معابر التهريب بين لبنان وسورية.. بين سطوة التجار وقبضة ماهر الأسد 

معابر التهريب بين لبنان وسورية.. بين سطوة التجار وقبضة ماهر الأسد 

معابر التهريب بين لبنان وسورية.. بين سطوة التجار وقبضة ماهر الأسد

 

نداء بوست- سليمان سباعي- حمص

شكّلت المعابر البرية الحدودية "غير الرسمية" بين لبنان وسورية التي تمتدّ لعشرات الكيلومترات متنفساً لأبناء مدينة حمص الهاربين من شبح غلاء الأسعار التي فرضتها حكومة الأسد على البضائع الواردة بشكل نظامي إلى الأراضي السورية.

وتفرض حكومة الأسد متمثلة بالضابطة الجمركية ضريبتها المالية على التجار الذين يحق لهم استيراد بعض السلع الغذائية للمساهمة بتلبية احتياجات السوق المحلية، الأمر الذي حمّل الأهالي أعباء إضافية لدرجة لم يعد لدى شريحة واسعة منهم القدرة على شراء هذه البضائع.

معظم أهالي المناطق والقرى الحدودية المتواجدين على الشريط الحدودي الفاصل بين لبنان وسورية وجدوا بإدخال بعض السلع الغذائية مصدراً جيداً للرزق من خلال توفير ما يلزم للتجار المحليين الذين يقومون بدورهم بالعمل على طرح تلك السلع داخل أسواق المدينة يضاف إليها نسبة لا بأس بها من الربح المادي الأمر الذي خلق منافسة محتدمة مع البضائع التي دخلت البلاد بشكل قانوني.

مراسل "نداء بوست" في حمص قال: إن معظم السلع التي يتم إدخالها من لبنان إلى سورية ومنها الزيت النباتي والمعكرونة وحفاضات الأطفال والمعلبات الغذائية بمختلف أصنافها جعلت شريحة واسعة من الأهالي يتوافدون على المحلات التي اشتهرت بتأمينها، رافضين التوجه إلى صالات البيع والمحلات التجارية نظراً لفارق الأسعار فيما بينها.

إلا أن فرحة الأهالي بوجود متنفس لهم لم تَدُمْ كثيراً بعدما أحكم عناصر الفرقة الرابعة بالتعاون مع قادة من ميليشيات الدفاع الوطني قبضتهم على طرق التهريب ضمن مناطق ريف حمص الغربي، والجنوبي الغربي، التي يربطها تماسّ مباشر مع الأراضي اللبنانية، بالإضافة لملاحقة أبناء تلك القرى المتمثلة بوادي خالد على جانبَي الحدود، بالإضافة للقرى التابعة لمدينة تلكلخ (قريات -حالات) وقرى مدينة القصير جنوب غرب مدينة حمص التي مثلت إحدى أهم بوابات عمل المهربين كما هو واقع الحال بما يخص قرى (حوش السيد علي- المعرية- زيتا- العقربية- النزارية).

وشكّل التحالف الذي يربط ما بين قيادات الفرقة الرابعة مع قياديين من ميليشيا "حزب الله" اللبناني خطاً منيعاً أمام حركة التجارة التي أوجدها أبناء القرى الحدودية وبات العمل بمجال التهريب حكراً على المتعاونين مع فرقة ماهر الأسد والميليشيات التابعة لـ "حزب الله"، الأمر الذي منحهم القدرة على التحكم بأسعار المواد بشكل مطلق مشكلين بذلك دويلة صغيرة داخل منظومة الأسد الحاكم.

(م.ظ) أحد أبرز التجار من مدينة حمص أكد خلال حديثه لـ "نداء بوست" عن قيامه بلعب دور الوسيط بين ضباط الفرقة الرابعة من جهة ومجموعة من تجار مدينة حمص من جهة أخرى بناء على أوامر صدرت من قيادي مسؤول ضِمن الفرقة، والذي طلب منه العمل على تشكيل مجموعة تجارية تضم أبرز تجار حمص الراغبين باستيراد بضائع مهربة بعيداً عن الضرائب الجمركية.

وأكد التاجر (م.ظ) التوصل إلى اتفاق ثلاثي بين التجار والفرقة الرابعة وميليشيا "حزب الله" من أجل شراء خط التهريب وفتح الحواجز أمام شحنات البضائع مقابل دفع إتاوة مالية تتراوح ما بين ١٥٠-٢٥٠ ألف دولار أمريكي بشكل شهري، الأمر الذي تمت الموافقة عليه بشرط ألّا يتم السماح لأي مهرب بإدخال أي نوع من البضائع والمواد الغذائية خلال الفترة المتفق عليها.

وأشار (م.ظ) إلى أنه على الرغم من دفع التجار الإتاوات المالية إلا أن أسعارها ما تزال أقل نسبياً من شبيهاتها المعروضة ضِمن المحلات التجارية والتي دخلت البلاد بشكل قانوني.

في السياق ذاته أكد بدوره (سامح.ز) أحد تجار مدينة حمص أن تحالف التجار الذين دخلوا باتفاق مع الفرقة الرابعة تسبب بارتفاع أسعار المواد المهربة من لبنان إلى سورية بنحو 35٪ عن سعرها المعتاد، مضيفاً وجود اتفاق غير معلن بين المتحالفين يقضي بدفع مبالغ مالية هائلة لفتح الطريق أمام سياراتهم، وكذلك لإيقاف عمل المهربين الآخرين لضمان التحكم بأسعار السوق بما يتماشى مع تجارتهم.

واتهم (سامح) التجار بالتسبّب باعتقال وإصابة عشرات المهربين الذين يحاولون إدخال بعض المواد الغذائية باستخدام دراجاتهم النارية بعيداً عن أي ارتباط مع الفرقة الرابعة و"حزب الله" اللبناني.

وبحسب مصادر خاصة فإن قياديين من ميليشيا "حزب الله" احتكروا عملية إدخال المحروقات من لبنان إلى سورية، وذلك بالتنسيق مع حواجز "الفرقة الرابعة" التي لا تمتلك المقدرة على منعهم أو مشاركتهم بأرباح ما يتم إدخاله لسورية، لا سيما أن عملية إدخال البنزين والمازوت وأسطوانات الغاز المنزلي تجري من مدينة القصير الخاضعة بشكل تامّ لسيطرة الحزب.

ويعتمد قياديو حزب الله اللبناني في تجارتهم بالمحروقات على أشخاص من بلدة المزرعة ذات الغالبية الشيعية، والذين قاموا ببناء (أكشاك وبراكيات) على أوتوستراد "حمص-طرطوس" لبيع المحروقات للسيارات "على عينك يا تاجر" في حين لم تفلح حملات التهديد والوعيد التي أطلقها محافظ مدينة حمص نمير مخلوف ابن خال رأس النظام بشار الأسد بإزالتها، والتي أسفرت إحدى محاولاته في شهر كانون الثاني الماضي عن مقتل ضابط برتبة ملازم من مرتبات فرع الجمارك وإصابة ثلاثة عناصر آخرين أثناء محاولتهم تفكيك أحد الأكشاك.

وتشهد مناطق سيطرة النظام خلال الفترة الراهنة تدهوراً جديداً بسعر صرف الليرة السورية أمام باقي العملات الأجنبية حيث سجل سعر صرف الدولار مبلغ 7500 ليرة في الأيام الأخيرة، الأمر الذي انعكس سلباً على أسعار باقي المواد الغذائية، فضلاً عن حملة التضييق التي يفرضها عناصر "الفرقة الرابعة" المتواجدون على الحواجز العسكرية على الطرقات الرئيسية والفرعية بحق التجار الذين يضطرون لنقل بضائعهم بين المحافظات وبين المدينة والريف على حدّ سواء.

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد