نداء بوست – عبد الله العمري – الحسكة
مع اقتراب فصل الشتاء بدأ أهالي القرى الريفية في مناطق شرق سورية رحلة ترميم منازلهم الطينية كعادتهم في مثل هذا التوقيت من كل عام خوفاً من تضررها في حال هطول الأمطار الغزيرة.
وقال مراسل “نداء بوست” في الحسكة: إن أهالي قرى ريف الحسكة وخاصة منطقة القامشلي واليعربية بدأوا بإجراء عمليات الصيانة والإصلاح لأسقف المنازل الطينية التي لا زالوا يحافظون عليها في ظل الارتفاع الكبير في أسعار مواد البناء.
ويقول محمد البسيس من سكان قرية الصالحية بريف مدينة القامشلي في حديثه لنداء بوست: إنه “في كل سنة من هذا الشهر وبعد الانتهاء من سقاية محصول القطن نبدأ بإجراء عمليات صيانة لأسقف وجدران المنازل الطينية أو كما تعرف لدى أهالي المنطقة بـ “السياعة” حيث يتم خلط التراب مع التبن ومن ثم الماء للحصول على خلطة طينية متماسكة تستخدم فيما بعد في عمليات الترميم”.
ويتابع حديثه قائلاً: إن “تكاليف بناء المنزل الطيني تعد اخفض بثلاث مرات من تلك التي يتم بناؤها من الاسمنت والحديد نظراً للارتفاع الكبير في أسعار المواد المستخدمة وانخفاض قيمة الليرة السورية مما جعل أغلب الأهالي يعودون لبناء هذه المنازل”.
أما أبو حامد فيشير في حديثه لنداء بوست، أن “المادة الأساسية في بناء تلك المنازل هي التراب وهو متوفر بكثرة في القرى بالإضافة للتبن، وهو أيضاً متواجد وتبقى فقط تكلفة الأعمدة الخشبية التي يتم وضعها في أسقف تلك المنازل، ومن ثم تغطى بكميات كبيرة من القش، وحديثاً بدأ بعض الأهالي بوضع جوادر أو نوع من أنواع النايلون السميك وذلك لمنع تسرب المياه في حال هطلت الأمطار بغزارة خلال فصل الشتاء”.
وقد جرت العادة كما يقول أبو حامد، بأن يجتمع الجيران والأصدقاء ويتعاونون على إنجاز هذا العمل الذي يعد من أشق الأعمال في حال قام به شخص بمفرده أما عند تعاون الجميع فأن العملية تتحول إلى ميدان للضحك والمزاح وتبادل الأحاديث.
وهنا يقع على عاتق صاحب المنزل كما يقول أبو حامد تقديم وجبة غداء دسمة للأشخاص المشاركين بعملية بناء أو ترميم المنزل الطيني، ويتكرر هذا المشهد عند جميع الجيران حتى ينتهي الجميع من ترميم منازلهم.
أما محمود الصالح فيقول: إن أهالي قرى ريف الحسكة كانوا يعتمدون على بناء منازلهم بهذه الطريقة منذ القدم وعادوا الآن لاتباع نفس الأسلوب نظراً للارتفاع الكبير في أسعار مواد البناء أولاً ولما توفره هذه المنازل من عزل للحرارة في فصل الصيف الجاف الذي تمتاز به محافظة الحسكة والبرودة والرطوبة شتاءً ثانياً وبخاصة في ظل انقطاع التيار الكهربائي الدائم الذي يعاني منه ريف الحسكة بشكل عام.
وكما هو معلوم فإن مناطق شمال شرق سورية الخاضعة لسيطرة قسد وقوات النظام تعاني من انعدام فرص العمل وانخفاض المستوى المعيشي، ويعمل أغلب أهالي تلك المناطق بالزراعة وتربية الحيوانات، والتي تراجعت بنسبة كبيرة خلال الأعوام الماضية نتيجة موجة الجفاف وقلة الأمطار التي ضربت المنطقة.