قصفها وهجَّرها ومن ثَمّ تباكى على إصابتها بالزلزال.. ”نداء بوست” يستعرض مأساة الطفلة شام واستثمار الأسد بها

قصفها وهجَّرها ومن ثَمّ تباكى على إصابتها بالزلزال.. ”نداء بوست” يستعرض مأساة الطفلة شام واستثمار الأسد بها

نداء بوست- إدلب- خاص

عقب نحو 48 ساعة من الزلزال المدمر الذي ضرب منطقة شمال غربي سورية وجنوبي تركيا فجر السادس من شباط/ فبراير الماضي، تصدر مقطع لطفلة عالقة تحت أنقاض منزلها مواقع التواصل الاجتماعي وشاشات التلفزة المحلية والعربية.

وبعد نجاح فرق الدفاع المدني السوري ”الخوذ البيضاء” في إنقاذ الطفلة وإخراجها من تحت الأنقاض، عادت لتتصدر عناوين الأخبار بسبب إصابتها بمتلازمة الهرس، والتي نقلت على إثرها إلى تركيا ومنها إلى الإمارات لتلقي العلاج.

فمَن هي الطفلة شام وما قصتها؟ 

يستعرض ”نداء بوست” في هذه السطور مأساة الطفلة شام التي هجرت وأسرتها من بلدتها قبل أكثر من ثلاث سنوات جراء قصف قوات النظام السوري وروسيا، وإصابتها بالزلزال ومن ثَم استغلال الحدث من قِبل النظام والمتاجرة به.

البداية من ”الخوذ البيضاء”

في الثامن من شهر شباط/ فبراير الماضي، نشرت منظمة الدفاع المدني السوري ”الخوذ البيضاء” والتي تنشط في مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سورية، تسجيلاً مصوراً يُظهر قيام كوادرها بإنقاذ الطفلة شام.

وخلال التسجيل ظهرت شام وهي تحدث أصحاب ”الخوذ البيضاء” من تحت أنقاض منزلها في منطقة أرمناز بريف إدلب، وتطلب منهم عبوة ماء وتقترح عليهم طرقاً لسحبها، وكذلك وهي تدندن معهم أغنية لمنشد الثورة السورية عبد الباسط الساروت تحمل اسمها (يا شام أنت شامنا).

وبعد نحو 40 ساعة من العمل، نجحت فرق الدفاع المدني في إنقاذ الطفلة شام البالغة من العمر تسعة أعوام وشقيقها عمر البالغ من العمر 15 عاماً، وقامت بنقلهما إلى المشفى، حيث سقط سقف المنزل على ساقيها، الأمر الذي أدى إلى بترهما فيما بعد.

شام تدخل إلى تركيا

إثر تدهور وضع شام الصحي وتحذير الأطباء من تأثير إصابتها بمتلازمة الهرس على عمل القلب والكلى، أطلق ناشطون إعلاميون وعاملون في المجال الإنساني نداء استغاثة لإدخالها إلى الأراضي التركية، وبالفعل نجحت الجهود في نقلها وشقيقها في الرابع والعشرين من الشهر الماضي إلى تركيا، ليكونا بذلك أول ضحيتين ينقلان إلى خارج البلاد لتلقي العلاج.

وتم نقل شام وعمر في بادئ الأمر إلى مشفى حكومي في ولاية أضنة، إلا أنه بسبب الضغط وعدد الضحايا الكبير تم نقلها قبل ثلاثة أيام على متن طائرة خاصة تابعة لوزارة الصحة التركية لتلقي العلاج في مستشفى آخر في إسطنبول.

وفي 26 شباط/ فبراير الماضي، بدأت شام وعمر تلقي العلاج في إسطنبول، وحينها ظهر مدير جمعية عطاء للإغاثة الإنسانية خالد العيسى رفقة والد الطفلين وأعلن تولي الدولة التركية العلاج بالكامل في مشفى “تشام ساكورا” والتي تُعتبر المدينة الطبية الأكبر في أوروبا، مشيراً إلى أن الأطباء أكدوا أن ”هناك بصيص أمل لتجاوُز مسألة البتر”.

شام على رادار روسيا والأسد

تزامنت المناشدات والنداءات المطالبة بنقل شام إلى تركيا مع مساعٍ من قِبل النظام السوري وروسيا للاستثمار في قضيتها، حيث زعمت وسائل إعلام موالية أن النظام يحاول ”عَبْر عدة قنوات وساطة روسية وإماراتية إقناع تركيا بتسليم شام وشقيقها إلى الجهات الصحية السورية لإرسالهما إلى الإمارات للعلاج، لينضما إلى 6 أطفال سوريين من حلب واللاذقية وصلوا للعلاج في الإمارات بمبادرة من رئاسة النظام السوري، إلا أن الجانب التركي رفض”.

وفي الثامن والعشرين من الشهر الماضي، تم نقل شام وشقيقها إلى الإمارات لتلقي العلاج، وذلك بعد إجراء عدة اتصالات من قبل القنصلية الإماراتية في إسطنبول مع والدها.

وفي الخامس من الشهر الجاري، نشر ”الهلال الأحمر الإماراتي” تسجيلاً يظهر زيارة حمدان بن زايد آل نهيان إلى شام في المشفى وحديثه مع والدها، الذي قدم له الشكر وأبلغه بأن ”ما لاقوه في الإمارات لم يتلقوه في أي مكان آخر”، إلا أن المفاجأة كانت بعد ذلك بالإعلان عن بتر قدمي الطفلة لاستحالة علاجهما.

ومساء اليوم السبت، نشرت صفحة ”رئاسة الجمهورية” التابعة للنظام تسجيلاً يظهر إجراء أسماء الأسد زوجة رئيس النظام اتصالاً هاتفياً مع شام، زعمت خلاله أنها مسرورة بالحديث مع الطفلة وطالبتها بالقدوم إلى دمشق للقائها.

واللافت في الأمر أن أسماء الأسد تناست أن شام هُجرت قسراً إلى منطقة الزلزال شمال غربي سورية أواخر عام 2019 إثر هجوم قوات النظام والميليشيات الإيرانية بدعم من الطيران الروسي على مسقط رأسها بلدة تلمنس جنوب إدلب، في إطار حملة عسكرية واسعة على المحافظة أسفرت عن تهجير أكثر من مليونِ مدني.

كما أن الإعلان عن الاتصال تزامن مع قصف قوات النظام على محافظة إدلب وريف حلب الغربي المتاخم لها، ما أدى إلى مقتل مدني وإصابة خمسة آخرين بجروح.

وبهذا الاتصال وربما اللقاء لاحقاً تنضم شام إلى قائمة ضحاياه الذين تاجر النظام السوري بمأساتهم، كالطفل عمران دقنيش الذي ظهر يوم 18 آب/ أغسطس عام 2016 على وسائل الإعلام ووجهه ملطخ بالدماء والتراب، وتبدو عليه آثار الصدمة، بعد تعرُّض منزله للقصف ببرميل متفجر من قِبل قوات الأسد، ليخرج عقب سيطرة النظام على مدينة حلب بمقابلة على وسائل إعلام موالية تزعم أن ما حدث كان تضليلاً وأن عمران ”يعيش الآن في كنف الدولة السورية مع جيشها وقائدها وشعبها”.

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد