نداء بوست – أحمد العكلة
ازدهرت في الآونة الأخيرة عملية الاتجار بالحبوب المخدرة ومادة الحشيش بين مقاتلي "قوات سوريا الديمقراطية" وخاصة في مناطق منبج وشرق الفرات، وتطورت وأصبحت تتم بين المقاتلين والمدنيين.
"قوات سوريا الديمقراطية" يشار إليها باختصار "قسد"، تأسست في آواخر عام 2015 من تحالف فصائل متعددة الأعراق والأديان، لكن وحدات الحماية الكردية (ypg) هي أكبرها وصاحبة القرار فيها، مع وجود تشكيلات عربية وآشورية/ سريانية،وكذلك بعض الجماعات التركمانية والأرمنية والشركسية.
وبحسب استقصاء أجراه موقع "نداء بوست" فإن المصدر الأساسي للحصول على هذه المواد في الغالب هو إثر بلدتي "نبل "و"الزهراء" بريف حلب، الخاضعة لسيطرة ميليشيات مدعومة إيرانياً وهي عبارة عن عناصر سورية تتبع لـ "حزب الله"، وتقوم تلك الميليشيات بتمريرها إلى مناطق شمال حلب.
وأفادت مصادر خاصة لـ "نداء بوست" بأن تهريب الحبوب وبيعها لا يقتصر على مناطق "قسد" بل تم تهريب كميات من الحبوب المخدرة باتجاه مناطق الشمال السوري، وبالأخص إلى مدينة عفرين ويصل بعدها إلى منطقة إدلب، حيث تلاقي هذه الحبوب المخدرة رواجاً لها بين الشبان نتيجة لظروف الحرب.
وتأتي حبوب "كبتاغون" في رأس قائمة الحبوب المخدرة التي تتدفق من منبج وتتحول إلى شمال حلب وإدلب، ويتم بيع الحبة الواحدة بمبلغ نصف دولار أمريكي، أو أكثر من ذلك بحسب توفرها أو ندرتها.
محمد عمر (اسم مستعار) لأحد عناصر "قسد" الذين عملوا في ترويج المخدرات قال لـ "نداء بوست": " عملية التهريب تتم في الغالب بمعرفة قيادات في "قوات سوريا الديمقراطية" الذي يقومون بملاحقة أي تجار أو مهربين يدخلون الحبوب المخدرة إلى مناطقهم دون التنسيق معهم، ويصادرون المواد منهم وينظمون محاضر بإتلاف نسبة منها ويتم بيع الباقي في السوق، أو تهريبها إلى شمال حلب الخاضعة لسيطرة "الجيش الوطني السوري".
وبحسب المعلومات التي تم الحصول عليها، فإن كمية من الحبوب يتم تهريبها إلى تركيا عن طريق تجار، لأن أسعار الحبوب في تركيا أعلى بكثير من مناطق قسد ويشرف عليها بشكل رئيسي استخبارات قسد.
وأضاف محمد عمر: " بالنسبة لعمليّات انتشار الحبوب بين العناصر بدأت عن طريق قادة الأفواج حيث يتم توزيع كميات من حبوب "كبتاغون" والحشيش لقائد الفوج ليوفرها للعناصر، لأنها تحقق نتائج إيجابية في المعارك من القوة والشجاعة وعدم التفكير حيث سبب الأمر ادماناً للعناصر".
مصدر عسكري في الجناح العربي في قسد قال: لـ "نداء بوست": "عمليات التهريب تتم عبر فرع الاستخبارات بالتنسيق مع التجار المتعاملين معهم، فالعناصر مهمتهم الرئيسية ترويج الحبوب للمدنيين، حيث إن كل عنصر مدمن على الحبوب يستطيع نشره بين أصدقاءه والمجتمع المحيط وتأمين الحبوب لهم بعد إدمانهم"، وبهذا الشكل يأمن العنصر مصدر دخل يساعده على الاستمرار بالتعاطي.
وحول حكم الذين يتم القبض عليهم بتهمة التعاطي للمخدرات أو الاتجار بها قال "المصدر": "نسبة الشباب المتعاطي للمواد المخدرة في منبج وعين عيسى وغيرها مرتفعة، ويحكم على المتعاطي للحبوب إذا تم القبض عليه من شهر إلى ثلاثة أشهر لكن بأغلب الأوقات يخرج خلال شهر، فيما يتراوح حكم التاجر بين ثلاثة أشهر للسنة، وغالبا يخرج خلال ستة أشهر سواء كان مدني أو عسكري".
الفاروق أبو بكر وهو قيادي لواء المعتصم التابع للجيش الوطني قال لـ "نداء بوست": "بالنسبة لتجارة المخدرات مصدرها الرئيسي هو حزب الله اللبناني وحزب pkk – في إشارة إلى قوات قسد – حيث إن حزب الله يرسلها من لبنان عبر مناطق سيطرة النظام السوري، وثم يصدرون هذه المادة لمناطق ريف حلب الشمالي".
ويضيف "انتشار المادة موجود بشكل مخيف في المنطقة، ولكن هناك عدة أمور تحد من توسع تهريبها، حيث إن هناك جهود كبيرة من قبل المؤسسات المدنية في المنطقة بالإضافة إلى فيالق الجيش الوطني، ولا يخلو الأمر من بعض المنتفعين في الجيش الوطني الذي يسعون لتحقيق نواياهم الخبيثة ومصالح شخصية عبر تمرير المواد المخدرة أحياناً".
وأشار أبو بكر " في الفترة الماضية ضبط الفيلق الثالث 900 ألف حبة من "كبتاغون"، كما أن مؤسسات الشرطة العسكرية ضبطت الكثير من الحبوب والتجار".
ويوضح القيادي في الجيش الوطني أن الحل الوحيد لمواجهة تهريب المخدرات هو العقوبات الرادعة بحق التجار والمهربين لهذه المواد، مشيراً إلى أهمية إنشاء مراكز للعلاج من الإدمان يمكن إخضاع المتعاطين لبرامج تأهيلية فيها.
وفي شهري تشرين الأول / أكتوبر، وتشرين الثاني/ نوفمبر 202، صادرت عدة دول شحنات حبوب مخدرة قادمة عبر سفن شحن من مناطق سيطرة النظام السوري، وباتت تفرض قيوداً على شحنات البضائع الواردة من سوريا وتلزم السفن أو الشاحنات بتفتيش دقيق لحمولتها، وخاصة مصر والأردن واليونان.