نداء بوست- محمد جميل خضر- عمّان
يربط كثير من أبناء المجتمع الأردني بين المخدرات، وازدياد ظاهرة تداوُلها وتناوُلها بين الشباب الأردني، وبين كثير من حوادث السير وجرائم القتل والانتحار.
وفي حين شكّلت خاصرة الأردن الشمالية الشرقية، منطقة هشّة يصل عَبْرها الجزء الأكبر من المخدرات إلى الأردن، وفي حين عملت القوات المسلحة الأردنية/ الجيش العربي، على مواجهة هذه الثغرة، وإحكام مراقبتها، وإفشال عشرات عمليات التهريب عَبْرها، فإن ثغرات أخرى، شكّلت، على ما يبدو، بديلاً لهذا المعبر التهريبي المعقّد والشائك، بسبب تداخُل القوى والجهات التي تصر على التهريب عَبْره. في هذا السياق تحاول قوى التهريب نفسها، أو جهات متعاونة معها، استخدام المعبر الشرقي فقط، وليس الشرقي الشمالي، أي الذي يربط بين الأردن والعراق، بعد تعطُّل الحد الذي يربط الأردن بسورية تعطيلاً شبه كامل، دون أن يعلن المهربون والمخربون للنشء والشباب يأسهم، أو توقُّف محاولاتهم، فالأردن، في هذا الإطار، ليس بلد مقر فقط لهذه الآفات، بل هو بلد ممر منه إلى دول الخليج العربي جنوباً، وعليه، فإن إغلاقه بوجه التهريب والمهربين يُعَدّ (خراب بيت) لهم، وقد دفع عشرات منهم أرواحهم وهم يحاولون، على أن يقولوا لأنفسهم: كفى.
ثم إن (كفى) هذه، تحتاج، في حالات بعينها، وعند الحديث عن تهريب الحشيش والكبتاجون والكريستال والمارغوانا وغيرها من الموادّ المخدرة والقاتلة، إلى قرار سياسي، فكثير من المطّلعين يؤكدون تورُّط النظام السوري، أو جهات فيه، وحزب الله اللبناني، وحركة أمل اللبنانية، بهذه المصيبة التي لا تترك للأمن الأردني فرصة التقاط الأنفاس.
في هذا السياق المتعلِّق بمواصلة ضرب الأردن بيد من حديد على المهربين وعمليات تهريبهم، قال الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العامّ: إن الفِرَق العملياتية المشكَّلة في إدارة مكافحة المخدرات تعاملت مع عدد من القضايا خلال الأيام الماضية.
وأكد الناطق الإعلامي في بيان وصل إلى “نداء بوست” نسخة عنه أن أبرز تلك القضايا النوعية التي تمكنت إحدى الفرق قبل أيام من التعامُل معها، كانت متابعة معلومات حول قيام مجموعة من الأشخاص بتجهيز كمية كبيرة من الحبوب المخدرة تمهيداً لتهريبها خارج الأردن.
وجرى تحديد كيفية التهريب ومكانه، عَبْر إخفاء الموادّ المخدرة في شاحنتين محمّلتين بمادة الكربون، وتم تحديد توقيتات تحرُّكات مركبتَي الشحن، وجرى ضبطهما ومَن بداخلهما، حيث جرى تفتيشهما وعثر بداخلهما على مليون حبة كبتاجون مخدرة أخفيت بداخل جوالات من مادة الكربون.
وأكد الناطق الإعلامي أنه تم ضبط أربعة متورطين بالقضية من خلال مداهمات تمّت لهم، فيما العمل جارٍ لضبط باقي المتورطين بالقضية، حيث جرت مداهمة مزرعة أحد المشتبه بتورُّطهم في القضية في محافظة الكرك، ولم يعثر عليه داخلها، وما يزال البحث جارياً عنه وعن آخرين.
وشدد الناطق الإعلامي أن إدارة مكافحة المخدرات ومن خلال مرحلة عملياتية جديدة تواصل التحقيق وعمليات المداهمة والقبض على تجار ومروِّجي الموادّ المخدرة، وتمكنت في الأيام القليلة الماضية من التعامُل مع عدد من تلك القضايا النوعية التي ما تزال قيد التحقيق وسيُعلن عنها تباعاً ووَفْق مجريات التحقيق.
وقبل يوميْنِ تمكّن أفراد قسم سير محافظة إربد، من ضبط شخصين في مركبة بداخلها سلاح ناري وأعيرة نارية، بالإضافة إلى كمية من المخدرات.
حيث، وبحسب مراسل قناة “رؤيا”، أوقف رجال السير في محافظة إربد، مركبة مثيرة للشبهة قرب دوار “حياة إربد”، ولا تحمل لوحة أمامية، وعند التدقيق مع راكبي المركبة وتفتيش محتوياتها، تم العثور على سلاح ناري وذخيرة ومخدرات، بالإضافة إلى دفتر مدوّن عليه تفاصيل بيع موادّ مخدِّرة لأشخاص.
اللافت أن الأردنيين بدؤوا يربطون بين انتشار المخدرات باختلاف أنواعها، وبين بعض الجرائم والحوادث المروّعة التي ازدادت وتيرتها في الآونة الأخيرة، فمثلاً -وبحسب مصدر أمني- عثرت الأجهزة الأمنية، صباح الخميس الماضي 11 آب/ أغسطس 2022، على جثة لشاب “معلقاً” على أحد المظلات داخل حرم مجمع رياضي، وفي سياق التعليقات التي تصدرت مواقع التواصل على هذا الحادث، ربط كثير من المعلقين بين انتشار آفة المخدرات بين الشباب وبين هذه الحادثة: متنافسون معه قتلوه، انتحر لتراكم ديون تعاطيه المواد المخدرة، وصوله أقصى مراحل اليأس، قيامه بالانتحار تحت تأثير الموادّ المخدرة في جسمه، وما إلى ذلك، من تفسيرات للحادثة تربط جميعها بين تلك الآفة القاتلة وبين ما جرى لذلك الشاب الذي كان يعمل حارساً في ذلك المجمّع، والبالغ من العمر (26 عاماً).
الربط نفسه جرى مع قصة الشاب الثلاثيني الذي عثرت الأجهزة الأمنية على جثته (أول من أمس أيضاً) وقد تعرضت لعدة طعنات في منطقة الجويدة جنوب عمان.
ومع سقوط مركبة في قناة الملك عبد الله غربي قرية البصيلة/ الأغوار الشمالية (120 كيلومتراً شمال غرب العاصمة الأردنية عمّان)، دون وقوع إصابات، فالناس يفترضون أن سائق الشاحنة الذي نجا بأعجوبة، لو كان بكامل وعيه لما انحرف بهذا الشكل عن جادة الطريق، وسقط بكل بساطة في القناة المائية كما لو أنه يقود عربة لعب، وليس شاحنة ضخمة تقتضي قيادتها مسؤولياتٍ جساماً.
التعليلات نفسها التي ترجع كل هذه الظواهر والجرائم لموضوع المخدرات، كانت حاضرة، أيضاً، عند سماع الأردنيين، عن حادث السير المروّع الذي وقع على طريق البحر الميت ونتج عنه سبع إصابات، يبدو أن بعض هذه الإصابات بلغت درجة الخطورة.
حتى الفتاة العشرينية التي سقطت عن مقطع صخري في منطقة البحر الميت، وأنقذتها الأجهزة المعنية وفريق البحث والإنقاذ الأردني، التابع لمركز شهداء البحر الميت، باستخدام الحبال والمعدات المتخصصة، ونقلتها سيراً على الأقدام لمسافة أربعة كيلومترات بسبب وعورة التضاريس، حتى هذه، لم يغيّب بعض المتابعين والمعلقين فرضية التعاطي، كواحدة من فرضيات أسباب سقوطها.
أما سائق الشاحنة الذي سار عكس السير في البادية الوسطى، وتمكنت الأجهزة الأمنية من إلقاء القبض عليه، فهذا كاد الجميع يجزم أنه تحت تأثير المخدر الذي يخرّب الرؤوس، ويزيّن الانحراف ليس عن مسار طريق فقط، ولكن الانحراف بمختلف تموضعاته ونتائجه وكوارثه.