خطة الأردن للتطبيع مع النظام السوري: لاجئون ومخدرات وميليشيات

خطة الأردن للتطبيع مع النظام السوري: لاجئون ومخدرات وميليشيات

نشر موقع "ميدل إيست آي"، الذي يتخذُ من لندن مقراً له ويعمل على تغطية الأحداث في الشرق الأوسط، تقريراً تحدث فيه عن الخطة الأردن التي تفضي إلى تطبيع العلاقات مع النظام السوري.

واستند التقرير لمعلومات أفاد بها بعض المسؤولين الأردنيين للموقع، قالوا فيها إن عودة اللاجئين والتهريب والميليشيات هي من بين القضايا الرئيسية التي يسعى الأردن لحلها مع النظام كجزء من خطته لتطبيع العلاقات العربية مع دمشق.

وقال محمد المومني، عضو لجنة العلاقات الخارجية والعربية في مجلس الأعيان الأردني: إن الخطة تستند إلى فكرة المعاملة بالمثل وهي كذلك تقوم على مبدأ "ساعدنا حتى نتمكن من مساعدتك"، على حد تعبيره.

لقد تسارعت وتيرة الحديث عن التطبيع في الأسابيع الأخيرة، بين النظام السوري مع جيرانه العرب، وكانت السعودية آخر دولة تتحدث عن معاودة التعامل علناً مع دمشق.

وذكر التقرير أنه في عام 2021، افتتح الأردن، الذي استقبل نحو 675 ألف لاجئ سوري، معبراً حدودياً رئيسياً مع سورية وبدأ محادثات رفيعة المستوى مع مسؤولي النظام.

ولكن مع ذلك، لم يكن وجود ذلك المعبر أمراً سهلاً، حيث أصبح تهريب الأسلحة والمخدرات عبر الحدود مشكلة كبيرة بالنسبة للأردن وتسهم في زيادة مشاكل المخدرات في المملكة.

وبحسب المومني، فإن قضية اللاجئين هي إحدى الأولويات القصوى في مسعى الأردن الأخير للتوصل إلى اتفاق مع النظام السوري.

ويضيف التقرير أن الخطة، التي تأمل الأردن من خلالها حل القضايا بين النظام السوري والدول العربية الأخرى والمساعدة في إنهاء الحرب السورية المستمرة منذ 11 عاماً، تستند إلى "خطوات إيجابية سيتخذها النظام السوري بشأن اللاجئين، وهي إعلان عفو عام يسمح بـ "عودة" اللاجئين.

https://twitter.com/NEDAAPOST/status/1638497976354996224?t=4nJRfwXdCUW_OHYnrXEFtg&s=19

وأشار إلى أن المبادرة ستدعو أيضاً إلى إصلاح أمني في سورية وتؤكد على ضرورة منع الميليشيات الموالية للأسد، وكثير منها مدعوم من إيران، من تهديد الأمن الإقليمي.

إنهم بحاجة إلى مواجهة تهريب المخدرات والأسلحة. وأضاف المومني أن هذا سيُنظر إليه على أنه خطوة إيجابية وسيتم الرد بالمثل بخطوة من المجتمع الدولي.

https://twitter.com/NEDAAPOST/status/1625123440855326726?t=pL_kVjWOW646sqWYUft8jw&s=19

وقال المومني، الذي شغل في السابق منصب وزير الإعلام، إن وزير الخارجية حرص على إيصال فكرة المعاملة بالمثل للنظام السوري.

وأضاف: "نحن كأردنيين وكعرب لنا مصلحة في عودة سورية إلى الحضن العربي، ونحن بحاجة إلى إغلاق الفصل السابق، يجب أن تعود سورية، وهذا موقف واقعي، حيث يجب أن يكون السوريون قادرين على التمتع بالأمن والاستقرار حتى يتمكنوا من العودة والعيش بكرامة".

المشاورات مع الدول العربية

على الرغم من أن تواصل الأردن مع النظام في سورية في السنوات الأخيرة لم يجر بسلاسة، إلا أن رؤية دول عربية مختلفة بفتح سفارات في دمشق وترحيب برئيس النظام السوري، بشار الأسد، قد أثار مخاوف من احتمال إهمال المصالح الأردنية.

وبالمثل، هناك شعور بأن الدول العربية فقدت نفوذها في سورية بعد أن قطع العديد منها العلاقات مع الأسد في أعقاب قمعه الدموي للاحتجاجات في عام 2011.

https://twitter.com/AlMamlakaTV/status/1640659159015124993?t=_uzsGRo0viWAzIgKIHcm7w&s=19

وقال مصدر حكومي أردني طلب عدم ذكر اسمه: "المبادرة تهدف إلى الاستجابة للواقع الحالي في سورية حتى لا نترك المنطقة مفتوحة للآخرين والعرب غائبون عنها منذ سنوات".

وقال المصدر إن الصفقة "لن تكون مجانية أو بدون شروط".

https://twitter.com/NEDAAPOST/status/1625838880011296768?t=XBMs8Qt4oyHddjOVxAWS2g&s=19

وتخطط عمان لإعداد مسودة تمهيدية للتشاور بعد ذلك مع الدول العربية الأخرى التي من المتوقع أن تقدم شروطها الخاصة للتطبيع الكامل مع النظام السوري.

وقال المصدر: "على سبيل المثال، ما يهم الأردن هو تهريب الأسلحة والمخدرات من سورية، وضرورة بذل جهد أكبر من قبل السوريين للتعامل مع هذه القضية".

https://twitter.com/NEDAAPOST/status/1605841481415249920?t=JPwtBl20Lx0N4PCMRyWucQ&s=19

في المقابل، سيسعى الأردن من خلال مشاوراته مع العرب إلى تخفيف العقوبات تدريجياً على نظام الأسد وسيبدأ العمل على إعادة الإعمار وعودة اللاجئين.

وبحسب المصدر فإن ذلك سيشمل حملة مصالحة وطنية تشمل إطلاق سراح السجناء وبدء عملية سياسية ديمقراطية ستؤدي إلى انتخابات عامة حرّة.

وبدأت بالفعل مشاورات الأردن مع الدول العربية. وزار الملك عبد الله الثاني، السبت، مملكة البحرين التي أعادت فتح سفارتها في دمشق عام 2019. كما استقبل وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي نظيره اللبناني عبد الله بووحبيب يوم الثلاثاء.

وقال الصفدي خلال لقائه بو حبيب إن الأردن ينسق مع المجتمع الدولي، وأضاف أن عمان تريد الوصول إلى حل سياسي يشرك النظام السوري بخطوات متبادلة تهدف إلى الوصول تدريجياً إلى إنهاء هذه الأزمة مع تناول قضاياها السياسية والإنسانية والأمنية.

منافع اقتصادية

بعد مواجهة عقد من الصراع في الجوار، يأمل الأردن في حصد فوائد اقتصادية وأمنية جادة من مبادرته. حيث تشترك المملكة في حدود طولها 375 كم مع سورية، وقد أسهم عدم الاستقرار المصاحب للصراع في التدهور الاقتصادي للمملكة.

https://twitter.com/NEDAAPOST/status/1631394918361866266?t=kbtlvWACPR4RiDftqRfLdA&s=19

وقال مأمون أبو نوار، وهو لواء أردني متقاعد وخبير عسكري، إن إحدى رغبات عمان الرئيسية هي الحد من وجود الجماعات المدعومة من إيران بالقرب من الحدود الأردنية، والتي تعتقد أنها مسؤولة عن عمليات التهريب التي ابتليت بها المملكة.

