ما هي التنازلات التي سيقدمها النظام السوري في القمة العربية؟

ما هي التنازلات التي سيقدمها النظام السوري في القمة العربية؟

نداء بوست-هالة القٌدسي-إسطنبول

"مَن يشترط فليَدَعْ شروطه لنفسه ونحن لم نستجدِ العودة إلى الجامعة العربية، وكنا نحارب الإرهاب" بهذه الكلمات علق وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد على عودة سورية للحضن العربي قُبيل حضور رئيس النظام بشار الأسد القمة العربية المقرر عقدها في 19 أيار الحالي مؤكداً أن سورية لا يمكن أن تغيب عن أي قمة.

قمة الرياض

قبل أن تُعقد قمة الرياض كانت هناك مقدمات لحضور النظام السوري قمة الرياض المزمع عقدها في الـ 19 من أيار الحالي في المملكة العربية السعودية بدأت من الاتفاق السعودي الإيراني وتحسن العلاقات بين البلدين ثم عودة العلاقات بين السعودية والنظام السوري بعد استئناف الخدمات القنصلية وزيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى دمشق تلتها زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سورية وبعدها بقرار عودة نظام الأسد للجامعة العربية تمهيداً لحضوره القمة العربية.

لكن المؤشر قفز بمستويات انتهت بعودة النظام السوري للجامعة العربية بعد اجتماع عمّان التشاوري واجتماع جدة بعد سنوات على سحب مقعد سورية في الجامعة العربية ورفضه المبادرة العربية التي قُدمت له.

وكانت جامعة الدول العربية قد علقت عضوية سورية ممثلة بالنظام في الجامعة العربية، بعد اندلاع الثورة السورية في آذار/ مارس 2011 من العام نفسه، وبقي المقعد شاغراً في كل الاجتماعات وفشلت جهود بعض الدول (تونس) في إقناع العرب بعودة النظام السوري إلى الجامعة العربية، وذلك أثناء استضافتها القمة العربية في آذار/ مارس 2019.

المبادرات العربية

تقوم المبادرة الأردنية التي أعدتها عمان خلال الاجتماع التشاوري -وضم كلاً من مصر والسعودية والعراق وتم فيه طرح المبادرة الأردنية للحل في سورية وأعلن عنها وزير الخارجية أيمن الصفدي عقب لقائه المبعوث الأممي الخاص غير بيدرسون في 21 آذار /مارس- على مبدأ خُطوة مقابل خُطوة بما ينسجم مع قرار مجلس الأمن 2254 ورغم أن بيان عمّان أشار إلى أن الاجتماع جاء استكمالاً لاجتماع جدة في الـ 14 من نيسان الماضي لكن ثمة أموراً مختلفة من حيث الدوافع والشكل والمضمون حيث إن المبادرة السعودية لم تُشِرْ لقرار مجلس الأمن وقرارات الأمم المتحدة والأردنية التي تضمنت خطوات واضحة تنسجم مع قرار مجلس الأمن لكن هل تُوحَّد هذه المبادرات لخلق حل في سورية وتلعب الدول العربية دوراً في إحداث فارق بالنسبة لسلوك النظام بالرغم من المصالح المختلفة للدول التي سارعت للتطبيع مع النظام السوري.

مدى استجابة النظام السوري

مراوغة ليست بجديدة من النظام السوري لاستعادة شرعيته مقابل بنود لا يبدو أنها قريبة التنفيذ، منها مخرجات اجتماع عمان التشاوري وهو مكافحة تهريب المخدرات من سورية إلى دول الجوار ومكافحة الإرهاب وهو بند أساسي للمنظومة العربية وإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، لكن اشترط معاون وزير خارجية النظام السوري أيمن سوسان في لقائه قُبيل انعقاد القمة العربية في جدة إعادة الإعمار والتعافي المبكر قبل إعادة اللاجئين. وهنا لن يكون الأمر مثل انخراط النظام السوري في المبادرة الأردنية لمكافحة الإرهاب وهي سلسلة الضربات التي وجهتها المملكة الأردنية على الحدود السورية الأردنية بعد أن لوح وزير الخارجية أيمن الصفدي بشنّ عملية عسكرية في حال كان هناك تهديد للأمن القومي الأردني.

وعلق الباحث في مركز جسور للدراسات "عبد الوهاب عاصي" حول النتائج المتوقعة من حضور النظام بالقول: إن حضور بشار الأسد القمة العربية يمثل خطوة التطبيع الكاملة مع النظام السوري، وبالتالي إعادة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية معه باستثناء الدول التي ما تزال ترفض أو تتحفظ على قرار الجامعة الأخير. لكن فعلياً لا يُتوقّع فعلياً أن يكون هناك استئناف للعلاقات الاقتصادية باستثناء مشاركة النظام بالاجتماعات الرسمية بسبب العقوبات الغربية وعدم وجود خطة عمل عربية واحدة إزاء التطبيع.

ورأى "عاصي " أنه لن تكون هناك سوى نتائج على المستوى الدبلوماسي في المرحلة الأولى والتي سيعمل النظام بدعم من حلفائه على توظيفها لاستمرار فك العزلة الدولية المفروضة عليه منذ عام 2011."

وحول مدى استجابة النظام للمبادرة السعودية والأردنية بيَّن "عاصي" بقوله: "في الأصل لم تتبنّ الجامعة العربية أيّاً من المبادرتين باستثناء الاسترشاد بهما لتطبق قرارها الأخير بخصوص تطبيع العلاقات مع النظام، بالتالي سيكون لدى النظام فرصة لمزيد من التفلّت إزاء أي خطوات من شأنها إلزامه بتحديد شكل وطبيعة الحل الذي تبحث عنه بعض الدول العربية مثل السعودية والأردن".

واستثنى الباحث "عاصي " بعض الخطوات أو الإجراءات الشكلية التي قد يعلن عنها مثل إقرار عفو عام جديد والإعلان عن افتتاح مراكز تسوية جديدة للسوريين لا سيما في مناطق شمال غرب سورية". على حد قوله.

ورجح "عاصي" أنّ النظام لا يُمكن أن يُقدّم تنازلات باستثناء ما هو شكلي كقرار عدم رفع راية الميليشيات الإيرانية جنوب سورية وإجراء إعادة انتشار لها والتسويق لها كعملية انسحاب وتجريم المخدرات والتنسيق مع الدول العربية مثل الأردن لملاحقة بعض التجار الذين لا يُشكّل مقتلهم أي أثر عليه، إضافة إلى إقرار عفو عام، والإعلان عن عمليات تسوية جديدة، وإعادة بعض اللاجئين بالتنسيق مع الدول الإقليمية بعد مراجعة سجلاتهم الأمنية وبأعداد قليلة وإلى قرى ومواقع محددة.

بدأ الانفتاح على النظام السوري عَبْر إدخال المساعدات الإنسانية إلى سورية بعد كارثة الزلزال في 6 شباط الماضي التي استدعت من خلالها سياسيين كباراً من الأمم المتحدة وزيارات عربية إلى دمشق بذريعة مد يد العون إلى سورية في جملة من الأحداث أتاحت الفرصة للقادة العرب للزعم بأن الحوار مع الأسد ضروري من بوابة “العمل الإنساني” فقط وتقديم الدعم للشعب السوري المتضرر من الزلزال ليستقبل الأسد وزير الخارجية المصري “سامح شكري” في أول زيارة بعد مضيّ 12 عاماً على الثورة السورية، ويبدو أن الزيارات كانت دافئة لبشار الأسد، سبقتها زيارة وزير الخارجية الأردني “أيمن الصفدي” وزيارة وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان.

الملفّ الإنساني الذي اعتُبر أنه البوابة للانفتاح على النظام السوري لفك العزلة الدولية وإعادته إلى المحيط العربي تمهيداً لعودته إلى الجامعة العربية وحضوره قمة الرياض 19من أيار التي حدثت بالفعل في 7 من أيار بقرار من وزراء الخارجية العرب الموافقة على إعادة النظام السوري بعد مضيّ أكثر من عقد على تجميد عضويته.

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد