نداء بوست- جورجيوس علوش- السويداء
تعتبر مكتبة الموسوعية الواقعة في السويداء إحدى أهم المكتبات في سورية ويعود تأسيسها إلى أكثر من ثمانين عاماً، وعمل على تأسيسها الراحل المهندس جاد الله عز الدين وهو من مواليد 1916- 2013.
وفي نهاية الثلاثينيات وبعد عودة الثوار من وادي السرحان ومنهم والده المجاهد سعيد عز الدين ومع بداية أربعينيات القرن الماضي بدأ يجمع أمهات الكتب والمراجع والموسوعات والمجلات منذ صدورها واستمر في ذلك حتى رحيله.
و اعتاد الراحل في البحث والمطالعة منذ صغره فدرس في الجامعة الأمريكية في بيروت وكان شغوفاً بجمع الكتب من مكتبات منها “الشهداء” في الساحة المعروفة بوسط بيروت والمكتبات المحيطة بها.
وكان أيضاً قلماً يصدر كتاباً جديداً أو كتاباً يسمع عنه إلا ويشتريه ويقرؤه ويقدم ملخصا عنه لزملائه في الجامعة هذا ما ذكره رفاقه عنه.
ودرس أيضاً في جامعة عين شمس في القاهرة وذلك قبل الوحدة بين سورية ومصر بأربع سنوات واستمر فيها ست سنوات فكان ينزل صباح كل يوم إلى ساحة الأزبكية التي كانت تغصّ بالبائعين وأمامهم العديد من الكتب، وأكثرها طبعات قديمة وتباع بسعر زهيد فيشتري أمهات الكتب والمراجع حتى كون مكتبة تحتوي على مجموعة كبيرة من المعارف العلمية والثقافات العربية والعالمية ، تجاوزت الآلاف ، وقد عانى الكثير حتى نقلها إلى منزله في السويداء.
وكان الراحل يسابق الوقت في القراءة، فقبل عودته إلى سورية أقام محاضرة في الجامع الأزهر تحدث فيها عن التاريخ العربي الإسلامي، وقد نالت قبولاً بشكل كبير رغم معرفة الحضور أنه مختص بالهندسة الزراعية.
وحتى يستطيع نقل هذا الكم الهائل من الكتب طلب مساعدة السفير السوري “وديع تلحوق “، و اللبناني “مصطفى الشهابي” آنذاك وبالفعل نقلت المكتبة من القاهرة إلى بيروت ثم إلى دمشق وإلى منزله في السويداء.
عندما وصلت الكتب قام بتجليدها وتدوين اسمه على المجلدات، ثم قام بتبويب كل مجموعة على شكل موسوعات ورتبها في خزن خشبية ومعدنية ضخمة.
المكتبة التي حوت على أكثر من مئة وثلاثين ألف كتاب غير الكتب التي لم يستطع ترتيبها، فوضعها في سبعين صندوق ، ويقول ابن أخيه بأنه أفرغ غرفتين للمكتبة وكذلك غرف الاستقبال والصالون.
ضمت المكتبة أبواباً متنوعة من الأدب في التراث العربي والأجنبي والديانات السماوية والمسائل الفقهية والقانونية وبحوث خاصة في السياسة والاقتصاد والفلسفة والبيئة ، وأبحاث عالمية تنم عما يجري في الواقع المعاصر جعلها في خزن منفردة.
وكذلك لدية أكثر من 10 آلاف مطبوعة ما بين مجلة وصحيفة منذ عام 1927 حتى وفاته.
وأهمها الدوريات (الخدر -الصفا- اليسوعيين – المختار – العربي -المصور – وعالم المعرفة – وعالم الفكر والمعرفة والثقافة).
ويصف دورية أو مجلة الخدر بأنها أول مجلة عربية تصدر 1927 في بيروت وهدفها الحديث عن قضايا الأدب وإبداعات الأدباء ولديه العدد الأول منها.
وقد أمضى أكثر من ستين عاماً وهو يقرأ ويبحث عن جديد في عالم المعرفة، ولا يخفى بأنه قلما نجد كاتباً في السويداء أو باحثاً إلا وزاره واستفاد من مكتبته، فهي تحتوي على أبواب متنوعة ومعاجم وموسوعات وأمهات الكتب والمخطوطات القديمة، لذلك صنفت بأنها ثالث مكتبة شخصية في سورية وأكبرها.