بالإضافة إلى ذلك، يأمل الأردن في الحصول على فائدة تجارية اقتصادية. لكن السؤال الذي يصعب الإجابة عليه هو ما إذا كانت هذه المبادرة ستنجح دون موافقة الولايات المتحدة ورضا روسيا.

تواصل واشنطن معارضة أي تواصل مع الأسد وتقود نظام عقوبات غربي عليه. وفي الوقت نفسه، تعد روسيا واحدة من أهم داعمي الأسد ولديها وجود عسكري كبير في سورية منذ أن تدخلت في الحرب نيابة عنه في عام 2015.

في غضون ذلك، وصلت العلاقات بين واشنطن وموسكو إلى الحضيض في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.

ولكن على الرغم من هذه العوائق المحتملة، يسرّع الأردن جهوده لمناقشة التطبيع السوري مع الدول العربية، على أمل وضع خطة عملية قبل اجتماع جامعة الدول العربية في الرياض في 18 أيار/مايو.

وبحسب ما ورد سيتوجه وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود إلى دمشق في الأيام القليلة المقبلة لتسليم دعوة رسمية للأسد لحضور القمة، بعد أن تم تعليق عضوية سورية من جامعة الدول العربية في عام 2011.

https://twitter.com/NEDAAPOST/status/1642507615530889216?t=3R2vD5tXTItvHrs2satsjg&s=19

ولكن مع ذلك، يعتقد أبو نوار أن المبادرة الأردنية "ستصطدم بجدار"، في إشارة إلى مخططات الأمم المتحدة المدعومة من الغرب للتوصل إلى تسوية في سورية من خلال دستور جديد وانتخابات جديدة، وقال: "هذا لن يقبله نظام الأسد".

تهديد بـ فيتو أمريكي 

وقال أبو نوار إن التهديد الأمريكي باستخدام الفيتو ضد المبادرة الأردنية يلوح في الأفق، خاصة بعد مقابلة مع السفير الأمريكي في الأردن هنري ووستر مع صحيفة الرأي الأردنية اليومية يوم الأحد.

خلال المقابلة، انتقد ووستر زيادة التطبيع مع النظام السوري، مشيراً إلى خارطة طريق الأمم المتحدة لعام 2015 باعتبارها الطريق الصحيح الذي يجب اتباعه.

وقال: "الولايات المتحدة لا تؤيد تطبيع العلاقات مع نظام الأسد ولا ترى أن ذلك سيحدث قريباً".

https://twitter.com/NEDAAPOST/status/1639643839148224513?t=qLLA60a6m5hanhsrPr_mKA&s=19

وقال عامر صبيلة، أستاذ العلوم السياسية، إنه بينما تعامل الدول العربية مع الواقع الحالي من خلال تواصلها مع النظام السوري، يرتبط موقف الولايات المتحدة ارتباطاً وثيقاً بنظرتها إلى روسيا.

وقال: "خاصة بسبب وجود صراع مفتوح اليوم بين أوروبا والولايات المتحدة من جانب وروسيا من جانب آخر، فالأزمة السورية ستبقى مفتوحة لبعض الوقت لأن هذه القضايا مترابطة".

ويختم التقرير بالحقيقة الدامغة التي تقول إنه على الرغم من أن الدول العربية يمكن أن تتوصل إلى تفاهمات خاصة بها مع دمشق، إلا أن قضية العقوبات الغربية ستبقى، فالولايات المتحدة ليست على استعداد لتقديم تنازلات بشأن هذا الموضوع.

إلا أن التقرير يفترض في الوقت ذاته أن الدول التي تشارك في هذه المبادرة ستكون في موقف صعب لأن الولايات المتحدة هي التي تقرر. لكن هناك من يعتقد، مثل الإمارات، أنه إذا تم حل هذه القضية على المستوى العربي، فإنها ستنتقل بعد ذلك إلى المستوى الدولي.

المصدر: ميدل إيست آي/ ترجمة: عبد الحميد فحام

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد