نداء بوست- أخبار سورية- القامشلي
سيطرت قوات الأمن الداخلي الأسايش التابعة لقوات قسد” على عدة دوائر في المربع الأمني في مدينة القامشلي بريف الحسكة بعد انسحاب قوات الأسد منها.
واستولت قوات الأسايش على مباني مديرية المالية ونقابة المعلمين و المؤسسة السورية للحبوب ورابطة شبيبة الثورة والمركز الثقافي.
كذلك سيطرت على المجمع التربوي والمصرف الزراعي ودائرة الكهرباء و الرابطة الفلاحية مجمع النقابات المهنية.
وطالبت قوات الأسايش موظفي هذه الدوائر بالعودة إلى منازلهم لكي لا يصابوا بأذى جراء التوترات التي تشهدها المنطقة.
وجاءت هذه التطورات بعد فرض دوريات من “قسد”، حصاراً على فرن “البعث” الآلي في مدينة القامشلي بريف الحسكة، ومنعت دخول الدقيق والمحروقات إليه.
وقد أشار مراسل “نداء بوست” أن “قسد” أغلقت الطرقات المؤدية إلى الفرن القريب من المربع الأمني الذي تسيطر عليه قوات النظام، ومنعت الأهالي من الوصول إليه، كما أجبرت العمال على مغادرته وإغلاقه.
تصعيد متبادل
وذكر أن هذه الخطوة جاءت رداً على منع قوات النظام دخول المواد الغذائية والخبز والمحروقات إلى أحياء الشيخ مقصود والأشرفية (ذات الأغلبية الكردية) في مدينة حلب، منذ ما يقارب العشرين يوماً.
وتسيطر “قسد” أيضاً على فرن “تشرين” وهو المخبز الآلي الآخر في المدينة، حيث فرضت السيطرة عليه بعد المعارك التي دارت مع ميليشيات “الدفاع الوطني” العام الماضي، وانتهت بإخراج الأخيرة من عدد من أحياء القامشلي.
وفي نيسان/ إبريل العام الماضي، شهدت مدينة القامشلي توترات كبيرة، ومواجهات بين ميليشيات “الدفاع الوطني” التابعة للنظام، و”قسد” على خلفية قيام الأولى بالهجوم على حاجز للأخيرة، بسبب اعتقال أحد قياداتها.
وقامت “قسد” بمهاجمة مواقع النظام في حي “طي” والسيطرة عليها بشكل كامل، كما وقع عشرات القتلى والجرحى بين صفوف الطرفين المتنازعين، وذلك قبل تدخل الشرطة العسكرية الروسية ولعبها دور الوساطة بينهما.
دعم أمريكي لقسد
من جهته أكد الباحث في مركز جسور للدراسات أنس شواخ أنه “يوم أمس خلال المفاوضات بين النظام وقسد بإشراف روسي، كان هناك دعم كبير من قِبل الأمريكان لقسد للمضي بالتصعيد ورفع سقف مطالبهم في المفاوضات”.
وأضاف في حديث لموقع “نداء بوست” أنه “بالمقابل الروس كانوا متساهلين مع قسد ولم يدافعوا عن النظام بنفس الدرجة المعتادة، فكان النظام هو الحلقة الأضعف خلال المفاوضات”.
كما أشار الشواخ إلى أن وفد النظام كان مصرّاً على نفي حصارهم للأحياء الكردية في حلب، وذلك غالباً بسبب أن الفرقة الرابعة التابعة لإيران هي من تحاصر تلك الأحياء”.
ولفت الباحث السوري أنه “لم تكن هناك مقاومة من قبل جماعة النظام خاصةً بعد تجربتهم في حي طي العام الماضي، وعدم قدرتهم على صدّ قسد في حال غياب الدعم الروسي لهم”.
بدوره، لم يستبعد الباحث الرئيسي في مركز جسور فراس فحام أن يكون هناك ضغط روسي على تركيا في ظل مساعي الأخيرة لتغيير قواعد الاشتباك.
وأضاف في حديث لموقع “نداء بوست” أن “ما يجري يُظهر حجم التساهل من طرف النظام مع قسد، وهذا يقلل ثقة تركيا بالنظام ويُضعف فرص تطبيع العلاقات على أرضية مكافحة “قسد”، إلا إذا كان الانسحاب سببه عدم القدرة على المواجهة لأسباب عسكرية فهذا شأن آخر”.
“جسور للدراسات” يكشف أسباب وتداعيات التوتر بين قوات النظام السوري و”قسد” في حلب والحسكة
بدوره، أصدر مركز “جسور للدراسات” تقريراً بعنوان “حصار متبادل في الشيخ مقصود والقامشلي بين قسد والنظام السوري.. الأسباب والسيناريوهات”, وناقش فيه اتباع قوات النظام السوري و”قسد” سياسة الحصار في كل من حيَّيِ الشيخ مقصود والأشرفية في حلب، ومدينة القامشلي شمال شرق محافظة الحسكة.
حيث بدأت الفرقة الرابعة التابعة للنظام في بداية نيسان/ إبريل بحصار حيّ الشيخ مقصود والأشرفية اللذين تُسيطر عليهما قوات سورية الديمقراطية في مدينة حلب، ومنعت مرور الشاحنات التي تحمل مواد الطحين والمحروقات إلى الحيّيْنِ المذكوريْنِ.
بالمقابل، وبحسب مركز جسور، قامت “قسد” بالردّ بالمثل، في شرق الفرات وتحديداً في مدينتَي الحسكة والقامشلي، حيث بدأت حواجز قوات الأسايش التابعة لها بمنع وصول إمدادات الطحين إلى فرن “المساكن” في مدينة الحسكة، و”البعث” في مدينة القامشلي اللذين يتبعان النظام. كما قامت بإغلاق عدّة طرق تصل إلى مطار القامشلي والمربع الأمني في مدينة القامشلي، وحشد قواتها في المناطق المذكورة.
تضارُب المصالح
وعلى ضوء ذلك، وضع المركز عدداً من الأسباب المتوقّعة لهذا التصعيد، ومنها تراكم الخلافات وتضارب المصالح بين الطرفين كالخلاف الناجم عن استمرار رفض “قسد” لإخلاء المباني التعليميّة لجامعة الفرات التابعة لحكومة النظام في محيط سجن الصناعة في مدينة الحسكة منذ سيطرتها عليها.
والسبب الآخر، هو افتعال التصعيد من قِبل “قسد” وتأجيجه لاحقاً كردّ على تزايُد نشاط وتهديد الميليشيات التابعة لإيران لمصالح قوات التحالف الدولي في محافظتَي الحسكة ودير الزور من خلال استهداف القواعد العسكريّة التابعة لها من قِبل هذه الميليشيات، إضافةً لعمليات الاعتراض المتزايدة بشكل واضح للدوريات العسكريّة البريّة لهذه القوات من قِبل قوات النظام وميليشيا الدفاع الوطني خاصةً في محيط مدينة القامشلي.
وتوقّع المركز سيناريوهين أكثر احتمالاً، وهما: نجاح الوساطة الروسيّة في التهدئة والعودة للوضع الطبيعي بين الطرفين مع فكّ الحصار المتبادل بين الطرفين وحلّ المشاكل العالقة بينهما، خاصةً تلك المتعلقة بالمباني التعليميّة والأفران والمنشآت الخدميّة الأخرى.
أو استمرار التصعيد بين الطرفين وتطوّره وتكرار سيناريو اتفاق حيّ “طيّ” الذي رعته روسيا؛ عبر قيام “قسد” بإخراج ميليشيا الدفاع الوطني التابعة لإيران من حيّ “زنود” وبقيّة المناطق التي ما زالت تنتشر فيها داخل مدينة القامشلي ومحيطها القريب.
تهلهل قوات الأسد
من جهته يؤكد العميد المنشق عن قوات النظام محمد الخالد أن “نظام الأسد تعرض لعدة هزائم أمام قسد خلال المواجهات السابقة وخصوصاً أنه يقاتل في منطقة محاصرة، من قبل عناصر التنظيم ولا يملك الدعم الجوي الروسي الذي يمنحه التفوق في المعارك لأن منطقة شرق سورية تتبع بشكل تقريبي قوات التحالف الدولي ولا يملك الروس مجالاً لمساعدته”.
وأضاف في حديث لموقع “نداء بوست” أن “نظام الأسد حاول كثيراً التمسك بمناطق المربع الأمني في القامشلي لتكون وسيلة ضغط على قوات قسد، ولكن ربما هذه المرة اتخذت قسد ومن خلفها الولايات المتحدة قراراً بإنهاء وجود النظام في هذه المنطقة”.
ويشير في حديثه أن “موقف روسيا رغم مناصرته للنظام فإنه يعتبر رمادياً في هذه الحالة فهي لا تريد فتح جبهات عليها وخصوصاً أن لديها قوات مشتركة مع قسد في مناطق تل رفعت بريف حلب، وكذلك في بعض مناطق الحسكة فهي تريد أن تجد حلاً يخفف من النزاع”.
وحاولت روسيا خلال الفترة الماضية تعزيز قواتها في شمال شرق سورية وخصوصاً مناطق القامشلي من خلال تشييدها مهبطاً للمروحيات في المدينة.
وشيدت القوات الروسية المهبط داخل المربع الأمني في مدينة القامشلي ليكون مرفقاً بمركز التنسيق الروسي، تزامناً مع وصول تعزيزات روسية للمربع من مطار القامشلي.
واستقدمت نحو 15 آلية حفر وصلت إلى ساحة الثكنة الفرنسية القديمة وسط المربع الأمني في القامشلي.
كما عملت الآليات على تخطيط وبناء مهبط للمروحيات بالتزامن مع تشييد مركز للتنسيق الروسي بالقرب منه تحت إشراف ميليشيا الفيلق الخامس المحلي المدعوم روسياً.
وجاء قرار إنشاء المهبط بشكل مفاجئ بعد أوامر من القيادة الروسية في قاعدة حميميم على الساحل السوري.
وتهدف روسيا من هذا التحرك لتقويض التوسع الإيراني في القامشلي واستعراض القوة الروسية أمام الميليشيات الإيرانية التي بدأت بالفعل استقطاب وتجنيد الشبان المحليين بصفوفها.
وكان من المقرر أن يتسع المهبط لأربع مروحيات عسكرية بالوقت ذاته، في الوقت الذي سيتسلّم به مركز التنسيق الحديد تنظيم التعليمات العسكرية البرية والجوية بالقامشلي.
وساطة روسية
كذلك حاولت روسيا أن تلعب دور الوسيط بين قسد وقوات الأسد خلال الاشتباكات التي جرت العام الماضي مع قوات الدفاع الوطني بعد عقد اتفاق يقضي بإنهاء الاشتباكات في مدينة القامشلي شمال شرقي سورية.
وجرى الاتفاق في تلك الأثناء بوساطة روسية، بعد أن رعت موسكو اجتماعاً أمنياً بين الطرفين، في مطار “القامشلي” العسكري.
وتضمن الاتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين برعاية روسية، بالتزامن مع انتشار قوات روسية في منطقة الاشتباكات لمنع أي احتكاك بين الطرفين.
من جهتها تواصل قوات التحالف الدولي
إجراء مناورات عسكرية مع عناصر “قسد” في مناطق شمال شرق سورية لرفع قدراتهم القتالية.
وأشار مراسل “نداء بوست” إلى أن خمسة انفجارات ضخمة هزت بلدة ذيبان والقرى المجاورة لها في ريف دير الزور الشرقي والقريبة من قاعدة حقل العمل، ناجمة عن قيام قوات التحالف بإجراء مناورات عسكرية وتدريبات بالذخيرة الحية لرفع جاهزية عناصرها في المنطقة.
وشارك مع قوات التحالف في عمليات المناورة هذه مجموعات من “قسد”، وتزامنت مع تحليق مكثف للطائرات الحربية والمروحية والطيران المسير.
وتأتي هذه المناورات والتدريبات بعد وصول تعزيزات ضخمة لقوات التحالف قبل أيام، قادمة من شمال العراق، حيث دخلت من معبر الوليد الحدودي.
كما تضمنت القوافل التي دخلت معدات لوجستية وأسلحة وذخائر وتوزعت على قواعد التحالف الدولي المنتشرة في أرياف الحسكة ودير الزور.
يُشار إلى أن قوات التحالف تُجري بين الحين والآخر عمليات تدريب ومناورات عسكرية بالذخيرة الحية في مناطق انتشارها شمال شرقي سورية حيث أجرت مؤخراً تدريبات في بادية أبو خشب شمال دير الزور وأخرى في بلدة الشدادي جنوب الحسكة.