركيا الصاعد في الشؤون الإقليمية والعالمية، وقدرتها على القيام بمبادرات لبناء علاقات فيما بين دول مختلفة على مستوى العالم.
وأشار المركز في التقرير إلى أن تركيا تبرز كدولة مهيَّأة للقيام بدور أكبر في تعزيز المشاركة البنّاءة والتعاوُن الدولي، ويُمثِّل منتدى أنطاليا الدبلوماسي تَمظهُراً لسلوك تركيا وسعيها لتعزيز دورها على الساحة الدولية.
وبحسب التقرير فقد تم اختيار أنطاليا لتكون المدينة المضيفة للنسخة الأولى من المنتدى في عام 2021 لعدة أسباب، منها موقعها الإستراتيجي على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط الذي يجعلها جسراً حيوياً يربط بين أوروبا وآسيا وإفريقيا، وبالتالي يوفر وصولاً سهلاً للمشاركين. ثانياً إن تراث أنطاليا التاريخي الغني المتنوع يؤهلها لاستضافة مؤتمر دبلوماسي دولي، بالإضافة إلى أنه يمكن للبِنْية التحتية المتقدِّمة للمدينة أن تستوعب استضافة فعاليات دولية كبيرة، مما يضمن إقامة المنتدى بشكل سهل وسَلِس، كما أن الحقيقة المتمثلة في أن وزير الخارجية التركي ينحدر من أنطاليا تؤكد أهمية هذه المدينة داخل الدوائر الدبلوماسية التركية، بالإضافة إلى ذلك تساهم سمعة أنطاليا كوجهة سياحية بارزة في تحقيق الأهداف الأوسع للحكومة المتمثلة في تعزيز علاقاتها الدولية، ومن خلال الجاذبية السياحية للمدينة، نجحت الحكومة في تنظيم منتديات عالمية مثل المنتدى الأخير لتعزيز التنمية الاقتصادية وتحسين العلاقات الدولية، وهذا يتماشى مع أهداف المنتدى الإستراتيجية المتمثلة في تعزيز الدبلوماسية والنمو الاقتصادي والانسجام السياسي بين الدول المشارِكة.
ولفت إلى أن المنتديات الدبلوماسية تلعب دوراً حيوياً كمنصّات لمناقشة القضايا الدولية المعاصرة وتعزيز الحوار بين الدول، حيث تُعَدّ منتديات مثل منتدى الاقتصاد العالمي في دافوس، ومؤتمر ميونخ الأمني، ومنتدى حوار الحضارات أمثلة بارزة على ذلك، حيث تجتذب هذه الفعاليات الساسة والقادة وكبار رجال الأعمال، وبشكل مُشابِه يتمثل دور منتدى أنطاليا في جذب مجموعات متنوعة تتضمن الطلاب والأكاديميين وكبار الموظفين والوزراء وحتى كبار الشخصيات الحكومية مثل الرؤساء ورؤساء الوزراء.
واعتبر مركز أبعاد أن مثل هذا التنوع يُعزِّز المناقشات الموسّعة داخل المنتدى، ويشجع على تبادُل الأفكار من وجهات نظر مختلفة، وبذلك تضيف مشاركة الأكاديميين والطلاب من جميع أنحاء تركيا عمقاً أكاديمياً للمنتدى، مما يُثري المناقشات ويُغذّي الشعور بالمسؤولية بين الشباب تجاه مستقبل تركيا، بالإضافة إلى ذلك يركز المنتدى على الحوار بين مختلف قطاعات المجتمع، ومعالجة التحدِّيات العالمية بشكل شامل من خلال الجمع بين الأفراد والجماعات من الأوساط الأكاديمية والحكومة والمجتمع المدني.
من حيث المحتوى فإن منتدى أنطاليا يسمح أيضاً للمشاركين بالتعبير عن انتقادات المجتمعين واقتراح حلول ملموسة؛ لأنه يوفر منصّة للأصوات القادمة من دول الجنوب العالمي التي تحاول تحدي الهيمنة الغربية والتعبير عن وجهات نظر بديلة.
وأشار إلى أن النسخة الأولى والثانية لهذا المنتدى حققت حضوراً واسعاً، حيث اجتذبت مشاركة كبيرة من مناطق متنوعة من جميع أنحاء العالم، وقد وفّرت هذه الملتقيات منصّة مثالية للحوار البنّاء والتعاوُن بشأن القضايا العالمية العاجلة، حيث شهدت النسخة الأولى، التي انعقدت في الفترة من 18 إلى 21 حزيران/ يونيو 2021 تحت شعار "الدبلوماسية المبتكرة، مرحلة ومواقف جديدة"، أكثر من 1000 مشارك عَبْر 17 جلسة، وبناءً على النجاح الذي حققته النسخة الأولى، انعقدت النسخة الثانية في الفترة من 11 إلى 13 آذار/ مارس 2022، تحت عنوان "إعادة بناء الدبلوماسية"، بمشاركة 3260 مشارِكاً مسجَّلاً من 75 دولة، من بينهم 17 رئيس دولة وحكومة، و80 وزيراً ودبلوماسياً ورجلَ أعمالٍ وصحافياً وأكاديمياً.
وبحسب المركز فقد شهدت النسخة الثالثة، التي كانت تحت عنوان "تعزيز الدبلوماسية في أوقات الأزمات"، إقبالاً أكبر، حيث حضر مشارِكون من 147 دولة في 52 جلسة. في كل عام يقوم المنتدى بتوسيع نطاقه وتعزيز محتواه وزيادة المشارَكة، مما يعكس التزاماً بتحقيق تحسين المستوى بشكل مستمر.
وتناول المنتدى في نُسَخه المختلفة مجموعة واسعة من القضايا، ابتداءً من الصراعات الإقليمية مثل القضية السورية والصراع اليمني، وحتى التحدِّيات الاقتصادية العالمية في أعقاب الأزمة المالية.
وأضاف التقرير "لقد برز تغيُّر المناخ كموضوع أساسي في جدول أعمال المنتدى، مما يُسلِّط الضوء على الحاجة إلى العمل الجماعي للتخفيف من آثاره وتعزيز الاستدامة في مسألة السعي للمحافظة على بيئة نظيفة، إضافة إلى تركيز المناقشات على تعزيز التعاون الدولي في جهود مكافحة الإرهاب مع دعم حقوق الإنسان والحريات المدنية".
العودة إلى سياسة تصفير المشاكل مع الآخرين
وذكر المركز أن تركيا تستفيد من تنظيم منتدى أنطاليا الدبلوماسي لتجعله منصّة للتعبير عن أجندة سياستها الخارجية وتنفيذها، لا سيما في العودة إلى سياسة "تصفير المشاكل مع الآخرين"، التي هدفت تاريخياً إلى تعزيز العلاقات الإيجابية مع نظيراتها الإقليمية والعالمية، والتي تغيرت في أعقاب التعقيدات الناجمة عن الربيع العربي، حين وجدت تركيا نفسها مضطرة إلى إعادة تقييم موقفها.
واعتبر التقرير أنه "منذ عام 2021، سعت تركيا إلى إعادة تنظيم مسار سياستها الخارجية بالعودة إلى "تصفير المشاكل مع الآخرين"، مع التركيز على تجنُّب الصراعات وإعطاء الأولوية للتعاوُن والتنمية. ويُعَدّ هذا المنتدى بمثابة منصّة محورية للحكومة التركية للتواصُل مع مختلف الشركاء والفاعلين والتعبير عن أهدافها الدبلوماسية ضِمن هذا الإطار".
واستطرد التقرير التحليلي قائلاً إنه "من القضايا المركزية في نهج السياسة الخارجية التركية الجديد التركيز على التطبيع، والسعي لإصلاح العلاقات مع الدول المجاوِرة وإقامة شراكات جديدة على مستوى العالم، ومن خلال المنتدى تستطيع تركيا الانخراط في حوار دبلوماسي مباشر وغير مباشر، وتعزيز التفاهُم المتبادَل، واستكشاف سُبُل التعاوُن".
ووفقاً للتقرير فقد أثَّرت الأزمات الإقليمية الأخيرة -بما في ذلك الانكماش الاقتصادي التركي، ووباء "كوفيد-19" العالمي، والأزمة الأوكرانية- بشكل كبير على سياسة تركيا الخارجية، وقد أدت هذه التحدِّيات إلى التأثير سلباً على نفوذ تركيا الإقليمي، مما استلزم إعادة تقييم إستراتيجياتها وعلاقاتها الدبلوماسية.
وبحسب المركز فقد برز منتدى أنطاليا الدبلوماسي كمبادرة مهمّة تهدف إلى معالجة أزمات تركيا والتعامُل معها بفعالية، ومن خلال توفير منصّة للمشاركة الدبلوماسية والحوار، يُوفِّر المنتدى لتركيا فرصة لتعزيز علاقاتها الدبلوماسية مع الدول الأخرى، وتعزيز نفوذها ومكانتها على مستوى العالم.
المشاركة الدولية
وذكر المركز أنه "أظهر منتدى أنطاليا الدبلوماسي المجال الموسَّع للسياسة الخارجية في تركيا، حيث اجتذب مشارَكة من 147 دولة وأكثر من 5000 مشارِك، أكثر من 10% منهم من الأجانب، وشاركت شخصيات بارزة، من بينهم 19 رئيس دولة و73 وزيراً، في لقاءات دبلوماسية خلال الحدث، كان من بين المشارِكين البارزين سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي، وإرسين تتار Ersin Tatar رئيس شمال قبرص، وناليدي باندور Naledi Pandor وزيرة العلاقات الدولية لجنوب إفريقيا وفيكتور أوربان Viktor Orban رئيس الوزراء الهنغاري، وسامح شكري وزير الخارجية المصري".
ونوه بأنه مع ذلك كان التمثيل الغربي في المنتدى منخفضاً بشكل ملحوظ مقارَنةً بالمناطق الأخرى، فعلى الرغم من الحضور القويّ من دول البلقان، إلا أن القُوَى الغربية الكبرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا كانت غائبة بشكل ملحوظ على مستوى رؤساء الدول أو المستوى الوزاري، وقد يكون سبب هذا الامتناع عن المشاركة ناشئاً عن عدة عوامل، منها معارضة الدول الغربية المستمرة لسياسة تركيا الخارجية، والتي تحاول انتهاج سياسة مستقلة نسبياً عن المعسكر الغربي.
وأشار إلى أن الحضور الإفريقي كان كبيراً وملحوظاً، مما يُسلِّط الضوء على الأهمية المتزايدة للقارة في اعتبارات السياسة الخارجية التركية، كما يعكس هذا الحضور الإفريقي اللافت جهود تركيا لتعزيز علاقاتها مع الدول الإفريقية وتوسيع نفوذها في القارة.
وتسعى تركيا للاستثمار في علاقات طويلة الأمد مع دول القارة الإفريقية وتعزيز العلاقات الدفاعية والتبادُل التجاري.
وبحسب التقرير فقد شهدت العلاقات التركية مع الدول الإفريقية قفزة نوعية منذ تولِّي حكومات حزب العدالة والتنمية زمام الأمور؛ ففي عام 2002 كانت علاقات تركيا الدبلوماسية الرسمية في إفريقيا محدودة بسبع دول فقط، وبفضل سياسة الانفتاح الدبلوماسي الاستثنائية، ارتفع هذا العدد بشكل ملحوظ ليصل إلى 49 دولة من أصل 54 دولةً إفريقيةً معترَفاً بها أُممياً مع حلول عام 2024. وتمتلك 45 دولة من هذه الدول علاقات دبلوماسية على مستوى السفارات، بينما ترتبط تركيا مع الدول الأربع المتبقية بعلاقات على مستوى القنصليات.
كذلك فقد أثمرت سياسة الانفتاح هذه على مختلف الأصعدة؛ ففي مجال التجارة ارتفع حجم التجارة "التركية-الإفريقية" بشكل هائل من 5.4 مليار دولار فقط في عام 2003 إلى أكثر من 40.7 مليار دولار بنهاية عام 2022. وخلال هذه الفترة نفذت الشركات التركية مشاريع ضخمة في إفريقيا بقيمة إجمالية تجاوزت 82 مليار دولار، بينما تجاوزت الاستثمارات التركية المباشرة في القارة حاجز 10 مليارات دولار.
وأشار التقرير إلى أن التعاون "التركي-الإفريقي" يتسم بالتنوُّع الكبير، حيث يشمل قطاعات حيوية مثل الزراعة، والطاقة، والتعدين، والصناعات الخفيفة والمتوسطة، والنقل والمواصلات، والاتصالات وغيرها، وتسعى تركيا إلى تعزيز التعاوُن مع الدول الإفريقية في مجالات أخرى مثل التعليم، والصحة، والبيئة، والثقافة، والسياحة.
وبحسب المركز فقد كان الحضور العربي في المنتدى مرتفعاً، بما يعكس عودة تركيا إلى توجُّهها السابق للانفتاح على الدول العربية، باعتبارها عمقاً جغرافياً، وسوقاً اقتصادياً مهماً.
وكانت تركيا قد بدأت قبل نحو 15 عاماً توجُّهاً للانفتاح على الدول العربية، حيث قامت آنذاك برفع تأشيرة الدخول لمعظم هذه الدول، بما رفع بشكل ملحوظ من معدلات السياحة العربية في تركيا، كما رفع من مستوى علاقاتها التجارية مع الدول العربية، بالإضافة إلى الحضور الإنساني والثقافي في العديد منها.
إلا أن هذا الانفتاح شهد تراجُعاً بعد ذلك، نتيجة للإشكالات التي شهدتها المنطقة، والتي أدخلت تركيا في العديد من الخصومات الإقليمية، بما انعكس في تراجُع العلاقات السياسية والاقتصادية مع العديد من دول المنطقة.
وبحسب المركز فإن هذا الحضور العربي اللافت في المنتدى يُشير إلى الاستدارة التي تشهدها تركيا مجدداً نحو "سياسة صفر مشاكل"، وسعيها لحلحلة المشاكل الرئيسية مع معظم الدول العربية.
ويمثل المنتدى منصَّة حيوية بالنسبة لتركيا من أجل تعزيز علاقاتها الخارجية وفتح قنوات للحوار مع الفاعلين، فعلى هامش المنتدى أجرى الرئيس أردوغان لقاءات مع 11 رئيس دولة، بينما أجرى وزير الخارجية هاكان فيدان مناقشات مع 32 من نظرائه من وزراء خارجية الدول.
وقام المنتدى بتيسير المناقشات حول عدد جيّد من القضايا المُلِحّة ذات الاهتمام الدولي، حيث شملت المُداوَلات الصراعات الإقليمية، كما تناول المنتدى تحدِّيات اقتصادية كبيرة، وتطرّق إلى تداعيات الأزمة المالية العالمية وضرورات مكافحة التغيُّر المناخي، وشدّدت هذه المناقشات على ضرورة بذل جهود متضافرة لمعالجة هذه القضايا متعددة الأوجُه بشكل جماعي.
ومن أبرز القضايا التي تم تناولها في المنتدى
كانت قضية غزة من أهم ما تم مناقشته في جلسات المنتدى عام 2024؛ خاصة أن الرئيس رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية هاكان فيدان تحدثا بوضوح عن غزة خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى، ومع استمرار الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزّة، دعا أردوغان إلى الاعتراف باستقلال فلسطين باعتباره السبيل الوحيد لسداد الدَّيْن الأخلاقي المترتِّب على المجتمع الدولي تجاه فلسطين.
كما ركّز وزير الخارجية فيدان في كلمته على غزّة، وربط حرب غزة بأزمة النظام الدولي، قائلاً: "إن الأحداث الجارية في غزّة هي أوضح دليل على عدم شرعية النظام الدولي الحالي"، مضيفاً أن "ما يحصل في غزّة اليوم يمثل لحظة كارثية لا يمكن إخفاء نفاق النظام الدولي فيها"، وهو ما يُمثِّل استمرار محاولة السياسة التركية لإحداث تغيير في طبيعة النَّسَق الدولي بما يتفق مع مصالحها.
