جويل رايبورن يؤكد ما نشره ”نداء بوست“ حول عدم طلب واشنطن من هيئة التفاوض التحالف مع قسد

جويل رايبورن يؤكد ما نشره ”نداء بوست“ حول عدم طلب واشنطن من هيئة التفاوض التحالف مع قسد

"نداء بوست" - سورية - خاص:

نفى المبعوث الأمريكي السابق إلى سورية، جويل رايبورن الأنباء المسرّبة خلال الساعات الماضية حول مطالبة الولايات المتحدة من وفد هيئة التفاوض السورية الذي زار واشنطن بالتحالف مع ”قسد“ والإدارة الذاتية الكردية التي يهيمن عليها حزب العُمال الكردستاني PKK.

وعبر حسابه على موقع "تويتر" شارك رايبورن منشوراً لموقع ”نداء بوست" وعقّب قائلاً: "الأخبار مزيفة، لم يخبر أحد في العاصمة الأمريكية وفدَ هيئة التفاوض أنه يجب عليهم الاندماج مع قسد، ولم ينتقد أحد أنقرة بشأن التطبيع، تم انتقاد سياسات بعض الدول العربية وكذلك سياسات الولايات المتحدة الأمريكية“.

https://twitter.com/joel_rayburn/status/1652781569013084162?t=IJAj1zEJoKnZxIu6-3zsNA&s=19

ويشير رايبورن في تغريدته إلى اللقاء الذي عقده مركز ”هوفر" في واشنطن بحضور وفد هيئة التفاوض ووفد الإدارة الذاتية ممثلة برئيستها سينم محمد تحت سقف واحد. نافياً أن يكون قد تم انتقاد التطبيع التركي مع الأسد خلال هذا اللقاء، وما حدث أن عضو وفد ”قسد“ بسام إسحق هو مَن انتقد عدم الإشارة إلى الموقف التركي وعدم مناقشته من قِبل هيئة التفاوض، موجهاً سؤاله إلى رئيس وفد هيئة التفاوض بدر جاموس.

https://twitter.com/joel_rayburn/status/1652793060521136135?t=cjNM2-2S86Ta3u6JYECGsw&s=19

وغرّد رايبورن موضحاً: "القصة والمصدر الذي أعتبره كاذباً هي قصة (فوكس برس) وليس (نداء بوست)، ليس (نداء بوست) الذي تسبب في نشر الأخبار المزيفة، خطئي كان عدم الوضوح، المصدر الكاذب هو (فوكس برس)“.
حرج المسؤولين الأمريكيين

وكان موقع ”نداء بوست“ قد نشر خبراً أكد فيه عدم وجود طلب أمريكي وُجّه إلى هيئة التفاوض السورية التي زارت الولايات المتحدة بضرورة التحالف مع قوات قسد والإدارة الذاتية المنبثقة عنها، كما يروّج إعلام حزب العمال الكردستاني الذي يحاول زجّ المعارضة السورية في صفقة مشبوهة ضِمن مبادرته الأخيرة التي تنصّ على زيادة التواصل والتنسيق مع نظام الأسد، بمعنى آخر تريد ”قسد“ أخيراً إنجاز مهمة تحمل عنوان ”تطبيع المعارضة مع الأسد“.

من جانبه أكّد رئيس هيئة التفاوض بدر جاموس في تصريحات خاصة لـ ”نداء بوست“ أنه لم يتلقَّ أي طلب من أي مسؤول أمريكي بفتح قنوات اتصال مع ”قسد“، وأضاف جاموس: ”في هذا الوقت يجب أن نُظهر موقفاً متشدداً من التطبيع مع الأسد الذي لن يسمح لأي دولة من الدول التي تعتقد أن بوسعها الضغط عليه بعد إعادة علاقاتها معه لدفعه نحو الحل السياسي بتحقيق أي شيء“.

ويأتي نفي رايبورن السريع ليؤكد الحَرَج الذي يعاني منه المسؤولون الأمريكيون من موقف بلادهم غير الواضح من عملية التطبيع مع الأسد، فهي تغضّ الطرف عن إقبال حلفاء أساسيين لها في الشرق الأوسط على إعادة علاقاتهم مع الأسد، وفي الوقت ذاته لا تزال تطلق تصريحات تنفي موافقتها على ذلك دون أن تضغط على أي منهم لوقف مسار التطبيع مع نظام تعتبره نظاماً مارقاً ارتكب جرائم حرب، وهي التي أصدرت بحقه قوانين قوية، يتساءل كثيرون لماذا هي موضوعة الآن على الرف؟ مثل قانون قيصر وقانون الكبتاغون.
وفي الوقت الذي تُعطّل فيه إدارة بايدن نفاذية تلك القوانين عملياً بسماحها لمن تسميهم ”شركاء على الأرض“ أي ميليشيات ”قسد“ بالتعامل الكامل مع نظام الأسد، وتهاونها مع زيارات قيادات مجلس سورية الديمقراطية ”مسد“ إلى دمشق للقاء مسؤولي الأسد، تكتفي بالتصريحات الخجولة ضد تطبيع دول مثل تركيا والسعودية والإمارات والأردن وغيرها مع النظام ذاته. ويتساءل المراقبون ”لو كانت الولايات المتحدة جادة في رفضها لنظام الأسد، فلماذا لا تتحفَّظ إذاً على تطبيع شركائها في (قسد) معه؟“.

