جسور للدراسات" يُقيّم آثار التطبيع العربي مع الأسد على الملف السوري
نشر "مركز جسور للدراسات"، تقريراً تحليلياً ناقش فيه آثار التطبيع العربي مع نظام الأسد على الملف السوري، ومدى حدوث خرق في العملية السياسية بعد إعادة النظام إلى الجامعة العربية.
وبدأ المركز تقريره بالإشارة إلى أن سبب تعليق عضوية النظام في الجامعة العربية نهاية عام 2011 هو رفضه تنفيذ المبادرة العربية للحل في سورية.
وأضاف أن قرار إعادة مقعد سورية له عام 2023 دون وجود مبادرة يمتثل إليها، باستثناء التعامل مع بياني عمّان وجدّة كمخرجات قدّم النظام الاستعداد لتنفيذها.
لماذا لم يرحب النظام السوري بقرار إعادته إلى الجامعة العربية؟
يتوقع المركز أن غياب المبادرة العربية يُشير إلى استمرار الخلافات بين الدول الأعضاء، موضحاً أنّ عدم ترحيب النظام بقرار إعادته إلى الجامعة العربية من المحتمل أن يكون سببه وجود شروط والتزامات على النظام الوفاء بها.
واكتفى النظام بإصدار بيان عبر وزارة الخارجية، عبّر فيه عن الاهتمام بمشاركته في اجتماعات الجامعة العربية مع إغفال الإشارة إلى أي بنود أخرى.
انعكاسات التطبيع العربي مع الأسد على القضية السورية
رأى المركز أن قرار تشكيل لجنة اتصال وزارية عربية لمتابعة تنفيذ بيان عمان، وتقديم تقارير دوريّة لمجلس الجامعة يُوضح أنّ المسار العربي للانخراط في الحل سيبدأ بمعالجة القضايا الأمنية.
ومن بين تلك القضايا خطر الإرهاب وتهريب المخدرات، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وعودة اللاجئين، والتدرج بها خطوة بخطوة للوصول إلى حل سياسي شامل.
وبحسب المركز فإن ذلك يعني أنّ الجامعة العربية ستتعامل بحذر مع النظام؛ بشكل يقيّد أي انفتاح اقتصادي وسياسي كامل عليه إلّا وفق ما يبديه من التزام فعلي بالشروط والخطوات المطلوبة.
ومن المتوقع -وفقاً للمركز- أن يماطل النظام في التنفيذ والامتثال لا سيما مع غياب خطة عمل ومبادرة واضحة.
واعتبر التقرير، أن أقصى تأثير سلبي ممكن على المعارضة السورية جرّاء المساعي العربية للتدخل في الحل هو سحب الاعتراف بالائتلاف الوطني من قبل الجامعة العربية.
ويؤكد المركز أن ذلك لا يُسقط شرعية الائتلاف الدولية؛ باعتبار أنّ الجمعية العامة للأمم المتحدة سبق ورحّبت بإنشائه في قراراتها 67/262 عام 2013 بوصفه الممثل الشرعي للشعب السوري.
كما أن هيئة التفاوض لا تتأثر بالقرار العربي الجديد؛ كونها تستمد شرعيتها من القرار 2254 عام 2015 الذي يستند إلى بيان جنيف وإلى بياني فيينا، وليس إلى قرارات الجامعة العربية، ومثل ذلك اللجنة الدستورية التي تستمد شرعيتها من اعتراف مجلس الأمن بها في بيان رئيسه 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2019.
وأردف: "الآثار الفعلية للقرار العربي تبدو محدودة في المرحلة الحالية، وتحصر تأثيره في المستوى الدبلوماسي والإعلامي، دون انعكاسات فعليّة على الوضع الاقتصادي وتالياً على إعادة الإعمار، وهي المكتسبات الفعلية التي يتطلع النظام إليها".
كما أن العودة المشروطة، سواء أكانت شكلية أم فعلية، تُضعف من تأثير القرار حتى من الناحية الإعلامية بالنسبة للنظام، وهو ما يُبرر غياب ترحيبه بالقرار، وفقاً للمصدر.
التطبيع العربي مع الأسد وإمكانية حدوث خرق في العملية السياسية
يؤكد المركز أن الجهود العربية مرهونة بشكل وطبيعة العلاقات العربية مع كل من إيران وروسيا والولايات المتحدة وتركيا.
وفي هذا السياق، أشار إلى أن أي تحسّن في الاتفاق المبرم بين الرياض وطهران سيكون دافعاً لتحقيق مزيد من التقدّم في الانخراط العربي بالحل في سورية.
كذلك قال: إنّ رفع العقوبات الغربية عن النظام أو منحه أي استثناءات سيكون مرتبطاً بمدى قناعة واشنطن بجدوى الخطوات المتّخذة إزاء تعديل سلوكه.
وشدد المركز على وجود صعوبات بالغة تقف أمام الجهود العربية للحل في سورية، بما يُقيد أي رغبة في التأثير على العملية السياسية، فأي توجّه لإعادة تشكيل المعارضة السورية، وكذلك مواقفها في اللجنة الدستورية، بشكل يتوافق مع سياسات النظام يحتاج لغطاء دولي واسع وهو غير متوفّر حالياً.