نداء بوست- محمد جميل خضر- عمّان
مع إقرار قانون الأحزاب السياسية الجديدة في الأردن لسنة 2022، ودخوله أمس حيّز التنفيذ، ومع إحالة مسودة مشروع نظام مقترح للمساهمة المالية لدعم الأحزاب بمقتضى المادة (27) من القانون، إلى الحكومة، بدأت الأحزاب المشكلة جديداً، أو تلك التي تحت التأسيس، جولات مكوكية على امتداد جهات الأردن، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، يقوم خلالها مؤسسو تلك الأحزاب الجديدة، أو المروّجون لأحزاب قديمة، باستقطاب أعضاء جدد.
وتربط مسودة نظام الدعم المالي المقترحة، مبالغ دعمها بما يحققه أي حزب من شعبية، وبما يفوز به أعضاؤه من مقاعد نيابية، وبما ينجح به من استقطاب للقوى الشبابية، وبما يحققه من انخراط نسوي في عضويته، فعلى سبيل المثال تقترح المادة (3) من نظام المساهمة المالية صرف ثمانية آلاف دينار أردني من أموال الخزينة العامة عن كل مقعد يفوز به الحزب وفقاً لأحكام المادة (3/أ)، ويضاف 20% للمبلغ المستحق عن كل مقعد يحرزه الحزب عن كل سيدة فائزة، كما يضاف 20% للمبلغ المستحق عن كل مقعد يحرزه الحزب عن كل فائز شاب دون سن الـ 35 عاماً، و20% أيضاً عن المبلغ المستحق وفقاً لأحكام المادة ذاتها لكل فائز من الأشخاص ذوي الإعاقة.
كما يخصص النظام للحزب الذي يحقق 1% فأكثر من عدد أصوات المقترعين على القائمة الحزبية في الدائرة العامة على مستوى المملكة، 30 ألف دينار كمساهمة سنوية وخمسة آلاف دينار لتغطية نفقات مؤتمره العام الذي تنتخب فيه الهيئات القيادية للحزب، شريطة أن تدعى للمؤتمر صحيفتان يوميتان واسعتا الانتشار قبل أسبوعين من موعد الانعقاد ودعوة مندوب المجلس (مجلس المفوضين) لحضور فعاليات المؤتمر.
ويضاف لمبلغ الخمسة آلاف دينار بحسب النظام، 10% عن انتخاب أي عضو في الهيئة القيادية من السيدات و10% عن كل عضو تنتخبه الهيئة القيادية من الشباب دون سن الـ 35 عاماً، و20% عن انتخاب أي عضو في الهيئة القيادية من الأشخاص ذوي الإعاقة.
كما يقترح النظام صرف سبعة آلاف دينار سنوياً لتغطية مصاريف إعلام الحزب من مطبوعات وصحف ومواقع إلكترونية متخصصة، على أن تكون مملوكة للحزب ومسجلة بموجب تعليمات تصدر لهذه الغاية.
بطبيعة الحال التطلعات الكبرى للأحزاب التي تتبلور على الساحة الأردنية، لا تحركها هذه المبالغ المرصودة، فبعض هذه الأحزاب يقود حراكها ويسعى للتربع فوقها رجال أعمال وأبناء الطبقة المخملية ممن تزيد أرصدة حساباتهم على سبعة أصفار وثمانية أصفار، وربما حتى تسعة أصفار، على يمين الرقم، وبالتالي فإن المحرك الرئيسي لسباقها المحموم من محافظة إلى أخرى، هو المادة المتعلقة بتخصيص 41 مقعداً من مقاعد أي مجلس نواب مقبل للقوائم الحزبية، إضافة لثمانية مقاعد ضمن القائمة الوطنية العابرة للدوائر الانتخابية التقليدية، وهي القائمة التي يحق للناخبين فيها انتخاب مرشيحهم من النواب دون التقيد بالدوائر الانتخابية. كما يشعل فتيل التسابق بينها، الوعود المتعلقة بالوصول إلى حكومات برلمانية في الأردن، حيث يتداول من يعقدون اجتماعات حزبية في هذه المحافظة أو تلك، حواراً جرى بين رئيس أحد الأحزاب والعاهل الأردني، وتوقع فيه رئيس الحزب الوصول إلى الحكومات البرلمانية بعد 20 عاماً من الآن، فرد عليه الملك عبد الله الثاني: “بل أنا أتوقع الوصول إلى ذلك خلال العشرة الأعوام المقبلة”، وهو ما عدّه الحزبيون في الأردن تحفيزاً لهم، ودعوة لاستنفار هممهم، وانطلاق رحلات استقطابهم للأعضاء، فالقانون الجديد يشترط وجود ألف عضو في كل محافظة لأي حزب جديد كشرط أساسيّ ابتدائي كي توافق الحكومة على تأسيسه.
من جهتهم، يرى كثير من أركان الأحزاب القائمة وقيادات الأحزاب التقليدية مثل جماعة (الإخوان المسلمون) وغيرها، في القانون الجديد تحجيماً لهم، وصناعة أحزاب جديدة “تتواءم مع رؤى السلطة والطبقة السياسية المسيطرة على مقاليد صناعة القرار”.
توقعات تؤكدها بعض الحقائق على الأرض، فها هو واحد من أكثر الأحزاب الجديدة همّة وسعياً للانتشار، يعلن الولاء صراحة، ويؤكد أن برنامجه الحزبي في تفاصيله تكميليٌّ أي يكمل عمل الحكومة ولا يصطدم معها. وفي اجتماع له أمس في مدينة السلط غرب العاصمة عمّان، قال نضال البطاينة المتطلع لأن يصبح رئيس حزب “إرادة” قيد التأسيس، وهو بالمناسبة وزير سابق، إن ثوابت الدولة الأردنية هي ثوابتهم، وخطوط الحكومة الحمراء هي خطوطهم.
الأمين العام للحزب الشيوعي الأردني فرج الطميزي، قال في تقرير نشرته صحيفة “العربي الجديد”: إن “الأحزاب كانت تعوّل على القانون الجديد ليكون خطوة إلى الأمام في طريق الإصلاح السياسي، لكن القانون في جوهره حمل جملة من العراقيل والصعوبات ووضعها أمام الأحزاب في ظلّ ظروف سياسية غير مريحة تتعلق بالتضييق على الحريات”.