المصدر: ديلي صباح (رأي)
ترجمة: عبد الحميد فحام
بقلم: إبراهيم قراطاش (حاصل على دكتوراه في العلاقات الدولية)
تقوم الدول الغربية بتزويد الجيش الأوكراني بالأسلحة وتدريب الجنود الأوكرانيين منذ فترة طويلة قبل بدء الحرب الروسية الأوكرانية. وقد تمّ التبّرع بالمقاتلات والصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي المحمولة (MANPADS) والذخيرة والدبابات وما إلى ذلك لصالح دولة أوكرانيا. لذلك، وإلى جانب عزم الأوكرانيين على حماية بلدهم، حقّقت التبرعات العسكرية الأجنبية نجاحاً واضحاً، حيث يشير هذا النجاح إلى أن روسيا قد لا تُحقق هدفها أبداً في الغزو الذي خططت له ما لم تجلب الجيش بأكمله أو تستخدم الأسلحة النووية، وهو ما سيكون أمراً مُدمراً.
ويشير دعم العالم وخاصة دول الحلف الأطلسي المثير للإعجاب لأوكرانيا إلى أنه كان من الممكن منع الحرب السورية وأن نظام بشار الأسد، الذي أعلن شعبه عدّواً له ولا يزال يقتلهم، كان من الممكن الإطاحة به منذ فترة طويلة. فقط دعونا نُفكّر في ما كان سيحدث لو أن الغرب كان قد زوّد الشعب السوري بنفس الأسلحة للدفاع عن نفسه. على سبيل المثال، لنفترض أن المعارضة السورية كانت تمتلك الأسلحة الدفاعية المذكورة أعلاه لفترة من الوقت.
على الأرجح، كان الأسد سيُهزم أو يقتصر وجوده على العاصمة دمشق. ولو أن هذا السيناريو كان قد حدث، فلكان من المحتمل أن تغادر إيران سورية، ولما أصرّت روسيا على الدفاع عن نظام الأسد. لأننا نتذكر أن القوى الغربية كانت لديها المبادرة والرغبة في الإطاحة بالأسد في بداية الحرب، ولكنهم تجاهلوا لاحقاً الوضع في سورية وراقبوا تأثير روسيا المتزايد على النظام.
وجها الإرهاب
في الواقع، لقد نجح التحالف بقيادة الولايات المتحدة في القضاء على جماعة ًداعشً الإرهابية سيئة السمعة، ولكنهم، كما نكُرّر دوماً، فَهُم اختاروا الشريك الخطأ، وحدات حماية الشعب الدموية، وهي الفرع السوري من الجماعة الإرهابية المُصنّفة (حزب العمال الكردستاني). لقد تمكّنت وحدات حماية الشعب الضعيفة نسبياً من القضاء على “داعش” بمساعدة قوات التحالف، لكن بما أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة يتكون في الغالب من كوادر من وحدات حماية الشعب، فالإرهاب في سورية يستمر. علاوة على ذلك، وعلى الرغم من المساعدات العسكرية الكبيرة، فإن وحدات حماية الشعب تقف إلى جانب روسيا ضد أوكرانيا. ووفقاً لأحد قادة حزب العمال الكردستاني، فإن روسيا تقاتل الإمبرياليين في أوكرانيا.
وغني عن القول إن “الإمبرياليين” هو لفظ يشيرون به إلى الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى، التي تحمي المنظمة الإرهابية في سورية والعراق، وتوفر المأوى لأعضائها والمتعاطفين معها.
على الرغم من الجهل والشراكة مع الجهات الخطأ، لكن لا يزال من الممكن إيجاد حلّ للحرب السورية إما عن طريق الضغط أو الجهود الدبلوماسية أو القوة العسكرية.
في الواقع، لن تُرحّب روسيا بأي طلب يهدف إلى تغيير سياسي على حساب الأسد والمصالح الروسية بسبب دعم الغرب لأوكرانيا. ومع ذلك، إذا انتهت الحرب في أوكرانيا وعادت العلاقات مع روسيا، فيمكن إعادة تقديم الطلب.
خيار ضد الأسد
من ناحية أخرى، يمكن أن يكون الخيار العسكري أيضاً على جدول الأعمال دون تسريع الموقف. فلروسيا قواعد عسكرية ومصالح في سورية وتعتقد أن الأسد وحده هو القادر على حماية تلك المصالح. وإذا تمّ ضمان الروس بأن مصالحهم لن تتضرر، فقد يعطون ضوءاً أخضراً لحدوث التغيير. ولكن ماذا لو لم تقبل روسيا؟ لا يزال من الممكن استهداف نظام الأسد دون أي مواجهة مع روسيا. فدعم المعارضة، على سبيل المثال، هو أحد هذه الخيارات. وفي مثل هذه الحالة، قد يُقرّر الأسد التنحّي بدلاً من القتال أو الإنتظار لحين الإطاحة به بالقوة.
عموماً، وبغض النظر عن التوقّعات المختلفة، يجب على العالم إنهاء الحرب في سورية لوقف القمع المُستمر والقتل والتهجير.
وعلى وجه الخصوص، يجب على الاتحاد الأوروبي أن يتذكر أنه، على عكس حرب أوكرانيا، كان تدفق المهاجرين السوريين على وشك تفكيك الاتحاد. وطالما استمرّت الأوضاع في سورية ستكون هناك تداعيات في الغرب.
على وجه الخصوص، على الرغم من تقدير العديد من الدول للمساعدة العسكرية الهائلة لأوكرانيا، فإن هذه السياسة تثير أيضاً تساؤلات حول سبب تجاهل أصدقاء أوكرانيا للقضايا في سورية لمدة عقد من الزمن.
ونظراً لأن السياسات المتناقضة لدول حلف الأطلسي تجاه أوكرانيا وسورية قد أضرت بالصورة الإنسانية للعالم المُتقدّم، يجب عليهم التصرّف والتدخّل في سورية لإظهار إيمانهم بقيمهم الغالية. وطالما استمرّت المُعاناة في سورية، فسيتمّ النظر إلى السياسة الخارجية للغرب بريبة. ربما لهذا السبب تعتقد بعض الدول أن حرب أوكرانيا حدثت بسبب استفزازات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.