فاروق بلال لـ "نداء بوست": نجحنا بعزل القضية السورية عن السياسة الداخلية الأمريكية

فاروق بلال لـ "نداء بوست": نجحنا بعزل القضية السورية عن السياسة الداخلية الأمريكية

فاروق بلال لـ "نداء بوست": نجحنا بعزل القضية السورية عن السياسة الداخلية الأمريكية

 

نداء بوست- حوارات سياسية- آلاء عوض

أثمر حضور الجالية السورية في أمريكا بإصدار الكونغرس لثلاثة قوانين أسهمت بشكل كبير في تكبيل نظام الأسد وعرقلة أي تطبيع معه، ويعتبر ذلك إنجازاً كبيراً لم تستطع جماعات ضغط ولوبيات تديرها دول تمتلك ميزانيات ضخمة تحقيقه.

وفرض "قانون قيصر" الذي أسهمت الجالية بصياغته على الإدارات الأمريكية سواء كانت ديمقراطية أو جمهورية معاقبة نظام الأسد وحرمانه من أي مصادر مالية أو محاولة أي دولة دعمه بشكل مباشر لإعادة الإعمار، وما زال القانون العقبة الكبرى في وجه النظام الذي يحلم بالعودة كـ "عضو في المجتمع الدولي".

وتلا "قيصر" قانون "كبتاغون الأسد" وهو الذي ربط النظام بشكل مباشر بتجارة المخدرات بالمنطقة ودعا الإدارة الأمريكية لمكافحة نشاطه ودعم الدول التي تضرّرت من تحويل سورية إلى مصنع للمخدرات تديره ميليشيات النظام وإيران.

خلال كارثة الزلازل سعى نظام الأسد إلى استغلالها بشكل مباشر للتخلص من العقوبات وإعادة تقديم نفسه للمجتمع الدولي كممثل للسوريين الذين عانوا من بطشه على مدى 12 عاماً، وحاول تقديم نفسه كوصيّ على المساعدات وسال لعابه على أموال إعادة الإعمار أو فتح أبواب الدول له للتطبيع، لكن مشروع القانون الذي حظي بإجماع مجلس النواب الأمريكي ولم يعترض عليه سوى نائبين، أنهى كل آمال الأسد تقريباً.

وأكد القانون صراحة على ضرورة تطبيق "قانون قيصر" والعقوبات على نظام الأسد وعدم التساهل في ذلك، كما طالب بإنشاء آلية لمراقبة وصول المساعدات وعدم سرقتها من قِبل النظام، وندّد بمحاولة الأسد استغلال الكارثة للإفلات من العقاب، وأثنى على جهود الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء" ودعا إلى دعمه.

وخلف كل هذا الجهد كان هناك جالية سورية تعمل بلا كَلل وعلى كل المستويات لخدمة القضية السورية، ومن أبرز تكتُّلاتها "المجلس السوري الأمريكي" الذي أجرى موقع "نداء بوست" مع رئيسه فاروق بلال الحوار الآتي:

 

  • جهود لافتة عملت عليها الجالية السورية في أمريكا تكلّلت بثلاثة قوانين قيصر وقانون الكبتاغون وقانون المساعدات الأخير،ما الذي ساعدكم في هذا الإنجاز؟

أمريكا هي دولة مؤسسات ما يعني أنه لا يوجد مؤسسة واحدة داخل أمريكا كالبيت الأبيض أو الكونغرس أو حتى الخارجية تستطيع اتخاذ قرارات بمفردها، لا سيّما في ما يخصّ سياسة أمريكا الخارجية والعلاقات الدولية، وتمكّنت الجالية السورية في أمريكا من بناء علاقات قوية وجيدة مع مجمل المؤسسات الأمريكية عَبْر مكاتب سورية كان لها دور بنقل القضية السورية وصوت السوريين.

العامل الأساسي الذي أسهم بتمرير القوانين وآخِرها قانون مراقبة المساعدات، هو تحييد القضية السورية عن السياسة الداخلية لأمريكا، إذ تمكّنت الجالية السورية من العمل مع الطرفين/ الحزبين الديمقراطي والجمهوري، فلم تكن القضية السورية قضية صراع بين الحزبين، على سبيل المثال: قانون قيصر تم تقديمه من أعضاء من الحزبين، كذلك الأمر بالنسبة لـ أعضاء "لجنة دعم سورية" في الكونغرس، وتتكون من 53 عضواً، ويترأسها ديمقراطي وآخر جمهوري وفيها أعضاء من الحزبين.

القرار الأخير الذي صدر من مجلس النواب بخصوص الزلزال في تركيا وسورية قدمه 30 عضواً من الكونغرس، نصفهم ديمقراطيون والنصف الآخر جمهوريون، مشدداً بقوله: "نجحنا بعزل القضية السورية عن السياسة الداخلية الأمريكية".

الأمر الآخر الذي أسهم بتكلُّل الجهود بالنجاح، هو التنسيق الجيد والمتزايد بين المنظمات، فبعد عام 2015 وخاصة بعد صدور قانون قيصر، ترسّخت قناعة لدى السوريين فَحْواها أن التخصّص في العمل والتنسيق يُفضي إلى نتائج ملموسة. قانون قيصر كان مثالاً رائعاً على تنسيق الجهود بين المنظمات السورية الأمريكية مع الجالية السورية الأمريكية. في عام 2020 وُلد الاتحاد الأمريكي من أجل سورية الذي يضمّ 10 من أقوى المنظمات الموجودة في سورية بما فيها "المجلس السوري الأمريكي" الذي يعدّ أكبر منظمة شعبية أمريكية تضمّ السوريين، ونجح في حشد جهود الجالية السورية، من حيث تنظيم المؤتمرات بشكل دائم، وتنسيق اجتماعات مع أعضاء الكونغرس في مختلف الولايات.

 

  • هل تخططون لطرح قوانين جديدة في الكونغرس تساعد في عرقلة موجة التطبيع مع النظام؟

نحن نستمر بالعمل مع الكونغرس والحكومة لزيادة الضغط على الحكومة الأمريكية، ولكن -للأسف- البيت الأبيض لا يمانع التطبيع، هو في حقيقة الأمر لا يشجّع ولا يمانع، ولا يأخذ أيّ خطوات لمنع مَن يرغب بالتطبيع مع الأسد من فعل ذلك، أكثر ما يمكن أن يتخذه هو إصدار "بيان استنكار".

نحن نستمر بالعمل مع الكونغرس لمحاربة التطبيع؛ لأن الميزانية تأتي من الكونغرس ومعظم الدول المُطبِّعة تأخذ بشكل أو بآخر مزايا اقتصادية من أمريكا، وقرار مجلس النواب كان رسالة قوية لهذه الدول مفادها: "قد تدفعون ثمناً اقتصادياً نتيجة ذلك". وهذا ما يتمُّ العمل عليه الآن مع الكونغرس الأمريكي.

 

  • هل ترى أن موقف الولايات المتحدة من نظام الأسد بات أكثر وضوحاًخلال إدارة بايدن؟

موقف إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن من سورية كان واضحاً بشكل عامّ منذ الفترة الانتخابية لعام 2019، فالورقة الانتخابية التي قدّمها بايدن للجالية العربية، وكان حينها مرشّحاً، لم يُذكر فيها اسم سورية إطلاقاً، ونجحَ فريق من الشباب السوري ممّن دخلوا في الحملة الانتخابية بالتعاون مع بعض المنظمات في إضافة سورية كفقرة أخيرة في الورقة الانتخابية.

بايدن كان صريحاً بتوجُّهه منذ البداية، توجُّهه كان نحو الصين وإفريقيا، أما سورية فكانت بالنسبة له قضية تحصيل حاصل للاتفاق النووي الإيراني، بعد ذلك أتت جائحة كورونا وتفاقمت في زمن بايدن، وخلّفت أضراراً اقتصادية وركوداً ما تزال الولايات المتحدة تعاني منه حتى الآن، بالإضافة إلى الحرب الأوكرانية الروسية، كل ذلك جعل الاهتمام غير موجود بالقضية السورية أبداً.

ومع ذلك، فإن القانونين اللذيْنِ أقرهما الكونغرس قيصر والكبتاغون هما مرتكزات قوة للجالية السورية في أمريكا والسوريين بغض النظر عن البيت الأبيض ومواقفه، وتدفع مثل هذه القوانين المنظمات السورية الأمريكية للعمل الدؤوب من أجل الضغط سواءً على إدارة بايدن أو الإدارات القادمة.

 

  • هل تستطيع أن توضح سياسة واشنطن تجاه سورية من موقعكم في البلاد وما الذي يمكن أن تفعله المعارضة السورية للمرحلة القادمة؟

لا توجد أصلاً سياسة واضحة لواشنطن تجاه سورية، أيضاً هناك عدم اهتمام من قِبل الإدارة الأمريكية كثيراً بالشأن السوري، وهنا لا نتحدث عن الجانب الإنساني والإغاثي، ففي مجال الإغاثة ما تزال أمريكا تدعم سورية، وتُعتبر أكبر داعم في الأمم المتحدة، ولكن من الناحية السياسية، لا يوجد اهتمام كثير بالشأن السوري.

أما بالنسبة لدور المعارضة فنحن بحاجة إلى توافُق لإنتاج حلّ "سوري سوري" يراعي مصالح الشعب السوري وبنفس الوقت يراعي "مصالح الدول" الإقليمية والدولية، فنحن إلى الآن ما زِلْنا نفتقد العنوان الوطني، والذي من الممكن أن يكون (شخص، تكتّل، حزب، مؤسسة) لأن الدول تحتاج لجهة تمثّل الشعب السوري بشكل حقيقي، و-للأسف- نحن نفتقر لهذا العنوان إلى يومنا هذا.

يضمّ "التحالف السوري الأمريكي" 10 منظمات فاعلة، وأثبتت وجودها وقوتها في أمريكا، ولدينا فريق عمل وكادر مختصّ متمكّن في واشنطن، وندعو جميع القوى السياسية والثورية للتواصل وللعمل معنا لتعزيز مكانتنا في الولايات المتحدة الأمريكية، ولا شكّ أن العمل الجماعي يعطي قوة ضغط أكبر على الحكومة الأمريكية.

نحثّ أيضاً على تشكيل تحالُف ضغط ومناصرة مُشابِه في كل من أوروبا وتركيا وبريطانيا، والعمل سوياً بالتنسيق المشترك وبنفس الاتجاه للضغط على هذه الحكومات لإيجاد حلّ مُنصِف للقضية السورية.

 

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد