تقترب هيئة تحرير الشام، التي تسيطر على محافظة إدلب شمال غربي سوريا، من إنهاء وجود فرع تنظيم القاعدة "حراس الدين"، بعد اعتقال أحد كبار قادتها النشطين وإغلاق منشآتها العسكرية في المنطقة.
تم إضعاف تنظيم حراس الدين التابع لتنظيم القاعدة في محافظة إدلب بشكل غير مسبوق، من خلال تشتت الصفوف الأولى والثانية من قياداته الجهادية، وسط الحملة المستمرة التي تشنها هيئة تحرير الشام، التي تسيطر على إدلب، على جهاديين مقربين من التنظيم.
وتثير الأحداث الأخيرة تساؤلات حول استمرارية حراس الدين، وهل التنظيم يقترب من نهايته، أم سيعيد بناء صفوفه ويستعيد قوته بمجرد أن تكون الظروف الأمنية مواتية.
في النصف الثاني من شهر آذار/ مارس، استأنفت هيئة تحرير الشام حملتها ضد حراس الدين التي انتهت في كانون الثاني/ يناير، وشنت الأجهزة الأمنية لهيئة تحرير الشام، مداهمات في عدة مناطق بريف إدلب، واعتقلت عددًا من قيادات وأعضاء التنظيم، وشخصيات جهادية أخرى مقربة منهم منذ مطلع نيسان/ أبريل.
في 4 نيسان/ أبريل، اعتقلت هيئة تحرير الشام عدداً من جهاديي حراس الدين وجهاديين آخرين مقربين من التنظيم أو مرتبطين به بشكل غير مباشر، وهم أبو الليث معبر وأبو أسامة الجزائري وأبو الدرداء الجزائري في مدينة إدلب.
إضافة إلى معاذ التركي المعتقل في قرية حمامة وعبد الرحيم التركي في القنيّة وعبد الرحمن التركي في قرية اليعقوبية، وتقع القرى الثلاث في جسر الشغور بريف إدلب الغربي، يعتبر أبو ذر المصري، أحد كبار قادة حراس الدين، هو أكبر زعيم جهادي اعتقلته هيئة تحرير الشام في 6 نيسان/ أبريل.
وفي هذا السياق، قال مصدر أمني في هيئة تحرير الشام لموقع "المونيتور" شريطة عدم الكشف عن هويته، "في 6 نيسان/ أبريل، اعتقلت الأجهزة الأمنية التابعة للهيئة، أبو ذر المصري، أحد القادة البارزين في الصفوف الأولى وقاضي حراس الدين السابق، قرب مدينة معرة مصرين بريف ادلب الشمالي".
وكان تنظيم حراس الدين قد تداول نبأ مقتل أبو ذر المصري، الذي كان يرافقه أيضًا قائد آخر للتنظيم، وهو أبو يوسف المغربي، في غارة جوية شنتها قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة على طريق بلدة عرب سعيد في الأطراف الغربية لمدينة إدلب في 15 تشرين الأول 2020.
لكن ما زال غير معروفاً فيما إذا كان أبو يوسف المغربي قد نجا من الغارة أم لا.
يبدو أنه تم اعتقال أبو ذر المصري بعد أن حصلت هيئة تحرير الشام على معلومات حول مكان وجوده وتحركاته في ريف إدلب، أبو هريرة، ابنه، هو على الأرجح الشخص الذي قدّم هذه المعلومات، وكانت هيئة تحرير الشام قد اعتقلت أبو هريرة في مداهمة لأجهزتها الأمنية في 15 شباط/ فبراير في معرة مصرين.
قال الفاروق أبو بكر ، القائد العسكري في لواء المعتصم المحسوب على الجيش الوطني السوري، لـ"المونيتور": "يبدو أن هيئة تحرير الشام في ملاحقاتها واعتقالاتها التي تستهدف الجهاديين المرتبطين بتنظيم حراس الدين أو المقربين منه تقوم بالبناء على المعلومات التي تم الحصول عليها من المعتقلين أثناء الاستجواب.
"يضاف ذلك إلى المعلومات التي تم جمعها من خلال المراقبة والمتابعة الأمنية المكثفة في أنحاء إدلب، حيث تتواجد حواجز أجهزتها الأمنية على طرق رئيسية وفرعية في مناطق مختلفة من إدلب ".
وتعليقاً على القيادة الضعيفة والمبعثرة لحراس الدين قال: "حراس الدين تنظيم يصعب القضاء عليه بهذه الطريقة، لذلك من السابق لأوانه الافتراض أنه يقترب من نهايته، الضعف والتشتت الذي مر به هو جاء بحكم الأمر الواقع للحملة الأمنية التي شنتها هيئة تحرير الشام ضدهم، سيستأنف حراس الدين نشاطه بمجرد أن تسنح الفرصة وبمجرد ما تتراخى قبضة هيئة تحرير الشام عن إدلب، فقادت التنظيم وأعضاؤه يختبئون ويتوارون بعيداً عن أي مواجهة لتجنب الاعتقال".
وقال العقيد أحمد حمادة، الخبير العسكري والضابط المنشق عن النظام السوري: "أصبح حراس الدين شبه مشلول بالكامل بعد خسارة العديد من العناصر التي تجعله قابلاً للحياة، اعتقلت هيئة تحرير الشام أبرز قياداته وصادرت الجزء الأكبر من أسلحة التنظيم، وراقبت محيطه ومنعته من الحصول على أي أموال، لدرجة أنه لم يعد قادراً على الدخول في أي مواجهة، ومع ذلك، لا يمكننا أن نؤكد أن القضاء عليهم وشيك، ما لم تستمر هيئة تحرير الشام في حملتها لفترة أطول".
قال فارس النور، المدرّب العسكري في الجبهة الوطنية للتحرير في إدلب: "حراس الدين تنظيم يقترب من النهاية، لم يعد لهم وجود حقيقي في إدلب، ألغت هيئة تحرير الشام هيكله التنظيمي وصادرت معظم أسلحته، وباع الأعضاء الباقون أسلحتهم في السوق السوداء خوفًا من الاستيلاء عليها من قبل هيئة تحرير الشام ومن أجل تلبية احتياجاتهم، كما أن عددًا كبيرًا من هؤلاء الأعضاء يزاولون مهناً تجارية ويعيشون حياتهم بعيدًا عن التنظيم الذي انشقوا عنه خوفًا من الاعتقال".
وأضاف: "هيئة تحرير الشام أغلقت جميع مقار حراس الدين العسكرية في إدلب ومنعت التنظيم من الوصول إلى جبهات القتال، وبالتالي، لا يمكن لأعضائه القيام بأي عمل عسكري، كما منعتهم من فتح مقرات، فالقادة الذين ما زالوا خارج سجون هيئة تحرير الشام متنكرون وملاحقون كما لو كانوا منتمين إلى تنظيم الدولة".
قال عباس شريفة، الباحث في مركز جسور للدراسات: "يمكننا القول إن حراس الدين قد انتهى كتنظيم، ومع ذلك، فإن هذا لا يعني أنه انتهى تمامًا، لا يزال أعضاؤه حاضرين وخلاياه نشطة، وإن كان ذلك في الخفاء والدليل هو أن هيئة تحرير الشام تواصل تعقب قادته واعتقالهم في إطار حملتها".
المصدر: المونيتور / ترجمة: نداء بوست