المصدر: i24..ترجمة: عبد الحميد فحام
يجادل كثيرون بأن انتشار الجيش الروسي على حدود أوكرانيا يعكس حالة الصراع بين القطبين الشرقي والغربي. ولكن في رأيي، في العالم الجديد الذي نشأ منذ 30 عاماً منذ سقوط الاتحاد السوفيتي، ولّت أيام كتلتين فقط.
سيؤدي التصعيد في أوكرانيا إلى زيادة حِدّة التنافسات وتصعيد المنافسة بين الفاعلين المعارضين الصريحين لبعضهم البعض.
لقد نجحت روسيا وإيران والصين وسورية وفنزويلا في إنتاج محور يتقن الإلتفاف على العقوبات الأمريكية، وتتعاون اقتصادياً بطريقة تسمح لها بالبقاء على قيد الحياة في ظل نظام العقوبات الذي تفرضه واشنطن.
لكن هذا ليس حلف "وارسو" فلكل من هذه الدول مصالح مختلفة، وفي بعض الأحيان تسعى لتحقيق أجنداتها المتضاربة، ويمكن رؤيت ذلك في سورية.
إن عدوّ العدوّ في الشرق الأوسط ليس بصديق وإنما في أفضل حالاته هو شريك مؤقت. فعلى الرغم من أن إيران وحزب الله تعاونا مع الروس لقمع الثوار في الحرب السورية، إلّا أن هذا التحالف ربما يكون قد انتهى.
يبدو أن العديد من الأحداث في الأسابيع الأخيرة تُظهر محاولة روسيا لتقليص النفوذ الإيراني داخل سورية حيث بدأت بتسيير دوريات جوّية مشتركة لطائرات ميغ روسية وسورية فوق الأجزاء التي تسيطر عليها إيران من البلاد؛ وقامت بتسيير حشود القوات الروسية علانية في مدينة اللاذقية التي تهيمن عليها إيران؛ وزيادة نفوذ الكرملين على الفيلق الأول للجيش السوري المخصص لجنوب البلاد والمعروف بتعاونه مع حزب الله، حيث تدربت قوات الفيلق الأول هذا الشهر مع مستشارين روس.
وقد تحدّث المعلقون الإسرائيليون بإسهاب عن تقليص حرية إسرائيل في العمل داخل سورية بسبب وجود القوات الروسية، كما هو الحال في ميناء اللاذقية. ورأى البعض أن الدوريات الجوية الروسية قرب الحدود مع إسرائيل بمثابة تحذير لتل أبيب بعدم مواصلة هجماتها في سورية.
ومع ذلك، فقد تمتّعت روسيا بحوار مفتوح مع إسرائيل منذ دخولها الدراماتيكي في الحرب عام 2015 – والتي قامت طائراتها المقاتلة، جنباً إلى جنب مع حزب الله والمليشيات الإيرانية المستوردة، بعكس حالات التراجع التي كان يعاني منها نظام الأسد المتعثر. في الواقع، صمد هذا الخط من الاتصال في مواجهة أزمات قليلة.
ولكن نظراً لأن الجيش الروسي يحوّل تركيزه إلى أوكرانيا، وبالتالي يريد تحقيق الاستقرار في سورية، يمكن القول إن لدى إسرائيل وروسيا مصلحة مشتركة، وربما حتى مُنسّقة، في إخراج الإيرانيين من سورية، وهذا من شأنه أن يُعزّز النفوذ الروسي داخل دولة الشرق الأوسط، مع إبقاء التهديد الإيراني بعيداً عن الحدود الشمالية لإسرائيل على الأقل على الجبهة السورية.
من ناحية أخرى، عندما تهبّ رياح الحرب في أوروبا قد تواجه العلاقات الإيجابية بين إسرائيل وروسيا تحدياً غير مُتوقّع.
فلطالما نظرت روسيا إلى سورية على أنها منصة لمعارضة النفوذ الأمريكي في المنطقة، خاصة فيما يتعلق بإسرائيل ودول الخليج. أما إسرائيل فمن جهتها هي معنية بالحوار الإيجابي مع الروس، ليس أقلّه مواصلة سياسة "الحملة بين الحروب" في سورية. لذلك، في سيناريو التصعيد في أوكرانيا، قد تجد إسرائيل نفسها في الوسط، محاصرة بسبب تضارب المصالح بين روسيا والولايات المتحدة.
وعلاوة على ذلك، بينما ينتشر جزء كبير من الجيش الروسي في أوكرانيا، تبرز مشكلة الإجابة على السؤال التالي: ما هي قدرته على إخراج الإيرانيين من سورية حقاً، في ظل تصميم إيران على ترسيخ وجودها هناك؟ يُذكر أنه وفقاً لتقارير إعلامية، بعد أن فقد الثوار السوريين سيطرتهم على منطقة الحدود الإسرائيلية في عام 2018، وعدت روسيا بإبقاء الإيرانيين على بعد 50 ميلاً من الحدود.
ولم يتم الوفاء بهذا الوعد وفي الوقت الحاضر، كما أنه من الصعب تقييم ما إذا كان سيتم تحقيقه في أي وقت قريب أو بعيد.