نداء بوست- أخبار سورية- دمشق
كشفت مصادر خاصة لـ”نداء بوست” كواليس الزيارة التي قام بها وفد من حركة ”حماس” إلى دمشق، الأسبوع الماضي، حيث التقى رئيس النظام السوري بشار الأسد، للمرة الأولى منذ توتر العلاقات بين الجانبين قبل عشرة أعوام.
وقالت المصادر: إن النظام رفض طلباً قدمه وفد ”حماس” للسماح له بإجراء زيارة تفقدية لمخيمات اللاجئين السوريين في سورية، بما في ذلك مخيم اليرموك جنوب دمشق، وبرر النظام ذلك بوجود ما يكفي من الفصائل الفلسطينية التي تعتني بهذا الملف ولا حاجة لفصيل إضافي في هذا المضمار.
ولاقى ذلك الرفض استغرباً كما شكل صدمة لدى وفد ”حماس” الذي لاقى ترحيباً من النظام باعتباره يمثل حركة ”مقاومة”، وبحسب المصدر فإن قرار النظام جاء بعد الأصوات المعارضة لزيارة دمشق التي خرجت من داخل الحركة.
وحول النقطة الأخيرة، تقول مصادر من داخل ”حماس”: إن خليل الحية سعى جاهداً لهذه الزيارة في محاولة منه لتثبيت موقعه داخل الحركة على حساب موقع خالد مشعل رئيس الحركة في الخارج، وعلى حساب صالح العاروري الذي ينوي الترشح لرئاسة الحركة عام 2025.
واحتمدت الخلافات داخل ”حماس” مؤخراً، بسبب تقارب الحركة (قطاع غزة) مع النظام السوري بدفع من إيران، وسط أنباء عن وصول هذه الخلافات إلى حد التهديد بالانقسام بين خارج وداخل، وهو ما ألمحت له صحيفة ”الوطن” الموالية قبل أسابيع، حين قالت إن النظام سيستقبل ”حماس المقاومة لا حماس الإخوانية”.
وتختم مصادر “نداء بوست”، أنه وبعد اللقاء المعلن عقد الأسد اجتماعاً مغلقاً مع خليل الحية، وحضر الاجتماع مسؤولين أمنيين لدى النظام، تم خلال مناقشة افتتاح مكاتب للحركة بدمشق وإعادة تفعيل نشاطاتها شريطة أن يكون ذلك كله مرتبط مع إدارة المخابرات العامة مباشرة.
طبيعة التطبيع بين ”حماس” والأسد
في 15 أيلول/ سبتمبر الماضي، أعلنت حركة ”حماس” رسمياً، تطبيع العلاقات مع النظام السوري، بعد قطيعة استمرت لأكثر من عشر سنوات بين الجانبين، عقب رفض الحركة قمع الشعب السوري على يد الأسد.
وقالت الحركة في بيانٍ على موقعها الرسمي: “تؤكد الحركة على مُضيّها في بناء وتطوير علاقات راسخة مع الجمهورية العربية السورية”.
وزعمت أن هذا القرار يصبّ في “خدمة الأمة وقضاياها العادلة، وفي القلب منها قضية فلسطين، لا سيما في ظلّ التطوُّرات الإقليمية والدولية المتسارعة”.
وحول طبيعة العلاقة مع النظام السوري، قالت صحيفة ”الوطن” في العاشر من الشهر الجاري: إن العلاقات ”ستقتصر في المرحلة الحالية على عودة حماس كفصيل مقاوم حصراً، وضمن وفد يمثل كل الفصائل المقاومة، من دون أن يكون لها أي تمثيل في سورية”.
ولم تفوت الصحيفة الفرصة لمهاجمة ”حماس” حيث اتهمتها بأنها وقفت إلى جانب ”الإرهابيين” وأن عناصرها شكلوا ”كتائب أكناف بيت المقدس” في مخيم اليرموك.
كذلك زعمت الصحيفة أن ”حماس” نقلت تجربة الأنفاق في قطاع غزة إلى سورية، و”ذلك رغم احتضان دمشق لسنوات طويلة قيادات الحركة ودعمها لها في المحافل الدولية العربية والإقليمية والدولية”، على حد قولها.
”حماس” في دمشق
عقد وفد من الفصائل الفلسطينية، ظهر يوم الأربعاء الماضي، اجتماعاً مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، في دمشق، بمشاركة عضو المكتب السياسي لحركة حماس خليل الحية.
ويعتبر هذا اللقاء الأول بين مسؤول رفيع في حماس مع بشار الأسد، منذ توتر العلاقات بين الجانبين عقب اندلاع الثورة السورية في آذار/ مارس 2011، حيث أعلنت الحركة رفضها لمجازر النظام، ما دفعها لمغادرة دمشق.
ووصف خليل الحية اللقاء مع بشار الأسد بأنه كان “دافئاً”، وأنه “يوم مجيد”، منه تستأنف حماس حضورها في سورية و”العمل مع النظام السوري دعماً لشعبنا ولاستقرار سورية”.
وأضاف: “اللقاء مع الأسد دليل على أن روح المقاومة في الأمة تتجدد، ومن هنا نقول للاحتلال أن لقاءنا هو رد على مشاريعه، وأكدنا للأسد أننا مع سورية ووحدة أراضيها ودولتها الواحدة وأننا ضد أي عدوان يستهدفها”.
واعتبر أنّ الحركة “تطوي أي فعل فردي لم تقره قيادة حماس”، مضيفاً: “اتفقنا مع الأسد على طيّ صفحة الماضي، وبذلك تستأنف حماس علاقتها مع سورية العزيزة (نظام الأسد) بإجماع قيادتها وبقناعة وصوابية هذا المسار وتجاوز الماضي”.
وأردف: “سنتابع مع الإخوة السوريين ترتيبات بقاء حماس في سورية، وأعلمنا الدول التي نحن على علاقة بها بقرارنا تجاه عودة العلاقات مع النظام وهذا قرار أخذته حماس بمفردها”.
ومضى بالقول: “حماس لم تسمع اعتراضاً من أيّ دولة أبلغتها قرار عودتها إلى سورية، بما في ذلك تركيا وقطر، طوينا أحداث الماضي وأخطاءه وكل الأخطاء الفردية لم توافق عليها الحركة”.
كما زعم أنها اتخذت قرار العودة إلى سورية بمفردها ولم تستشر أحداً، ولم تكن لتتراجع لو رفض أي طرف ذلك، مضيفاً: “جئت إلى سورية لأمثّل قيادة حركة حماس وهي من أخذ قرار عودة العلاقات مع دمشق”.
وتبدو حماس “مهرولة” في إعادة العلاقات مع الأسد إلى أقصى حدودها، بينما يتعمد النظام التعامل مع قيادة حماس بغطرسة ولا مبالاة، كي يبعث رسائل من خلال ذلك إلى الدول والكيانات التي ترغب بالتطبيع معه أنها سوف تلقى المعاملة المهينة ذاتها التي يعامل بها حماس.