https://nedaa-post.com/?p=72346

مطلب روسي أم ضغط على تركيا؟

هيئة التفاوض، ومنذ تأسيسها، رفضت ضم أعضاء من مجلس سورية الديمقراطية في عضويتها، رغم أن هذا كان مطلباً أمريكياً روسياً مستمراً. ويبدو أن واشنطن لم تفقد الأمل في تحقيق مثل هذا المطلب، مستغلة الظروف المحيطة بالمعارضة السورية حالياً. فهل تدفع تلك المتغيرات هيئة التفاوض إلى تغيير جذري مثل هذا وتضع يدها بيد حزب العمال الكردستاني؟

يشكّل أي تطبيع يمكن أن تُقدم عليه المعارضة السورية ممثلة بهيئة التفاوض مع الإدارة الذاتية الكردية، الفرصة الأخيرة أمام ”قسد“ لقلب الطاولة على تركيا، وهو أمر لوّحت به إلهام أحمد مؤخراً، مؤكدة في مقابلة تلفزيونية أن لدى الولايات المتحدة أوراق ضغط على أنقرة لمنعها من التطبيع مع الأسد، دون أن توضح طبيعة تلك الأوراق التي وصفتها بالسياسية والأمنية.

الرؤية التي تنطلق منها إلهام أحمد تعود إلى مسار طويل من الضغوط السابقة التي مارسها الروس على هيئة التفاوض لضم مجلس سورية الديمقراطية، فالرئيسة التنفيذية لـ ”مسد“ لطالما اعتبرت أن أفق الحل السياسي عبر المباحثات الدولية الخاصة بحل الأزمة السورية في جنيف واللجنة الدستورية تكاد تكون مسدودة. مرجعة ذلك إلى ثلاثة عوامل رئيسية، على رأسها "غياب الإرادة الحقيقية للحل، وإقصاء مكونات شمال وشرقي سورية وإدارتها الذاتية، وتضارب مصالح الدول المتداخلة" في الملف السوري.

واعتبرت أن طبيعة هيكلية هيئة التفاوض وتوزيع أعضائها باللجنة الدستورية، تفتقر إلى التمثيل الحقيقي، داعية إلى تغيير تشكيلة اللجنة الدستورية الحالية، وضم كل الأطراف والجهات السياسية، والابتعاد عن الأجندات الدولية والمصالح الإقليمية التي لا تخدم تطلعات الشعب السوري.

من جانب آخر بدت الإدارة الذاتية في الفترة الأخيرة، كمن يستجدي أي اتفاق مع الأسد يضمن لها سلامة وجودها بعد التطبيع التركي معه. فقد أعلنت مؤخراً بعد سنوات من رفع شعار "روج آفا" وغربي كردستان وغيرها، تمسُّكها بـ"وحدة الأراضي السورية".

ويبدو أن المحاولات الأخيرة لـ"قسد" وإدارتها الذاتية عَبْر التواصل المباشر مع هيئة التفاوض وتوريطها في طبخة مسمومة، تأتي في سياق صراع حزب العمال الكردستاني مع أنقرة، أكثر منها خدمة لنظام الأسد وترتيب أوضاع سورية الداخلية،  وذلك بهدف نزع ورقة المعارضة السورية من يد تركيا وجرّ هيئة التفاوض باتجاه ”قسد“.

ولا تتسامح تركيا مع أي تقارُب يمكن أن يحدث ما بين مَن تعتبرهم حلفاءها في المعارضة السورية، مثل الائتلاف وهيئة التفاوض واللجنة الدستورية، مع تنظيم إرهابي تستهدفه عسكرياً بشكل يومي ويهدّد أمنها القومي، ويجتمع في الموقف الحاسم منه كل من الحكومة الحالية والمعارضة التركية على حد سواء، لا سيما في فترة الانتخابات المرتقبة.

وكانت الإدارة الذاتية الكردية التي تسيطر على ثلاث محافظات سورية (دير الزور والرقة والحسكة) قد أبدت استعدادها للقاء النظام السوري من أجل التوصل إلى حلّ لما وصفتها بالأزمة السورية.

وقالت في بيان: "نؤكد استعدادنا للقاء الحكومة السورية والحوار معها ومع جميع الأطراف السورية من أجل التشاور والتباحث لتقديم مبادرات وإيجاد حل للأزمة السورية"، مناشِدةً الدول العربية والأمم المتحدة وجميع القوى الدولية الفاعلة في الشأن السوري بأن يؤدوا دوراً إيجابياً وفعالاً يُسهم في البحث عن حلّ مشترك مع الحكومة السورية. بمعنى أن تقوم هذه الأطراف بالتوسط للإدارة الذاتية لدى الأسد.

