وَحْدَة المصير تربط بين أحياء حمص الثورية بعد تسعة أعوام من سيطرة الأسد على المدينة

وَحْدَة المصير تربط بين أحياء حمص الثورية بعد تسعة أعوام من سيطرة الأسد على المدينة

نداء بوست- سليمان سباعي- حمص

خمسة أعوام مضت على الإعلان الرسمي من قِبل مجلس مدينة حمص حول البدء بالعمل على تأهيل المرافق العامة داخل حي جورة الشياح وسط المدينة استعداداً لعودة قاطنيه الذين تم تهجيرهم قسراً من قِبل قوات الأسد إبان فترة المعارك التي شهدتها أحياء حمص ما بين عامَيْ 2011 و 2014 الماضييْنِ.

على الرغم من تناثر بعض ملامح عودة الحياة لداخل حي جورة الشياح، إلا أن المشهد الأبرز يمثله دمار الأبنية وركام المنازل الذي ما يزال يغطي الجزء الأكبر من الحي، على الرغم من المناشدات الكبيرة التي يطلقها مَن سُمح له بالعودة إلى منزله من قِبل أفرع المخابرات بين الحين والآخر لمؤسسات نظام بالأسد بضرورة العمل على توفير أدنى مقومات الحياة المتمثلة بإصلاح شبكات مياه الشرب والصرف الصحي، بالإضافة للكهرباء الطرقية والمنزلية على حدّ سواء.

كارثة حقيقية

مراسل ‘‘نداء بوست’’ في حمص قال: إن حي جورة الشياح المقابل لمسجد الصحابي خالد بن الوليد يعاني من كارثة حقيقة تتمثل بدايةً بغياب إجراءات السلامة الضرورية واللازمة للحفاظ على أرواح الأهالي بسبب وجود عشرات المباني السنية الآيلة للسقوط بداخله، بالإضافة لغياب مقومات الحياة الضرورية والخدمات الفنية، فضلاً عن التخوف من انتشار الأمراض والأوبئة نظراً لانتشار القمامة في الشوارع التي غابت عنها سيارات وعمال النظافة بشكل لافت خلال الفترة الراهنة.

ورصد مراسلنا حجم الدمار الكبير الذي خلّفته آلة الحرب التابعة لنظام الأسد داخل شوارع وأَزِقّة حي ‘‘جورة الشياح’’ وسط عدم وجود قدرة مالية لبعض الأهالي على ترميمها على نفقتهم الخاصة ممن تمكنوا من الحصول على موافقة أمنية (طلب عودة) من قِبل أفرع المخابرات التي تُجبر الراغبين بالعودة إلى منازلهم على تقديم طلب لإجراء دراسة أمنية بحقهم.

مدينة أشباح

"حسن.ع" أحد سكان حي جورة الشياح قال خلال حديثه لـ "نداء بوست": إن الحي الذي كان يغصّ بالحياة اليومية بات أشبه ما يكون بمدينة أشباح، لا سيما خلال ساعات الليل التي تتلاشى فيها حركة المدنيين شيئاً فشيئاً مع حلول الظلام تخوُّفاً من الاعتقالات التي تقع على أيدي الدوريات المشتركة من جهة، أو من عمليات السلب والسطو المسلح التي باتت تنتشر بشكل لافت ضِمن المدينة.

وأضاف أن الحي شكَّل حلقة وصل بين مركز المدينة الذي يحدّه من الجهة الجنوبية ومركز سوق الهال والمنطقة الصناعية شمالاً، ما دفع أبناء المدن والريف على حدّ سواء لاتخاذه كموقع تجاري نظراً لكثافة الحركة المرورية للمدنيين الذين يقصدونه بشكل يومي (قبل اندلاع الثورة).

إلا أن واقع الحال اليوم لا يمتّ بصلة لما كان عليه الحي آنفاً وسط تقاعُس مجلس مدينة حمص المهندس عبدالله البواب عن إدخاله ضِمن مُوازَنة المشاريع الخدمية التي تم توجيه معظمها لسكان الأحياء التي ساندت قوات الأسد في حربه على السوريين.

تجدر الإشارة إلى أن معظم الأحياء التي شاركت بالحراك الثوري ضدّ نظام الأسد الحاكم كأحياء الخالدية والقرابيص والقصور ودير بعلبة وغيرها تعاني من ظروف مأساوية مشابهة إلى حد بعيد ما يعانيه حي جورة الشياح، الأمر الذي وحَّد مصير سكان هذه الأحياء مع مصير سكان هذا الحي الذين هُجروا قسراً على يد قوات الأسد وحلفائه من روسيا وإيران وميليشيا حزب الله اللبناني بالإضافة لميليشيات الدفاع الوطني والقوات الرديفة.

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد