نداء بوست -أخبار سورية- متابعات وتحقيقات
في السادس من شهر أكتوبر عام 1973 قرر الرئيسان السوري حافظ الأسد والرئيس المصري أنور السادات الردّ على خسارة الأراضي أمام إسرائيل خلال نكسة حزيران عام 1967 ما دفعهم لشنّ هجوم بهدف استعادتها.
تمكنت القوات المسلحة المصرية من عبور قناة السويس باستخدام تقنيات جديدة مثيرة للإعجاب من ابتكار المهندسين المصريين أنفسهم.
كما نجحت في اقتحام خط بارليف وتابعت اندفاعها باتجاه وسط سيناء، واقتربت القوات السورية من تحقيق انتصار حاسم عندما فاجأت بهجومها الشامل القوات الإسرائيلية التي تحتل مرتفعات الجولان وباستخدام قوّة جرّارة، وكادت تنجح في طردهم منها.
كذلك برز في البدايات الأولى لتلك الحرب الاستخدام الفعّال “للقنابل الموجهة بدقة” PGM المضادة للطائرات والدبابات والتي أرسلها السوفيات لدعم القوات المصرية والسورية، وكانت وراء التفكير بابتداع وسائل تدمير بعيدة المدى، وهكذا بدأ عصر استخدام الصواريخ “.
ورغم أن العرب لم يتركوا الأسد وحيداً حينها في مواجهة إسرائيل، فشاركت فِرَق عسكرية عربية في الحرب، واتخذت دول الخليج بمبادرة من الملك فيصل بن عبد العزيز والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، قراراً بحظر تصدير النفط إلى الولايات المتحدة، بسبب إنشائها جسراً جوياً لدعم إسرائيل.
إلا أن القوات السورية التي تقدمت بشكل كبير ومباغت، سرعان ما تُركت دون تغطية جوية، بل دون إمداد في عمق الجبهة وسرعان ما تحول النصر الذي صنعه سوريون آمنوا بحق وطنهم في استعادة الأرض المحتلة وقاتلوا ببسالة، إلى هزيمة.
استعادت القوات الإسرائيلية زمام المبادرة، وتمكنت من السيطرة على سيناء ومرتفعات الجولان، وأحكمت حصارها على مواقع الجيش المصري الثالث على الجبهة الغربية.
وفي الجبهة الشمالية، نجحت القوات الإسرائيلية في دفع القوات السورية إلى ما وراء خط الهدنة لعام 1967 وباتت تهدد دمشق ذاتها.
وتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بناء على مبادرة أطلقها وزير الخارجية الأمريكي الشهير هنري كيسنجر.
وتم إعلان وقف الأعمال القتالية وتوقيع اتفاقية فصل القوات في 13 مايو عام 1974، حيث كانت خسائر (حرب تشرين التحريرية) في الجانب السوري 3 آلاف قتيل و 800 دبابة، و 160 طائرة وعشرات القرى التي خسرتها.
أما القنيطرة التي زعم الأسد أنه قد حررها فقد انسحب منها الجيش الإسرائيلي عملياً في حزيران يونيو من عام 1974، أي بعد توقيع اتفاقية فصل القوات.
وكان تخلي إسرائيل عنها مثيراً للجدل، حيث رفضه المستوطنون وحزب الليكود، حتى أنهم أقاموا مستوطنة في ضواحي المدينة لفترة وجيزة، وعندما زارها حافظ الأسد في صيف (1974) بعد تدميرها قبل خروج الجيش الإسرائيلي منها، تعهد بإعادة بنائها، واستعادة الأرض المحتلة.
ومنذ عام 1973، وعلى الرغم من نجاح القوات السورية والمصرية في مفاجأة إسرائيل بحرب تشرين/ أكتوبر، فإن سورية لم تَستعِدْ مرتفعات الجولان التي لا تزال محتلة إلى يومنا هذا.
كما اضطر حافظ الأسد في نهاية الحرب إلى توقيع اتفاق وقف إطلاق النار عام 1974، ووصفه هو بأنه “اتفاق مخجل”، إلا أنه استثمر نتائج الحرب التي وصفها الإعلام الرسمي -ولا يزال- بالانتصار الكبير للتفرغ لتثبيت أركان حكمه ومنع أي عمليات انقلاب ضده.
يقول المؤرخ الإسرائيلي يهودا بلنجا، بعد حرب يوم الغفران (حرب تشرين) راح الأسد يسخّر جهوده في تثبيت قاعدة حكمه عَبْر إغراء مؤيديه عن طريق حزب البعث، فمن كان بعثياً سيتدرج في المناصب السياسية ويحظى بالمزايا الاقتصادية والاجتماعية.
ويشير العميد عاموس جلبوع، إلى أن دمشق كانت مدينة محاصرة ومحاطة بالحواجز العسكرية حولها وبين شوارعها، على مدار الساعة وطوال السنة.
ويضيف جلبوع، ولم يكن أحد يتجرأ على زعزعة مكانة الأسد لأنه سيلقى مصيره إما السجن أو القتل.. سيرسله الأسد إلى “ما وراء الشمس” كما يتداول السوريون.
كما يتابع العميد الإسرائيلي، أن خط الدفاع الأول لحافظ الأسد وحامي نظامه كان أخاه رفعت، الذي يملك قوات مسلحة بعتاد متطور ودبابات، وكانت جميع المطارات تحت إمرته لمنع تعرُّض القصر الرئاسي لأي عملية قصف.
ويقول روبرت بار، مسؤول سابق في المخابرات الفيدرالية الأمريكية CIA لشؤون الشرق الأوسط: إن كل الوحدات العسكرية في سورية تُدار من قِبل العلويين، وإذا كان هناك عقيد ما يريد تحريك دبابة عليه أن يحصل على موافقة من قائده المباشر العلوي بطبيعة الحال.