المصدر: ميديا لاين
بقلم: أندريا لوبيز توموس
ترجمة: عبد الحميد فحام
من المعروف منذ سنوات أن حزب الله يستخدم صناعة تهريب المخدرات كأحد أكبر مصادر دخله، فبأوامر من إيران، كان للميليشيات اللبنانية دور رئيسي في هذه التجارة غير المشروعة، حيث أنشأت شبكة للتهريب وغسيل الأموال تمتد من إفريقيا إلى الأمريكيتين. في البداية كان الحشيش، لكن الميليشيا المدعومة من إيران تتوسع الآن في إنتاج مخدرات أقوى وأكثر إدماناً.
وبحسب تيم الحاج هزاع، الصحافي الاستقصائي السوري الذي كتب العديد من التقارير الاستقصائية والملفات السياسية حول هذه القضية، “يمكننا القول: إن تجارة الحشيش والكبتاغون من أهم مصادر تمويل حزب الله بتوجيه من إيران”. التي أصبحت أكثر بروزاً في السنوات الأخيرة. ومع استمرار الصراع في سورية، أصبحت البلاد دولة مخدرات.
وقال الحاج هزاع لموقع ميديا لاين: “يتم تحضير آلاف الحبوب المخدرة في مختبرات صغيرة بالقرب من الموانئ البحرية السورية، من أجل تصديرها إلى دول أخرى في العالم”. وأضاف أن “هذه العمليات ينفذها كبار العسكريين والممولين وقادة الميليشيات المتحالفة مع بشار الأسد”.
ما ينتجونه هو الكبتاغون، وهو الاسم التجاري لمركب دواء فينيثيلين هيدروكلوريد الذي أُنتج لأول مرة في ألمانيا الغربية في الستينيات فقد تم إنتاجه كعلاج لاضطراب نقص الانتباه، الخدار والاكتئاب. ونظراً لخصائصه المسببة للإدمان، تم حظره بعد عقدين من الزمن، لكن ذلك كان بمثابة ثروة بالنسبة للشرق الأوسط، حيث بدأت شبكة إقليمية في إنتاج وتهريب ملايين الحبوب من هذه المادة وقد أصبح الكبتاغون أحدث عقار ينتجه حزب الله بتخصص.
وقد قالت كارولين روز، مؤلفة كتاب “تهديد الكبتاغون: لمحة عن التجارة غير المشروعة والاستهلاك والحقائق الإقليمية”: “تجارة الكبتاغون في سورية لها جذور واسعة في لبنان، حيث إن الفرقة الرابعة للنظام السوري (بقيادة شقيق بشار الأسد الأصغر، ماهر) ورجال الأعمال المتحالفين مع النظام قد أقاموا تحالفات عميقة مع حزب الله، مستخدمين لبنان كممر عبور رئيسي وموقع إنتاج.
وقالت روز لصحيفة ميديا لاين: “استخدم مهربو الكبتاغون الموانئ اللبنانية، واستغلّوا أنظمة الحكم الفاسدة، وأنشؤوا مختبرات كبتاغون متنقلة صغيرة الحجم على طول سلسلة جبال القلمون التي يمكن أن تنتقل بسهولة عَبْر الحدود اللبنانية السورية”.
ومن أجل القيام بذلك، قام حزب الله بشراء أراضٍ وعقارات على الحدود الشرقية مع سورية، حيث توجد معظم مصانع الكبتاغون وتم إعلان بعض المناطق في هذه المنطقة اللبنانية مناطق عسكرية مغلقة لا تسمح بدخول السلطات اللبنانية الرسمية ولا أي شخص لا ينتمي إلى حزب الله. إن الميليشيات اللبنانية بحاجة ماسّة إلى الأموال التي تأتي من هذه التجارة منذ تضرُّر ممولها الرئيسي، إيران، بشدة من العقوبات الاقتصادية الغربية.
لقد أدى تجفيف الموارد المالية للجماعة الشيعية المسلحة إلى زيادة حاجتها إلى الحصول على العملات الأجنبية؛ لذلك، وكعلامة تدل على اليأس، لجأ حزب الله إلى الكبتاغون. وعلى الرغم من تورطه بالفعل في تجارة المخدرات العابرة لحدود الدولة قبل اندلاع الحرب السورية، فقد منح الصراع حزب الله الفرصة لتعزيز موقعه، حيث أصبحت الحدود أكثر سهولة بالنسبة للحزب كما أن ميناء اللاذقية السوري لا يزال من السهل الوصول إليه. يجب ألا ننسى أن الحكومة السورية أيضاً في حاجة ماسّة إلى دَخْل. فلقد وجد الأسد حلّاً في الكبتاغون.
وبحسب الحاج هزاع فإن “تجارة الكبتاغون تدرّ ملايين الدولارات على النظام السوري وحلفائه، في وقت يعيش 90٪ من سكان سورية تحت خط الفقر، بحسب الأمم المتحدة”.
لا توجد أرقام رسمية، لكن تجارة الكبتاغون تُقدَّر بما لا يقل عن 10 مليارات دولار، والدولة السورية مسؤولة عن 80٪ من الإمدادات العالمية، مما يعني أن التجارة تساوي على الأقل ثلاثة أضعاف الميزانية الوطنية الكاملة للبلاد.
يتم شحن الحبوب إلى الخليج، وبشكل رئيسي إلى المملكة العربية السعودية حيث أسعار الكحول باهظة هناك، إذ إن تكلفة الويسكي المهرّب تبلغ حوالي 800 دولار، ما جعل شراء الكبتاغون شائعاً للغاية. فبينما تبلغ تكلفة العقار في سورية حوالَيْ نصف دولار، إلا أنها تُباع في الخليج بأسعار تتراوح بين 10 و 15 دولاراً. وقد تم ضبط ما لا يقل عن 400 مليون حبة في الشرق الأوسط وخارجه خلال العام الماضي.
وبحسب روز فإن: “سورية هي أكبر مركز للتجارة، فبينما يلعب حزب الله اللبناني دوراً في التجارة ويسمح ضعف سيادة القانون بمستويات معينة من تهريب الكبتاغون، فإن الدولة اللبنانية بشكل عامّ منغمسة تماماً في هذه التجارة”. لكن الباحثة لا تعتقد أن “توسيع تجارة الكبتاغون سيؤثر بشكل جدّي على تدفُّق المساعدات إلى لبنان”.
تحاول كل من دول الخليج ولبنان في الوقت الحالي وقف النمو المستمر لصناعة الكبتاغون وأوضحت روز: “فيما يتعلق بإستراتيجية مكافحة الكبتاغون، أنه قامت الحكومة اللبنانية بتنفيذ سلسلة من عمليات الحظر في الموانئ والمطارات، ولكن مع ذلك، لم تكن هذه الجهود ناجحة كثيراً؛ لأن المادة المخدرة -نظراً لسهولة إنتاجها- يستمر وصولها إلى أماكن جديدة وقديمة على حدّ سواء.
كما أضافت الكاتبة روز أن “الولايات المتحدة أصدرت قانون تفويض الدفاع الوطني الذي تضمن بنداً لإنشاء إستراتيجية مشتركة بين الوكالات لمراقبة وتعطيل أرباح نظام الأسد من تجارة الكبتاغون”.
لكن عدم وجود سياسة دولية واضحة لمواجهة إنتاج وتجارة هذه المادة الدوائية التي لها أثر مخدر يؤثر بالفعل على سكان سورية.
وخلص الحاج هزاع إلى أن “الأسد وحلفاءه ساهموا في إبادة جيل كامل من الشباب الذين أصبحوا مدمنين على هذا السمّ والمتاجرين به”.