”نداء بوست“ – أخبار سورية – واشنطن:
وجَّه عدد من أعضاء هيئة التفاوض السورية نداءً وصلت إلى “نداء بوست“ نسخة عنه، إلى اجتماع أصدقاء الشعب السوري الذي يعقد أعماله اليوم الخميس في العاصمة الأمريكية واشنطن، مُطالِبين الولايات المتحدة وحلفاءها بوضع حدّ لما تحاول روسيا فرضه على السوريين عَبْر تدخُّلها في العملية التفاوضية وحَرْفها عن مسارها، ومن خلال المسارات الجانبية التي تم خلقها لإفراغ القرار الدولي 2245 من مضمونه، مستخدمة المبعوث الدولي غير بيدرسون الذي يبدو أنه ما يزال متمسكاً بخطته التي سماها ”خُطوة مقابل خُطوة“، رغم الرفض الشعبي السوري لها والرفض الرسمي الذي سلّمته إياه هيئة المفاوضات خلال الفترة الأخيرة.
بيدرسون وجّه لها الدعوة للمشاركة في جولة جديدة من أعمال اللجنة الدستورية في جنيف، مستنداً إلى ما سبق أن وصفه بتفاهُم أمريكي روسي مزعوم حولها وحول خطته ”خُطوة مقابل خُطوة“، بينما يشير نداءُ أعضاءِ الهيئة الأخير إلى أنهم يطالبون اجتماع أصدقاء الشعب السوري في واشنطن بإيقاف المبعوث الدولي عند التزامه بتنفيذ ولايته، و“عدم الخروج عن التطبيق الحَرْفيّ للقرار الدولي 2254؛ والأهم التقيد بتفعيل اللجان حسب تسلسُلها والبَدْء بلجنة هيئة الحكم؛ فبدون التخلي عن منهجية “الخُطوة بخُطوة“، وتفعيل لجنة هيئة الحكم أولاً نرفض دعوة المبعوث؛ لأنها لن تكون إلا مُراكَمة للفشل وخيبات الأمل، وشرعنةً للإجرام والاحتلال”.
ويقول العميد إبراهيم الجباوي، وهو أحد الموقِّعين على النداء، في تصريحات خاصة بـ ”نداء بوست“: إن “صبرنا نفد، لأنه يبدو أن البعض في هيئة التفاوض ليس متجاوباً إلى الحد الذي نطمح له، لقد كان لزاماً علينا أن نوجّه كتاباً باسم هيئة التفاوض إلى اجتماع أصدقاء الشعب السوري الذي يُعقد اليوم في واشنطن، ولكن هذا لم يحصل؛ لأن الهيئة لا تبدو قادرة على ذلك”.
ويضيف الجباوي الذي استقال مؤخراً من اللجنة الدستورية: ”كنا قد طلبنا من بيدرسون تزويدنا بكتاب خطي يردّ فيه على رفض الهيئة لمنهجية (خُطوة بخُطوة)، لكنه ضرب بطلبنا عرض الحائط، بعدها حاولنا جعل هيئة التفاوض تُثني اللجنة الدستورية عن الذهاب إلى الجولة الجديدة التي وجه بيدرسون الدعوة إليها، لكننا لم ننجح بذلك بل سمعنا محاضرات من السيد هادي البحرة في الوطنية والثورية بدلاً من اتخاذ موقف حاسم“. ويضيف الجباوي: ”لذلك فقد تصدينا نحن الخمسة في الهيئة للتعبير عن هذا الموقف، حتى لو اعتبرَنا البعضُ صقوراً منحازين للثورة السورية داخل هيئة التفاوض، ولمنتقدي الهيئة، أقول: إننا أساساً حين دخلنا إليها كان دخولنا لمحاولة ردع أي انحراف قد يحصل، لكن للأسف يبدو أن الإملاءات الدولية أقوى من آرائنا الشخصية كمعارضة أو كثوريين، وسيلحق هذا النداءَ بيانٌ للرأي العامّ السوري حول موقفنا”.
موقف الموقِّعين على النداء يعكس انقساماً واضحاً داخل هيئة التفاوض حول المشاركة في جولة جديدة من جولات اللجنة الدستورية المزمع عَقْدها في النصف الثاني من آذار/ مارس الجاري، المصادف لذكرى اندلاع الثورة السورية، ففي الوقت الذي يتمسك فيه فريق في الهيئة بما يوجه به المبعوث الدولي، يطالب فريق آخر بإيقاف المسار كله، وفقاً لنص النداء الذي يقول موقِّعوه إنهم ينتظرون من المجتمع الدولي ”دعم خلاصنا من الاحتلال الروسي واستبداد المنظومة الأسدية بكل الوسائل الممكنة، وبينها تشكيلنا لمقاومة شعبية تُزيح الاستبداد والاحتلال وتعيد الحرية والاستقلال والسيادة لسورية وشعبها؛ ونطالب مَن لم يُنصف القضية السورية في الحرية والخلاص من الاستبداد، وبعد الوقوف على حقائق الغزو الروسي لأوكرانيا، أن يعود وينصف قضية السوريين في خلاصهم من الاحتلال الروسي والاستبداد الأسدي الذي يحميه”.
وكان ”نداء بوست“ قد انفرد قبل أسابيع بنشر مطالبة هيئة التفاوض لبيدرسون بتسليمها رداً خطياً على موقفها الرافض لمنهجية ”خطوة بخطوة“، الأمر الذي لم يستجب له المبعوث الدولي في مخالفة لأبسط قواعد التعامل الدبلوماسي والتي تظهر الكيفية التي يدير بها بيدرسون عمله وتكشف نظرته إلى ممثلي المعارضة السورية من مؤسسات وهيئات.
وهنا نص النداء:
نداء إلى أصدقاء الشعب السوري المجتمعين في واشنطن اليوم
نبارك اجتماعكم ونقدر عنايتكم بقضية شعب عانى ولا يزال على يد نظام مستبد قاتل لشعبه، وميليشيات إيرانية عابرة للحدود، ومنظومة روسية دكتاتورية جرّبت أكثر من 300 صنف من أسلحتها على أرواح السوريين، ودمرت مشافيهم ومدارسهم وأسواقهم وساهمت بتشريدهم.
ونفيدكم بأن روسيا بوتين سعت إلى حماية منظومة الاستبداد الأسدية بأخذ مجلس الأمن رهينة واستخدمت الفيتو أكثر من 15 مرة لتعطيل أي إنصاف للشعب السوري في محاسبة نظام مجرم استخدم السلاح الكيماوي في بث الرعب ونشر القتل في سورية؛ كما أنها عملت على إفراغ القرار الدولي من مضمونه، وخاصة عندما حوّلت بنداً أساسياً وهو “وقف إطلاق النار” إلى مناطق “خفض تصعيد”، عادت واحتلتها وشرّدت أهلها؛ كما استمرت بالشراكة مع النظام في تشويه القرار الدولي 2254 بتحويله إلى سلال، ثم اختصاره بلجنة دستورية عقدت للآن 6 جولات أفشلها نظام الأسد بترتيب مع روسيا.
واتضح اللعب الروسي وعرقلة النظام بتصريحات مسؤولي البلدين بأن لا دستور جديد ولا مساس بصلاحيات الرئيس يمكن أن تحدث؛ إضافة إلى استخدام العملية السياسية كأداة لإعادة تأهيل نظام الأسد، وتفتيت الحق السوري، ونسيان المعتقلين، وإغفال آلاف الجرائم التي ارتكبها النظام ومَن يحميه بحق الشعب السوري. ثم ليأتي المبعوث الدولي ويطرح منهجية “الخطوة بخطوة”، والتي ستنهي حق الشعب السوري تماماً وتحرف القرار الدولي 2254 عن جوهره بإعادة تأهيل النظام، وإسقاط محاسبته. لقد تم رفض مبدأ الخطوة بخطوة من قبل الشعب السوري شعبياً ورسمياً، ولكن السيد “بيدرسون” لم يلتفت، أو يرد على مخاطبته رسمياً، بل دعا إلى جولة جديدة لاجتماعات اللجنة الدستورية، تحت منهجية “الخطوة بخطوة”.
أعضاء الهيئة الموقعون أدناه يطلبون من حضراتكم إعادة تفعيل دور مجموعة أصدقاء سورية، والعمل على وضع حد للتغوّل الروسي في القضية السورية، وتحكّمها بمصير السوريين عبر الإملاءات التي تمارسها في جعل العملية السياسية أداة لإعادة فرض نظام الأسد الإجرامي على السوريين، والاستمرار بالتحكم بمقدّرات سورية. كما يهيبون بكم ضمان المساعدات الإنسانية لشعبنا، ودعم خلاصنا من الاحتلال الروسي واستبداد منظومة الاستبداد الأسدية بكل الوسائل الممكنة، وبينها تشكيلنا لمقاومة شعبية تُزيح الاستبداد والاحتلال وتعيد الحرية والاستقلال والسيادة لسورية وشعبها؛ ونطالب مَن لم يُنصف القضية السورية في الحرية والخلاص من الاستبداد -وبعد الوقوف على حقائق الغزو الروسي لأوكرانيا- أن يعود ويُنصف قضية السوريين في خلاصهم من الاحتلال الروسي والاستبداد الأسدي الذي يحميه.
ونهيب بكم الطلب من المبعوث الدولي الالتزام بتنفيذ ولايته، وعدم الخروج عن التطبيق الحرفي للقرار الدولي 2254؛ والأهم التقيد بتفعيل اللجان حسب تسلسلها والبدء بلجنة هيئة الحكم؛ فبدون التخلي عن منهجية “الخطوة بخطوة“، وتفعيل لجنة هيئة الحكم أولاً ، نرفض دعوة المبعوث، لأنها لن تكون إلا مراكمة للفشل وخيبات الأمل، وشرعنة للإجرام والاحتلال.
لقد انتظر الشعب السوري أكثر من عشر سنوات من الظلم والقتل والتهجير، بانتظار إنصافه من المجتمع الدولي؛ ويأمل أن لا ينتظر أكثر، وهو دائماً جاهز لأن يقوم بما يتوجب عليه في كافة المجالات وخاصة العسكرية منها والسياسية.
تقبلوا فائق التقدير
المُوقِّعون:
العميد عوض علي – رئيس فرع الأمن الجنائي في دمشق المنشق – عضو هيئة التفاوض
العميد عبدالله الحريري – ضابط أمن منشق – عضو هيئة التفاوض
العميد إبراهيم الجباوي – ضابط أمن داخلي منشق – عضو هيئة التفاوض
العقيد عبد الجبار العكيدي – ضابط منشق – قائد جبهة الشمال عضو هيئة التفاوض
د يحيى العريضي – أكاديمي وسياسي – عميد كلية الإعلام السابق – عضو هيئة التفاوض