عرضُ الإدارة الذاتية جاء بعد ساعات من زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إلى دمشق التي التقى فيها الأسد، في أول زيارة منذ عام 2011 حين بدأ الأسد ارتكاب المجازر بحق الشعب السوري وتطبيق الحل الأمني الذي رفضته الدول العربية والغربية على حدّ سواء.

وكان وفد من المعارضة السورية قد زار العاصمة الأمريكية واشنطن الثلاثاء الماضي، وتضاربت الأنباء حول طبيعة هذه الزيارة التي بَدَتْ حافلة من ناحية عَقْد العديد من اللقاءات مع الخارجية الأمريكية ومراكز بحثية ومنظمات أمريكية مختلفة.

جاموس أعلن عن لقاء جمعه والوفد السوري المعارض مع باربارا ليف مساعدة وزير الخارجية الأمريكية، بينما اكتفت الخارجية الأمريكية والسفارة الأمريكية في دمشق بنشر صورة جمعت ليف بضيوفها وقوفاً، مع تعليق قالت فيه: إن واشنطن ما تزال متمسكة برفض التطبيع مع الأسد وبالقرارات الأممية المتعلقة بالقضية السورية.

الزيارة شملت لقاءات مع أعضاء في الكونغرس الأمريكي  وعدد من المنظمات الأمريكية، بالإضافة إلى ندوة حوارية انتقد فيها رئيس هيئة التفاوض مسارات التطبيع العربي مع الأسد، فيما تسرّبت أنباء، غير مؤكدة عَبْر السوشيال ميديا، خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، عن أن المسؤولين الأمريكيين أخبروا جاموس ووفده أن الولايات المتحدة لن تفعل شيئاً لوقف التطبيع العربي والتركي مع الأسد، وأن المعارضة السورية أمامها طريق وحيد هو وضع يدها بيد الإدارة الذاتية المنبثقة عن مجلس سورية الديمقراطية الذي يقوده حزب العمال الكردستاني PKK  في شمال شرق سورية.

ولم يَصدُر أي رد رسمي من مؤسسة هيئة التفاوض يؤكد مثل هذه المعلومات أو ينفيها.

"نداء بوست" كان قد سأل عضو الوفد السيدة فدوى العجيلي، في وقت سابق، عن صحة مثل هذه الأنباء، فنفت أن يكون الأمريكيون (الرسميون) قد تطرقوا إلى هذا الطرح، وأكدت أن الحديث اقتصر في كافة اللقاءات على الأوضاع الإنسانية وعلى موضوع التطبيع مع الأسد الذي توافقت فيه وجهتَا النظر الأمريكية والسورية حول رفضه تماماً.

وأن نقاشاً جانبياً جرى مع المبعوث الأمريكي للملف السوري إيثان غولدريتش تناول ممارسات "قسد" في المناطق التي تسيطر عليها، لكن العجيلي أكدت أن المسؤولين الأمريكيين "لم يعرض أي منهم على الإطلاق على هيئة التفاوض مدّ اليد للإدارة الذاتية أو التعاطي مع مبادرتها الأخيرة".

وعلم "نداء بوست" من مصادر خاصة أن محاولات جرت من جانب ممثلي الإدارة الذاتية التابعة لـ "قسد" في واشنطن للتواصل مع وفد المعارضة السورية الذي يزور العاصمة الأمريكية، بهدف جمع هيئة التفاوض مع أعضاء في مجلس سورية الديمقراطية تحت سقف واحد لتشكيل اختراق يحدث لأول مرة، بين الوفد السوري المعارض القادم من إسطنبول وممثلي الإدارة الذاتية التي يقودها تنظيم تعتبره تركيا العدو رقم (1) على لائحة التنظيمات الإرهابية.

وبناء على ذلك كلّه، تبدو أي خطوة محتملة من جانب المعارضة السورية للتقارب مع حزب العمال الكردستاني، إن صحّت، كمحاولة ضغط على تركيا. لتصبّ في سياق الضغط الأمريكي على أنقرة في الملف ذاته، وكما هو معلوم فإن تركيا تشهد دورةً انتخابية حقيقية من بين أبرز أوراق الصراع فيها ملف الموقف من PKK. وقد تم اختبار ذلك حين عرقلت تركيا -وبشكل صارم- انضمام السويد إلى الناتو بسبب استضافة الأخيرة لمؤتمرات عقدتها شخصيات تتبع حزب العمال الكردستاني والإدارة الذاتية المنبثقة عنه في شمال شرقي سورية، بينما وافقت على انضمام فنلندا التي لبت شروط تركيا الدولة المركزية في حلف الناتو بقطع أي صلة مع PKK، على عكس السويد، وفي حال أرادت تيارات أو شخصيات في المعارضة السورية التي تستضيفها تركيا لعب الورقة ذاتها فلن يكون من الصعب عندئذٍ توقُّع رد الفعل التركي.

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد