مَن هو الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان؟ وهل ستتغير سياسة البلاد في عهده؟
يحمل الرئيس الإيراني الجديد الإصلاحي مسعود بزشكيان آمال ملايين الإيرانيين الذين يسعون لتخفيف القيود على الحريات الاجتماعية واتباع سياسة خارجية أكثر براغماتية.
وقال محللون: إن بزشكيان الذي هزم المرشح المتشدد سعيد جليلي في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم أمس الجمعة هو شخص من المرجَّح أن ترحب به القُوى العالمية على أمل أن يسعى إلى سُبل سلمية للخروج من المواجهة المتوترة مع إيران بشأن برنامجها النووي الذي يتقدم بسرعة.
لقد نجح بزشكيان في الفوز بدائرة انتخابية كان من المعتقَد أن أغلبها من الطبقة المتوسطة الحضرية والشباب، والتي كانت تشعر بخيبة أمل كبيرة بسبب سنوات من حملات القمع الأمني التي قمعت أي معارضة عامة للعقيدة الدينية.
وتعهد جراح القلب البالغ من العمر 69 عاماً بتعزيز السياسة الخارجية العملية وتخفيف التوترات بشأن المفاوضات المتوقِّفة الآن مع القُوى الكبرى لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 وتحسين آفاق التحرير الاجتماعي والتعدُّدية السياسية.
وفي ظل النظام الإيراني المزدوج الذي يجمع بين الحكم الديني والحكم الجمهوري، لا يستطيع الرئيس أن يقود أي تحوُّل كبير في السياسة بشأن البرنامج النووي الإيراني أو دعم الجماعات المسلحة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط؛ لأن المرشد الأعلى علي خامنئي هو الذي يتخذ كل القرارات بشأن القضايا العليا للدولة.
ومع ذلك، فإن الرئيس قادر على التأثير على نبرة السياسة الإيرانية، وسوف يشارك عن كثب في اختيار خليفة خامنئي، الذي يبلغ من العمر الآن 85 عاماً.
إن بزشكيان مخلص للحكم الديني في إيران ولا ينوي مواجهة صقور الأمن الأقوياء والحُكّام الدينيين، وفي المناظرات والمقابلات التلفزيونية، وعد بعدم معارضة سياسات خامنئي.
وقال بزشكيان في رسالة مصوَّرة للناخبين: "إذا حاولت ولم أتمكن من الوفاء بوعودي الانتخابية، فسأقول وداعاً للعمل السياسي ولن أستمر فيه، لا جدوى من إضاعة حياتنا وعدم القدرة على خدمة شعبنا العزيز".
وبعد سنوات من العزلة السياسية، عاد المعسكر الإصلاحي بقيادة الرئيس السابق محمد خاتمي إلى الظهور، وأعلن تأييده بزشكيان في الانتخابات بعد وفاة الرئيس المتشدد إبراهيم رئيسي في حادث تحطُّم مروحية في مايو/ أيار.
وتتناقض آراء بزشكيان مع آراء رئيسي، وهو تلميذ خامنئي الذي شدد تطبيق قانون يفرض قيوداً على لباس المرأة، واتخذ موقفاً صارماً في المفاوضات المتوقفة الآن مع القُوى الكبرى لإحياء الاتفاق النووي.
وفي عام 2018، انسحب الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب من الاتفاق، وأعاد فرض العقوبات على إيران، ودفعت هذه الخُطوة طهران إلى انتهاك الحدود النووية للاتفاق بشكل تدريجي.
قوة محدودة
وتعهد بزشكيان بإنعاش الاقتصاد المتعثر بسبب سُوء الإدارة والفساد الحكومي والعقوبات الأمريكية.
وبما أن سلطات الرئيس المنتخَب مقيدة بسلطات خامنئي، فإن العديد من الإيرانيين الحريصين على التعدُّدية السياسية في الداخل وإنهاء عزلة إيران في الخارج يشككون في أن النظام الديني الحاكم في البلاد سيسمح لبزشكيان بإجراء تغييرات كبيرة حتى لو حاول.
وقال رجل الأعمال سهراب حسيني (45 عاماً) في جزيرة كيش الإيرانية: "ربما يكون بزشكيان قادراً على تحقيق بعض الحريات الاجتماعية، لكنه سيكون رئيساً ضعيفاً؛ لأن خامنئي وحلفاءه أقوى كثيراً من الرئيس، لكني صوّتُّ له لمنع جليلي من الفوز".
وباعتباره نائباً في البرلمان منذ عام 2008، فقد انتقد بزشكيان -وهو أذربيجاني يدعم حقوق الأقليات العرقية الأخرى- قمع المؤسسة الدينية للمعارضة السياسية والاجتماعية.
في عام 2022، طالب بزشكيان السلطات بتوضيح بشأن وفاة مهسا أميني، وهي امرأة تُوفيت أثناء الاحتجاز بعد اعتقالها بتهمة انتهاك قانون يقيد لباس المرأة، وأثارت وفاتها اضطرابات استمرت شهوراً في جميع أنحاء البلاد.
وقال بزشكيان بعد الإدلاء بصوته في الجولة الأولى: "سوف نحترم قانون الحجاب، ولكن لا ينبغي أن يكون هناك أي سلوك تدخُّلي أو غير إنساني تجاه النساء".
وفي اجتماع لجامعة طهران الشهر الماضي، رداً على سؤال حول الطلاب المسجونين بتهم مرتبطة بالاضطرابات التي اندلعت في عامَيْ 2022 و2023، قال بزشكيان: "السجناء السياسيون ليسوا ضِمن نطاق اختصاصي، وإذا كنت أريد أن أفعل شيئاً، فليس لدي أي سلطة".
وخلال الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن العشرين، كان بزشكيان، المقاتل والطبيب، مكلفاً بنشر الفِرَق الطبية على الخطوط الأمامية.
وكان وزيراً للصحة من عام 2001 إلى 2005 في ولاية خاتمي الثانية.
فقَدَ بزشكيان زوجته وأحد أبنائه في حادث سيارة عام 1994، وقام بتربية ابنيْهِ وابنته بمفرده، واختار ألَّا يتزوج مرة أخرى أبداً.
المصدر: رويتزر - ترجمة: نداء بوست.