وتضمن المنتدى العديد من الجلسات والمناقشات غير الرسمية حول الصراع في غزّة، مع الوساطة التركية ومقترحات وَقْف إطلاق النار باعتبارها نقطة محورية، ومع ذلك هناك حاجة لمزيد من التحليل حول كيفية قيام المنتدى بتسهيل جهود الوساطة لإنهاء الصراع في غزّة، حاول المنتدى توفير منصّة بنّاءة للحوار بين الأطراف الفلسطينية ذات الصلة، حيث كانت الحكومة التركية تحاول التوسُّط بين حماس وفتح من أجل توحيد الفصائل الفلسطينية.
كذلك، كانت الحرب في أوكرانيا أحد المحاور الرئيسية في المنتدى، حيث حضرت في اللقاءات الرسمية التي عُقدت على هامشه، خاصة مع حضور وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، حيث كانت الحرب محور اللقاء الذي عقده لافروف مع نظيره التركي هاكان فيدان خلال المنتدى.
كما كانت الحرب محوراً رئيسياً في كلمة الرئيس أردوغان، وفي معظم الكلمات الأخرى، مثلما كانت الحرب حاضرة في معظم الجلسات، وخاصة تلك المتعلقة بالأمن الغذائي.
وبحسب المركز فقد شهد المنتدى عَقْد جلسة خاصة لمناقشة الأزمة السورية، وحضرها المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون، بالإضافة إلى منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية في سورية مهند هادي، ورئيس هيئة التفاوض السورية بدر جاموس، وتم عَقْد الجلسة بغياب روسي وإيراني واضح.
ومثَّل تخصيصُ جلسة لمناقشة الوضع في سورية خلال المنتدى عودةً لأهمية الملفّ ضِمن الأجندة الخارجية التركية، حيث يُعتقد أن هذا الملف سيأخذ مكانة متقدِّمة في السياسة الخارجية بعد انتهاء الانتخابات البلدية نهاية مارس 2024.
شكَّل أمن الغذاء أولوية عالمية بعد أزمة وباء كوفيد 19، وترسّخت هذه الأهمية بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، والذي ترك أثره على سلاسل التوريد حول العالم.
وقد خصص المنتدى جلسة خاصة لمناقشة الأمن الغذائي، حيث ناقشت الجلسة، التي تحدث فيها عدد من المسؤولين الدوليين، أبعاد أزمة الأمن الغذائي العالمية، ومسبِّباتها، والآليات الممكنة لعلاجها.
وهناك العديد من التوقُّعات فيما يتعلق بالمسار المستقبلي لمنتدى أنطاليا ودوره المحوري في تشكيل الدبلوماسية التركية على المسرح العالمي. من المتوقع أن تستمر تركيا في عَقْد نُسَخ متكررة للمنتدى وبشكل دوري، والاستفادة منه لتعزيز مكانتها ونفوذها في الشؤون العالمية. ويُعَدّ المنتدى بمثابة منصّة مهمة لتركيا للتعامُل مع أصحاب المصلحة الدوليين، ومعالجة القضايا المُلِحّة، وعرض مُبادَراتها وأولوياتها الدبلوماسية لجمهور متنوع.
علاوة على ذلك هناك احتمال لزيادة المشاركة الدولية في المنتدى في السنوات المقبلة، خاصة أن العلاقات بين تركيا والغرب تُظهِر علامات تحسُّن، ومع تطوُّر العلاقات الدبلوماسية مع الدول الغربية ووجود إمكانية للمشاركة في المنتدى، قد يكون هناك زيادة في الاهتمام من جانب الجهات الفاعلة الدولية، مما يؤدي إلى مشاركة أكبر في المنتدى. ومن شأن هذه المشاركة المكثفة أن تُثري المناقشات، وتُوسِّع وجهات النظر، وتُعزِّز المزيد من التعاوُن بشأن التحدِّيات العالمية.
من المُتوقَّع أن تحافظ تركيا على تركيزها على إعطاء الأولوية للمشاركة مع إفريقيا، ويوفر المنتدى وسيلة لتركيا لتعميق التعاوُن الاقتصادي واستكشاف سُبُل جديدة للشراكة والتنمية في إفريقيا، ومن خلال الاستثمار في استقرار إفريقيا وازدهارها، تهدف تركيا إلى توسيع نفوذها في القارة مع المساهمة في النمو الإقليمي.