غصّة" وحنين جارف.. السوريون في هولندا: أين رمضان الذي نعرفه؟
"غصّة" وحنين جارف.. السوريون في هولندا: أين رمضان الذي نعرفه؟
نداء بوست- تقارير وتحقيقات- خاص
صعوبات كثيرة يعيشها اللاجئون وطالبو اللجوء السوريون في هولندا تتمثّل في غياب ملامح وطقوس الشهر الفضيل والابتعاد عن الأهل، لكن هذا العام لم يقتصر الحزن على الفراق والانقطاع عن الأحبة، بل تعدّاه إلى أبعد من ذلك بفعل كارثة الزلزال التي ألقت بظلالها على العديد من اللاجئين وطالبي اللجوء.
إذ يقول لاجئون: إن "الغصة" تضاعفت والألم تعاظم، فبعد 12 عاماً من استنزافهم في حربٍ مع نظام لا يرحم أتت كارثة الزلزال لتزيد من مآسيهم، وتثخن من جراحهم، وتُشعرهم أنهم بحالة عجز عن مساعدة أقرب الناس لهم، وخاصة في شهر رمضان.
(مجد. ش) وهو طالب لجوء من حمص لم يحصل بعدُ على الإقامة ويعيش في "كامب طوارئ" وسط هولندا قال لـ "نداء بوست": نعيش حالة من الحزن والاكتئاب فهذا الشهر لا يكتمل إلا مع الأسرة والجلسات العائلية الرمضانية، ومعظم طالبي اللجوء هنا قلقون من طول مدة الانتظار بعد القرارات الجديدة في هولندا المتمثلة بامتداد فترة الانتظار قبل منحهم الإقامة، وبالتالي كم رمضان عليهم أن يقضوا بمفردهم بعيداً عن أحبابهم؟!.
مضيفاً أن ظروف طالبي اللجوء المادية تؤثر بشكل كبير على نمط حياتهم في رمضان، فمعظم طالبي اللجوء يفضّلون أن يدخروا المصروف الأسبوعي الذي تمنحهم إياه السلطات الهولندية وإرساله إلى أسرهم في سورية وتركيا وخاصة في أعقاب كارثة الزلزال، حيث إن عدداً كبيراً من طالبي اللجوء هنا تأثروا بالزلزال وباتت أسرهم بلا مأوى، ما يعني تقنيناً حتى في الطعام، ومحاولة الاقتصار على الخبز والمعلبات، وما يعني أيضاً عدم شراء أي صنف من مأكولات ومشروبات رمضان.
أما (نسمة) فهي سيدة سورية تعيش مع أسرتها في هولندا منذ 4 أعوام، وحاصلة على الإقامة، وتقطن حالياً في منزلها، فتحدثت لـ "نداء بوست" عن طقوس رمضانية تحاول خلقها في منزلها مع أبنائها وزوجها، مؤكدة أن لا طقوس خارج حدود المنزل"، وأضافت: نحرص أنا وأسرتي على تزيين البيت وإحياء الطقوس الرمضانية مع بعضنا، منها ما يتعلق بالعادات الدينية من صلاة التراويح والمواظبة على ختم القرآن خلال الشهر، ومنها ما يتعلق بتحضير أطعمة رمضان والحلويات والمشروبات المعتادة".
https://nedaa-post.com/%d9%84%d8%a7%d8%ac%d8%a6%d9%88%d9%86-%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d9%88%d9%86-%d9%81%d9%8a-%d9%87%d9%88%d9%84%d9%86%d8%af%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%b2%d9%84%d8%b2%d8%a7%d9%84-%d8%a3%d8%b6%d9%81%d9%89-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%ac%d8%b1%d8%a7%d8%ad%d9%87%d9%85-%d9%85%d9%84%d8%ad%d8%a7%d9%8b/
الحنين مرض اللاجئين
تحدّث معظم اللاجئين عن غياب الطقوس الاجتماعية وملامح الشهر الفضيل في الشوارع والمحال التجارية، يقول مجد: تنتابني مشاعر حزن لا توصف عندما أمشي في الشوارع هنا، فلا أرى بائع معروك، ولا "بسطة" تمر هندي أو عرق سوس، هنا أشعر أنني في عالم آخر، عالم لا يشبهني، وأعود بذاكرتي إلى مدينتي حمص، حيث كان شهر رمضان أجمل شهر في السنة، وفيه نحيي تراثنا الإسلامي وذاكراتنا الجمعية.
أما نسمة فتؤكد أنها تعيش حالة حنين جارفة إلى "الحارة والجيران في دمشق وإلى السكبات الرمضانية والتعاضد الاجتماعي الذي لا وجود له في هولندا". لكنها تشير إلى أن احترام الطقوس من قبل المجتمع الهولندي يخفف وطأة الألم قليلاً موضحة: تفاجأتُ في مدرسة ابني الصغير (9 سنوات) أنهم سينظمون يومَ إفطارٍ جماعي في المدرسة شيء يشبه احتفالات عيد الميلاد، كما أن الهولنديين يحترمون الصائمين ويتقبّلونهم.
https://nedaa-post.com/%d8%b9%d9%84%d9%89-%d9%87%d8%a7%d9%85%d8%b4-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%8a%d8%a7%d8%a9-%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d9%88%d9%86-%d8%b6%d9%90%d9%85%d9%86-%d9%82%d9%88%d8%a7%d8%a6%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%86%d8%aa%d8%b8%d8%a7%d8%b1-%d9%81%d9%8a-%d9%87%d9%88%d9%84%d9%86%d8%af%d8%a7/
الوضع في ألمانيا أفضل!
"على ما يبدو أن الوضع في ألمانيا أفضل"، يقول (مُهاب) وهو طالب لجوء في هولندا لم يحصل بعد على الإقامة لكنه يسافر إلى ألمانيا لقضاء الشهر الفضيل مع ابنته التي تعيش في ألمانيا منذ أعوام، مضيفاً لـ "نداء بوست": لا شكّ أن رمضان يحلو مع الأسرة أما في الكامب فمعظم اللاجئين يعيشون حالة من اليُتم والقهر في رمضان لا توصف.
واستطرد (مُهاب) موضحاً أن الشهر الفضيل لا يكتمل إلا بجمعات الأسر والسهرات الرمضانية، ولأن أعداد السوريين في ألمانيا كبيرة استطاعوا تشكيل مجتمعات خاصة بهم أكثر من هولندا، وبالتالي يستطيعون إلى حدّ ما إحياء طقوس الشهر الفضيل.
وتحدّث مهاب أيضاً عن الوضع الاقتصادي مؤكداً أنه يلعب دوراً أساسياً في إحياء طقوس الشهر، فمعظم طالبي اللجوء في هولندا لم يحصلوا بعدُ على فرص عمل ويعتمدون على المساعدات الاجتماعية وهي شحيحة جداً، أما في ألمانيا فالوضع أفضل من وجهة نظره لأن فرص العمل أفضل وبالتالي الوضع المادي أفضل.